تؤدي مساجد الجمهورية، اليوم الجمعة، صلاة الغائب على أرواح ضحايا تحطم الطائرة العسكرية بمنطقة بوفاريك التي راح ضحيتها 257 شخص كانوا على متنها تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية التي تسهر على تنفيذها وزارة الشؤون الدينية، كما يكيّف أئمة الوطن خطبة الجمعة مع الكارثة الأليمة التي حلّت ببلادنا، حيث تصدح حناجر الأئمة بالدعاء لشهداء الوطن وبأن يرزقهم الله الجنة وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان ويجزيهم عنهم خير الجزاء. وأوضح محمدي نور الدين، مدير التوجيه الديني والتعليم القرآني على مستوى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في حديثه للشروق أن وزارته لا تقيّد الإمام بخطبة معينة وتترك له سلطة التقدير في الاختيار، مستطردا أن الأئمة الجزائريين معروفون بروح التضامن وحب الوطن والوقوف إلى جانبه في الكوارث والمحن التي تحل به على غرار ما حدث البارحة، أين فقدت الجزائر 257 شخص من خيرة أبنائها. ودعا محدثنا الأئمة إلى أن يكونوا في مستوى الفاجعة وأن يتضامنوا مع عائلات الضحايا ودعاهم إلى مؤازرتهم وتوصيتهم وتذكيرهم بالصبر الجميل عند المواجع والالتفاف حول الوطن والدعاء لإبعاد المصائب عن شعبنا وبلدنا. وفي المقابل، أوضح محمدي نور الدين أنّ وزارته تصر وتلح على ضرورة إقامة صلاة الغائب في كافة مساجد الجمهورية وذلك بناء على تعليمة وجهها رئيس البلاد ويسهر وزير القطاع على متابعتها ومتابعة كافة مستجدات الفاجعة. وفي السياق، أوضح رئيس المجلس الوطني للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف، جمال غول أن خطب الجمعة هي محل اجتهاد من قبل الأئمة ومن المؤكد أنّ الغالبية إن لم نقل كل المساجد ستتناول الفاجعة الأليمة التي لحقت بأبنائنا إثر سقوط الطائرة العسكرية، وهو أقل شيء لمشاركة الضحايا وأهاليهم آلامهم ومصيبتهم، فهم كما قال "أبناؤنا ونتشارك معهم أحزانهم". وأضاف غول أن الجمعة هي إحدى المحطات الهامة في حياة الجزائريين والتي لا شك تشارك من خلالها المساجد والأئمة الجزائريين أحزانهم ومصائبهم كما أن الإمام يسعى في مثل هذه اللحظات العصيبة إلى مواساة عائلات الضحايا وتوجيههم التوجيه الصحيح للصبر والرضا بقضاء الله وقدره والتسليم بذلك وكذا الدعاء بالرحمة والتفريج عن المهمومين في وقت المصائب، ففي مثل هذه الأوقات العصيبة تضيع البوصلة وقد يقولون ما لا يرضي الله والموجه طبعا هو الإمام والمساجد بشكل عام فالحادثة كارثة عظيمة تهد الجبال الرواسي لكن رغم كبر المصيبة لا بد من التسليم بقضاء الله وقدره. أمّا عن صلاة الغائب التي ستؤدى بكافة مساجد الوطن فهي حق الميت على الحي لا سيما بالنسبة لمن لم يستلم أهله جثّته ولم يعثر عليها، يقول غول. من جهته، أفاد جلول حجيمي الأمين العام للتنسيقية الوطنية لموظفي الشؤون الدينية والأوقاف بأنّ هذه الفاجعة التي ألمت بأبناء وطننا مؤلمة جدا لكلّ الأمة المسلمة، مشيرا إلى أن الشعب الجزائري مهما يكن يتعاون وهو معروف بالتناصر والتناظر والتآزر. ولفت حجيمي الانتباه إلى أنّ صلاة الغائب عبر مساجد الوطن تلملم الجراح روحيا لكل فئات المجتمع وتشعرهم بأنهم ليسوا لوحدهم في المصاب الجلل كما أننا بذلك نحيي سنة من سنن الرسول عليه الصلاة والسلام. واستعرض حجيمي، ما يتعين على الإمام القيام به في مثل هذه الأحداث الأليمة، مذكّرا بفضل ودرجة شهداء تحطم الطائرة الذين حرسوا البلاد من الأخطار التي تهددها وفق حديث رسول الله "عينان لا تمسهما النار عين باتت تحرس في سبيل الله..". ولابد أن نترحم عليهم ونذكّر بخصالهم وندعو كل الناس إلى زيارتهم وتعزيتهم ونسعى إلى مرافقة الأسر لأن بعضهم فقد أسرة بكاملها وهذا كما يقول المتحدث واجب وطني وديني. وفي السياق، سيهدي أئمة ومشايخ بعض الزوايا ختمة للقرآن الكريم لأرواح الضحايا الذين نحسبهم شهداء عند الله، فالجميع مجند لما للإمام من مكانة ووقع على النفس فالمصابون في مثل هذه الحالات يستريحون للإمام وحديثه وتذكيره لما وعدنا به ربنا في الآخرة.