معاذ بن جبل الإنتحاري الوحيد الذي تم الكشف عن وجهه خلال عرض صور منفذي تفجيرات الأربعاء الماضي، و ظهر يرتدي بذلة رياضية زرقاء ، و شاشا أخضر اللون يلف رأسه فقط عكس الإنتحارين الآخرين أبيض البشر و أسود العينين ، هو في الواقع الشاب بودينة مروان ، من مواليد 1979 ، لا يتعدى 26 عاما ، مستواه الدراسي : سنة ثامنة أساسي ، كان يقوم ببيع السردين و الخضر في سوق باش جراح ، له سوابق عدلية و كان محل شكوى من طرف شقيقه الأكبر أودعها ضده بمركز الأمن الحضري بحي البدر بباش جراح بعد الإعتداء على شقيقته و تهديد والدته. هو من مزرعة بن بولعيد بباش جراح ، حي سكني تنتشر به السكنات القصديرية ، هل كان الفقر وراء هذا التحول الكبير في حياته منذ أقل من سنة ، و هو الذي كان مدمنا على المخدرات و يتعاطى الأقراص المهلوسة ، و كان " عضوا نشطا " في جماعة أشرار ، يلتحق بالتنظيم الإرهابي و ينتحر بهذه الطريقة ؟ شقيقه قال ل" الشروق" : إنه الجهل .... هذه المعلومات ، ليست واردة عن مصالح الأمن التي تجري تحقيقات مع والديه ، و ليست محاولة "لتشويه "الإنتحاري ، بل هي الحقائق التي أفادنا بها شقيقه الأكبر ، عند تنقلنا أمس إلى مزرعة بن بولعيد بباش جراح حيث يقيم الإنتحاري معاذ بن جبل ، وجدنا جماعات من السكان ملتفين ، الحديث كان يدور حتما حول هذا الموضوع ، الذي أخرج حيهم القصديري من اللاإهتمام ، لاأحد أراد توجيهنا إلى بيت " معاذ بن جبل " و يبدو الأمر صعبا " أين يقع بيت ذلك الإنتحاري الذي نشرت صورته في الجرائد و الفضائيات ؟" الكل يتفادانا ، بإستثناء صاحب محل لبيع المواد الغذائية ، حاول تبرير العمل بالإقصاء الذي يواجهه شباب الحي. و تساءل " لماذا لم يفجر نفسه في سوق شعبي ليخلف المئات من الضحايا و لجأ إلى مركز للأمن ؟ لقد إستهدف الحكومة ..من " الغش" (يقصد الحقد) " ، قبل أن يتدخل شخص ملتحي و يؤكد لنا أنه لا أحد كان يتوقع أن يقوم بتفجير نفسه أو تنفيذ عملية إنتحارية " كان يصلي في الأشهر الأخيرة و يبدو أن هذه الأمور خاطيه" سألته مجددا: هل كان يتحدث عن الحرب في العراق أو الإرهاب ؟ ليجيب الكل يتحدث هنا عن هذه الأمور ، صحيح أننا نقيم في القصدير ، لكننا نملك فضائيات " و تدخل شباب كانوا يتابعون حديثنا ليقولوا أن الحقرة تؤدي للعمليات الإنتحارية ، لم نكن واثقين إن كان مزاحا أو إستفزازا ، أو قناعة لدى هؤلاء ... و دلنا شخص ملتحي على المكان ، و تنقلنا إليه عبر منعرج جبلي ، ووجدنا صعوبة في الوصول إليه بسبب تساقط الأمطار التي حولته إلى أكوام من الوحل الأحمر ، في هذه المزرعة يقيم موظفون في الشرطة و الجيش على بعد أمتار من مقر سكن معاذ بن جبل ووصلنا أخيرا إلى بيت قصديري ، أسقفه من الزنك و الترنيت ، المجرى المائي تنبعث من رائحة كريهة جدا ،لفت إنتباهنا وجود كلب في الخارج ، منعنا من الإقتراب ، و عليه كان يجب دق الباب بقوة ، عدة مرات قبل أن يطل علينا طفل في السابعة من عمره. -هنا منزل بودينة؟ هل شقيقك هنا ؟ *نعم ، من أنتم ؟ - ( حاولت استغلال براءته) – هل أنت شقيق مروان ؟ *....(كأنه تلقى توصيات) ...لا أعرفه -إذن نادي على شقيقك أو أمك تطل علينا سيدة شابة تبدو متوترة : من أنتم ؟ ماذا تريدون ؟عما تبحثون؟ -لا أستطيع الصراخ و الكلب يمنعني من الإقتراب ، رجاء هل أتحدث إلى رجل. و يخرج شاب في الثلاثين ، يقترب نحونا ، نشرح له هويتنا ، يتردد ، نستسمحه لكن نلح عليه للحديث لدرجة الرجاء ، يخضع ، يعتذر لنا ،لأنه لا يمكنه إستضافتنا في بيته الضيق ، و ينطلق في الرد على أسئلتنا ، و أكد عدم إمكانية لقاء والدته لأنها مريضة و مصدومة ... مروان كان مدمنا على " الكاشيات" و طرد من البيت لإعتدائه على شقيقته مروان بودينة ، هو الإسم الحقيقي لمنفذ تفجير الأربعاء ، من مواليد 1979 بالعاصمة ، هو الطفل الثالث في ترتيب إخوته 11، والده أعاد الزواج مرة أخرى و إستقر ببوروبة ، والدته كانت تعمل منظفة في ثانوية بباش جراح ، لمواجهة مصاريفهم ، لم يكمل مروان دراسته و توقف في السنة الثامنة أساسي ، لم يكن تلميذا نجيبا عكس شقيقه الكبر منه الذي كان الأول على مستوى ثانوية الكالتوس بباش جراح ، قبل أن يختفي في ظروف غامضة عام 1994 . وأبلغت مصالح الأمن عائلته أنه إلتحق بالنشاط المسلح ، لكن شقيقه يعتبره مفقودا " كثيرا ماتحدثت مع مروان عنه ، قلت له "كلخولوه "، لم يكن يؤيد الجماعات الإرهابية ن مروان خاطيه " قبل أن يحدثنا عن مراحل الإنحراف في حياة شقيقه ، ووجد الفضاء الخصب في هذه المزرعة ، التي تعرف إنتشارا للآفات الإجتماعية من تعاطي الزطلة و الكحول و الإعتداءات ، مروان تحول إلى بيع السمك و الخضر و الفواكه ، في سوق باش جراح ، كانت تلاحقه الشرطة ككل الباعة الفوضويين و كان كل مساء يجتمع برفاق السوء حول" الكاشيات " ، و شارك في عدة إعتداءات بالسلاح الأبيض في تصفية حسابات بين الجماعات الإجرامية ، و أصيب بجروح بعد إعتداء مسلح عليه من طرف لصوص مواشي ، زعموا أنه من وشى بهم عند التحقيق معه من طرف مصالح الأمن ، شقيقه الذي أصبح رب العائلة إشتكى كثيرا من سلوكاته ، خاصة تعاطيه الأقراص المهلوسة ، و عدوانيته ، لكنه ينفي أن تكون كانت لديه ميولات "إسلامية متطرفة ، بدليل أنه كان يقوم بدعاوي الشر ، لايصلي و لا يحترم أحدا" ، قبل أن يضيف شقيقه أنه أبلغه بأنه يشتغل في ترصيص معهد الإجرام التابع لقيادة الدرك الوطني ببوشاوي ، و مسكن السيدة زرهوني ، ووزارة المالية و عدة مؤسسات عمومية و أمنية " لم يمانع أو لديه مثلا ملاحظات معينة