نائلة.ب ...هم شباب كغيرهم يرتدون ملابس عادية وليس "القميص" يضعون "الجال" على شعورهم ولا يحملون لحي ، يشاهدون "البارابول" ويدخلون قاعات الشاي والمقاهي، ويشاركون في مقابلات كرة القدم بأحيائهم . ليسوا أشخاصا معزولين إجتماعيا وحياتهم كانت عادية جدا وهادئة يستيقظون ذلك الصباح مثخنين بالمشاكل لكن لديهم أحلامهم الخاصة قبل أن يتحولوا إلى "قنبلة بشرية" ولم يثيروا أبدا شكوكا في إنتمائهم لما بات يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لكنهم كانوا لا يعلمون عن الدنيا إلى القليل. استغلت قيادة درودكال يأسهم وحماسهم وفراغ حياتهم لتجعلهم ما يعرف بالانتحاريين وكانوا بالنسبة لها الجرعات المنشطة في تنظيم إرهابي بدأ يفقد كيانه وتراجعت قوته...هؤلاء هم الإنتحاريين الجدد الذين لم يخرجوا من الجزائر وحتى من "الحومة " أحيانا ولم يعرفوا بلدانا أخرى لانزال نجهل الكثير منهم وعنهم ولانزال مهددين ب"غزوة غدر" أخرى وقد يكون منفذوها أبناء حينا وأشخاصا نعرفهم ويعيشون بهدوء بيننا لكننا قد نتفاجأ ببث صورهم في شريط فيديو يتبنى عملية إنتحارية ونتساءل حينها فقط : هل قاموا بهذا الفعل عن وعي أم عن دون وعي ؟. مروان .."يما " سأقوم بفعل يتحدث عنه العالم كله إكتشف الجزائريون صبيحة 11 أفريل سنة 2006 مصطلح " الكاميكاز" من خلال تنفيذ إعتداءين إرهابيين بإستعمال سيارات مفخخة إستهدفت مبنى رئاسة الحكومة ومقر الأمن الحضري بباب الزوار ونفذ العملية الأولى شاب يدعى مروان بودينة الذي تحول إلى "معاذ بن جبل" ونقلت جميع وسائل الإعلام الوطنية والدولية قصته التي أخرجت مزرعة بن بولعيد بأعالي المقرية إلى الوجود . مروان لم يتجاوز 28 عاما من العمر تنقل للعيش بمسكن والده ببوروبة مع زوجة أبيه وهجر الكوخ الذي كان يتقاسمه مع 11 أخا وأختا وروت والدته وشقيقه الأكبر نور الدين أنه كان مصدر مشاكل وكثير الشجار مع أفراد عائلته ولديه سجل من الإعتداءات التي إرتكبها بواسطة سلاح أبيض وكان مروان يقتل فراغه وضياعه أيضا في استهلاك المخدرات والأقراص المهلوسة، كان كذلك وهو الذي طرد من المدرسة مبكرا وأصبح يبيع السردين والسجائر قبل أن يتحول في ظرف 3 أشهر إلى شاب ملتزم يصلي وتحاشى أصدقاء السوء وأصبح يتردد على المسجد وقال الجميع " أن الله هداه" خاصة في ظل موجة التزام العديد من الشباب مؤخرا لكن لا أحد كان يعلم أن مروان سيصبح "كاميكاز" مبنى رئاسة الحكومة، لم يكن يملك "بروفيل" هؤلاء ليس حماسيا أو مندفعا،لم يكن يكره "الدولة"( النظام) ولا أمريكا ولم يكن من المتابعين للأخبار على قناة " الجزيرة" أو يقرأ الجرائد والصحف كان مهتما قليلا برياضة كرة القدم . كان مروان حسب رفقائه الذين لايزالوا يتساءلون عن حقيقة "إنتحاره" يجد متعته في "سيجارة ملفوفة" تنسيه الغبن والمشاكل العائلية ومأساته في حي قصديري غارق في مختلف المشاكل والآفات الإجتماعية، يؤكدون أنه كان حامي الطبع يثور لأتفه الأسباب وكان يتشاجر مع شقيقاته فقط "من باب الرجلة" وحتى يكشف للجميع أن لديه سلطة على العائلة حتى ولو كان بطالا . كان مروان الفتى الأوسط يعاني من أزمة هوية أو وجود وكان يريد إثباث وجود هذا الشخص الذي ألغته مشاكله الإجتماعية بعد أن إجتمعت عليه بعد إنفصال والديه عند الكبر، البطالة، أزمة السكن فهرب إلى المخدرات لكنها لم تحقق له شيئا وإعتقد أنه وجدها في صفوف "القاعدة". مروان إتصل بوالدته يومين قبل العملية، شقيقه نور الدين قال ل"الشروق" إنه ألح