أو سلبية تكشف لي ميولاته" . من السيف إلى الكلاشينكوف ظل مروان على هذه الحال ، قبل أن يقوم خلال رمضان 2005 ، بسرقة مصوغات شقيقته ، و إعتدى علينا في جلسة عائلية ، لفظيا بكلام بذىء و غير مقبول ، " كان تحت تأثير المخدرات و عندما حاولت التدخل ،أشهر في وجهي سيفا كبيرا ، كان أمرا مرعبا ، عندها تدخلت والدتي لفض الشجار فقام بتهديدها لفظيا ، لأقوم بإيداع شكوى ضده لدى مركز أمن البدر باش جراح ، حتى لايقترب مجددا منا لأنه أصبح خطرا " ، و غادر البيت ، و لم نعد نراه لكني علمت أنه لايزال يعمل في سوق باش جراح ، كان ذلك في رمضان سنة 2005 ، قبل أن يتكرر السيناريو رمضان الماضي 2006 " و يروي أنه تم الإتصال به ، من المنزل لإبلاغه أن مروان حضر إلى البيت ، بعد أن بلغه أن شقيقته تشتغل في شبه الطبي " كان ثائرا و عارض الفكرة ، و حضر إلى البيت ، وقام بتخريب أشرطة غنائية ملكي ، كان غريبا ، يحمل لحية ، ما بلغني أثر في كثيرا لأني لم أستوعب تغيره بهذا الشكل و في وقت قياسي " ، قبل أن ترد إليه معلومات تفيد بأنه يتردد على مسجد "شراطي " ببوروبة ، مع بعض الشباب ، " لكن لم أكن أتوقع أبدا أن ينفذ عملية إنتحارية ، هناك موجة وسط الشباب الذين أصبحوا يرتدون قمصان و لحى ، أخي لا ، كان تاع كاشيات" أسأله : هل تعتقد أن التنظيم الإرهابي إستغل مثلا فقره و عزل أهله ، وربما تأثره لما يحدث في العراق؟ ، ويتدارك شقيقه ليؤكد انه لم يكن يصرف على البيت أو عليها ومن هنا كنا نرفض سلطته . *لا ، لا أعتقد ذلك ، لقد إستغلوا جهله ، أخي مات لكن أقول ماعندو والو في الراس ، الدين الإسلامي يعارض هذه العمال الإرهابية ، ما فعله لرهيب - أقول له أن الله يتكفل بوالدته لأنها قد تكون متأثرة بفقدان فلذة كبدها ، و هذا أمر صعب عليها مهما كان عمله بعبارة " ياحليلها" *لا ، يا حليل الناس الذين ماتوا ، ما ذنبهم ، أخي كان يجب ان ينتحر في فلسطين ضد اليهود ، ما معنى قتل البوليسية؟ آه ، ما معنى إستهدافهم ، إنهم جزائريين و مسلمين ، لن نقبل بما حدث مهما كانت التبريرات ، الجهاد هناك في العراق ، في فلسطين إن أرادوا و ليس هنا ...يصمت متأثرا :أعذروني ، لا يمكن انسان عاقل و سليم و سوي ان يقوم بذلك ، أرجح انه فعل ذلك تحت تأثير المخدرات والجماعات الإرهابية تستغل اليوم هؤلاء ..والله و يحضر أقرباء لزيارتهم ، ربما للإستفسار عما حدث أو لمؤازرة العائلة ، لكن بعض المصادر من محيط مقربيه ، تفيد أن مروان عندما تحول إلى معاذ ، أصبح يتردد على كوخ شاغر في أعالي المزرعة ، مع إثنين من رفقائه منذ حوالي شهر ، ملتحين ، تنبعث أصوات أشرطة القرآن الكريم منه ، دون تفاصيل ....قبل أن تكشف التفجيرات عن " المخطط" هناك ... لقاء : نائلة.ب:[email protected]