عليه عند إتصاله هاتفيا به للحديث إلى والدته ليطلب منها العفو والسماح على ما سببه لها من متاعب وهي التي إنحنى ظهرها بسببها عملها منظفة في المؤسسات التربوية لإعالة 11 فما بعد تنكر زوجها الذي هجرها نحو بيت آخر "لكني قلت له أخطينا " هكذا روى لنا نورالدين رغم إلحاح مروان ولم يعبر لنا على الأقل عن شعوره بالندم لعدم إتاحة "آخر فرصة له" وهل كان الحديث مع أمه سيساهم في تراجعه عن أبشع فعل إتجاه نفسه قبل كل شىء وكان رد فعل والدته "غير طبيعي" لأنها لم تتحدث كأم أبدا في لقائها ب"الشروق " ولم تكتف بإنتقاده لكنها عددت مساوئه (...) كانت تحت الصدمة لكنها تمسكت بموقفها . و تفيد المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي"، أن مروان إتصل بوالدته شخصيا وتحدث إليها رغم تكتمها عن الأمر وقال لها "إعلمي أني سأقوم بعمل سيتحدث عني العالم كله" وهو ما تأكدت منه "الشروق" من مصادر قريبة من التحقيق في القضية . مروان لم يكن يبحث عن "الشهادة" وهو الذي إلتحق بالتنظيم قبل شهر فقط من تنفيذ العملية بحسب متابعين للشريط الذي ظهر فيه و هو يقرأ وصية باللغة العربية الفصحى التي لا يجيدها كثيرا وتلعثم عدة مرات و قرأ الآيات القرآنية من الورقة ويبدو أنه لم يكن يحفظها كثيرا لكنه ظهر ك"ممثل" في الشريط وكان يرفع إصبعه إلى السماء متوعدا مهددا ، ورحل مروان مخلفا وراءه سؤال طرحته عائلته ورفقاءه وأبناء حومته "كيف إقتنع بهذا الفعل ؟" . يقول خبراء درسوا شخصيات الإنتحاريين في الجزائر "إنهم شباب طري العود ومحدودي التجربة الميدانية " وعليه يسهل إقناعهم ويقول خبير أمني يشتغل على الملف إتصلت به "الشروق اليومي " "إنهم أشبه بوعاء فارغ من السهل أن يتم حشوه بمجموعة من الأفكار العاجلة والعبارات العاطفية المهيجة والمؤثرة " ويلعب هؤلاء على الحياة المريرة التي عاشها الشخص . مروان لم يغادر أبدا الجزائر لم يزر بلدا أوروبيا ولم يتنقل للعمل أو الفسحة في ولاية أخرى كان كثير التنقل بين باش جراح ولامونتان (بوروبة )وهي أحد معاقل الجماعات المسلحة وتم في الأشهر الأخيرة توقيف 5 أشخاص يقيمون في هذا الحي الذي إرتبط إسمه بالبؤس والفقر والآفات الإجتماعية لكنه بدا في الشريط مفتخرا بتقمص "النموذج الجهادي لأسامة بن لادن ليصبح رمزا بعد أن تقمص "معاذ بن جبل" و إرتدى القميص والقبعة وحمل "الكلاشينكوف" وهو الذي كان مسلحا بخنجر وسيف إستعملها في الإعتداء على الآخرين . ويضيف الخبراء أن الشباب مثل مروان تستهويهم قصص المغامرة والعنف أكثر من حكايات الخطاب المنطقي والسياسي المقنع ولذلك تم إخضاعه للأقراص المضغوطة التي تتحدث عن القتال في العراق "ولاننسى أن الشباب إندفاعيين إذا فشلوا أصيبوا بإنتكاسة ورد فعل أكثر ألما و إرتدادا وقد يقودهم لليأس و العمل الإنتحاري "وهذا ماحدث لمروان الذي كانت حياته مليئة من الإنتكاسات وتم طرده من البيت وعانى من الإقصاء . صهيب أبو مليح .. الفلاح الذي تحول إلى "كاميكاز" الأخضرية لاتختلف قصة حفيظ محمد الانتحاري الذي نفذ الاعتداء الذي استهدف ثكنة للجيش بمدينة الأخضرية ولاية البويرة بشاحنة مفخخة عن ظروف مروان ، هو من بلدية لقاطة دائرة برج منايل ولاية بومرداس.. وكشفت تحريات "الشروق اليومي" أن الانتحاري حفيظ محمد المكنى في تنظيم "القاعدة" باسم "صهيب أبو مليح" يبلغ من العمر 25 عاما نشأ يتيم الوالد، وهو ينحدر من عائلة انخرط عدد من أفرادها ضمن الجماعات الإسلامية المسلحة "الجيا" ثم الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحولت إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" حيث كان اثنان من أفراد العائلة ضمن أبرز الناشطين في التنظيم المسلح هما حفيظ فاروق، الذي كان ينشط ضمن سرية "الأرقم" بمنطقة زموري وحفيظ أحمد الذي كان ينشط ضمن سرية "الأنصار" بنواحي برج منايل. وكان حفيظ محمد المكنى "صهيب" قد التحق بالتنظيم المسلح العام الماضي ضمن سرية "الأنصار" بعد أن ورطه سعداوي عبد الحميد المكنى "يحيى أبو الهيثم" أمير المنطقة الثانية في تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" رفقة عنصر آخر يدعى ندرومي عبد المالك في تنفيذ اعتداء إرهابي راح ضحيته عدد من المدنيين. وبعد فترة وجيزة أخبره "يحيى أبو الهيثم" أن مصالح الأمن تبحث عنه، وهي طريقة كانت تعتمدها الجماعات الإرهابية حتى يضطر أفراد شبكات الدعم والإسناد للإلتحاق بالجبل نهائيا وفعلا تم ذلك وكلفه بالنشاط ضمن خلية الإختطافات حيث كان يشرف على نصب حواجز مزيفة ضد رجال الأعمال والمقاولين والتجار في منطقة القبائل وكان يتكفل بجمع أموال الفدية ومنحها مباشرة إلى أمير المنطقة الثانية "يحيى أبو الهيثم".. وبعد إعلان تحول تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" إلى تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" قرر عبد المالك درودكال المكنى "أبو مصعب عبد الودود" إبعاد "يحيى أبو الهيثم" من إمارة المنطقة الثانية وتعويضه بالمكنى "سفيان فصيلة"" وبعد فترة وجيزة حول "صهيب" من سرية "الأنصار" إلى قيادة التنظيم حيث بقي هناك يخضع للأوامر مباشرة من "أبو مصعب" الذي كلفه بتنفيذ العملية الانتحارية التي استهدفت ثكنة الجيش بالأخضرية الأربعاء الماضي. و"صهيب"لم يغادر التراب الجزائري ولو لمرة واحدة إلى الخارج مثله مثل مروان وكانت حياته بائسة أيضا جعلته الظروف المعيشية الصعبة ينقطع عن الدراسة في الطور الابتدائي ليتفرغ للفلاحة على مستوى قطعة أرضية قريبة من مسكنه يتيم الأب، وله أخوان أكبر منه سنا ضمن الجماعة الإرهابية لم يكن يقرأ الجرائد أو يتابع القنوات الفضائية لكنه كان يغيب عن قريته بصفة لافتة قبل أن تروج أخبار عن التحاقه بالجبل تحت لواء سرية لقاطة التي تتخذ من المنطقة مركزا لها، وتنشط على مستوى كل من زموري وبرج منايل، و رأس جنات، وقد شوهد بعدها حوالي مرتين بالقرية قبل أن يختفي نهائيا منذ حوالي الشهرين حيث بقي مصيره مجهولا إلى غاية انتشار خبر تنفيذه العملية الإنتحارية. الزبير أبو ساجدة ..أب رضيعة الذي ظل وفيا لوالدته وكان الإنتحاري الزبير أبو ساجدة الوحيد الذي ظل ملثم الوجه في الشريط الذي تبنت فيه "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وهو الوحيد أيضا الذي بدا صامتا ولم يتحدث كثيرا ولم يبتسم مطلقا ووجه تحية خاصة لوالدته في وصية الوداع التي قرأها في الشريط. وتفيد المعلومات المتوفرة لدى "الشروق" أن الشاب الذي ظهر في شريط القاعدة" على أساس أنه أحد الإنتحاريين الثلاثة الذين نفذوا تفجيرات العاصمة ذات 11 أفريل الماضي إسمه ميموني صابر من ضواحي ولاية تيارت ، وكان كثير التردد على البيت العائلي الواقع بعين البيضاء ببلدية السانية بوهران لزيارة عائلته المتكونة من إخوته، أمه المطلقة، زوجته وابنته الصغيرة ''ساجدة''• وتفيد المعلومات المتوفرة بأن ميموني كان عضوا نشطا في شبكات الدعم والإسناد وقد تم إعتقال شقيقه لهذا السبب • أبو دجانة .. الإنتحاري "المفقود " الإنتحاريون الذين نفذوا إعتداءات العاصمة والأخضرية لا تتجاوز أعمارهم 28 عاما وهم حديثي العمل المسلح بإستثاء "أبو دجانة" وإسمه الحقيقي بن شهاب مولود المدعو حسين الذي إلتحق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال سنة 1998 وكان ينشط تحت إمارة عبد الحميد سعداوي أمير المنطقة الثانية في الجماعة هو من مواليد يقيم بحي يوغرطة بالعاصمة وكانت والدته في لقاء سابق ب"الشروق" يوما بعد تفجيرات 11 أفريل قد أكدت إنه مفقود منذ 10 سنوات بعد أن "هرب من ملاحقات الشرطة عند خروجه من السجن" لكنها أبلغت عن اختفائه في 25 أوت 1994 وقد أودع شقيقه وهو توأمه عبد الرزاق، الحبس بسركاجي، منذ 5 أشهر فقط، لتورطه في هتك عرض قاصر . وكان عمر "أبو دجانة" 44 عاما عند تنفيذ العملية الإماراتية وهو من مواليد 1963 الثاني من مجموع 5 إخوة ذكور أحدهم توفي طبيعيا وترك 3 فتيات وولد، "هرب من ملاحقات أفراد الأمن له، بعد خروجه من السجن، بعد أن قضى سنوات في مؤسسات عقابية بسركاجي، البرواقية وورقلة حسب رواية والدته لكن" . المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي" تقول أنه أودع الحبس لتورطه في جرائم القانون العام، منها إستهلاك والترويج للمخدرات، وهو أعزب وكان محل بحث لدى مصالح الأمن على أساس أنه إرهابي إلتحق بالنشاط المسلح تحت لواء "الجماعة السلفية للدعوة والقتال". بدا مكشوف الوجه في الشريط الذي تبنى تفجيرات 11أفريل بالعاصمة لكنه لم يقرأ وصية، لم يبتسم كان فقط يتوعد بإصبعه وهو يقود سيارة 504 بيضاء اللون مغطاة بالأزرق لتحضير العمليات والأهداف . إنتحاريون ..بدافع "الرجلة" هؤلاء رحلوا جميعا في عمليات إنتحارية كانت بمثابة جرعات أكسجين لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الذي كان يسعى لتنفيذ عمليات تحقق له الصدى الإعلامي لإعادته إلى الواجهة خاصة وأنه لم يتحقق له ذلك منذ إلتحاقه بتنظيم "القاعدة" ومباركة الظواهري لذلك رسميا وعلنا وفي الواقع لم يكن ذلك إلا غطاء إستغلته قيادة عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود ) لكن مشاريع الإنتحاريين قد يكونون طلقاء بيننا. وأوضح تائبون سلموا أنفسهم حديثا أن التطوع للقيام بهذه العمليات يكون من خلال إدراك القاعدة وحرصها على حرية مبادرة الشباب وحتى للمنضوين الجدد ليصبحوا "إنتحاريين طلقاء" يتحركون بحرية ويمارسون حياتهم بصفة عادية لا تثير الشكوك . لكن المثير في شهادات التائبين التي إطلعت عليها "الشروق" أبرزها شهادة الشاب أ. زهير من المحمدية شرق العاصمة الذي سلم نفسه حديثا لمصالح المن بعد أشهر من إلتحاقه بالعمل المسلح أن التطوع لتنفيذ العمليات الإنتحارية يكون "بدافع الرجلة" لأن العديد من الشباب الحماسيين يرفضون العرض الذي يعلن عنه في جماعة و لا يمكن لأحد من هذا الباب أن يتردد أو يلتزم الصمت لأنه سيتهم لاحقا بالتخلف عن الجهاد والخوف والجبن لكنه يتدارك ليؤكد أن "الشباب بعد إدراكهم واقع الجبل وأنهم لن يلتحقوا بالمقاومة العراقية كما خططوا يسارعون لتسليم أنفسهم ". ويتوقع خبراء أمنيون إستمرار "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في تنفيذ عمليات إنتحارية على خلفية شهادات وتصريحات التائبين والإرهابيين الموقوفين الذين أكدوا "أنهم لم يخضعوا لتدريبات قتالية في الجبل على السلاح والمواجهة ونصب الكمائن والحواجز المزيفة " ما يفسر تجنيدهم كقنابل بشرية "ليس منفذوها بحاجة إلى تدريبات".