ضرب تلاميذ الأقسام النهائية بالإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارة التربية للحد من ظاهرة هروب تلاميذ النهائي من الأقسام الدراسية عرض الحائط، فقد تزايد أعداد التلاميذ الهاربين حتى بات الأساتذة يقدمون الدروس في أقسام شبه خالية، بعدما أصبحت الدروس الخصوصية بديلا يرونه الأنسب للحضور اليومي في الثانويات. أكد العديد من أساتذة التعليم الثانوي تسجيل الكثير من حالات الغياب في أقسام النهائي، حيث قاطع غالبية التلاميذ الدروس المقدمة في الثانويات بداية من الفصل الثاني عكس السنوات الماضية، وكانوا يقاطعون الدراسة بداية من الفصل الثالث ليتطور الأمر سريعا هذه السنة، حيث وجد بعض الأساتذة في إحدى الثانويات بباب الزوار أنفسهم يقدمون الدروس لتلميذة واحدة في القسم، أما في ثانوية بحسين داي فعدد التلاميذ الحضور في القسم النهائي لم يتجاوز السبعة، في حين طلب مدير ثانوية بولاية معسكر من أستاذة فلسفة عدم الحضور لمدة ثلاثة أيام بسبب غياب التلاميذ، وهي عطلة قابلة للتمديد إذا تواصل مسلسل الغياب. التسجيل عبر الأنترنت ساهم في تفاقم الظاهرة ويعتبر الأساتذة التسجيل عن طريق الأنترنت وسحب الاستدعاءات عبر الموقع أيضا هي السبب المباشر في هذه الغيابات، فقد كانت الإدارة في الأعوام الماضية، تهدد التلاميذ بعدم منحهم استدعاءات البكالوريا في حال غيابهم بدون تبرير، وهو ما كان يبقيهم في الثانويات حتى الأسبوع الأخير، لكن بعدما صارت العملية تتم عن طريق موقع الديوان أصبح غالبية التلاميذ خصوصا المعيدين يكتفون بالتسجيل والدراسة لفصل واحد، بعدها يتوجهون للدروس الخصوصية وينتظرون الإعلان عن الشروع في سحب الاستدعاءات عبر الموقع كما يرون أن سياسة "اللاعقاب" ساهمت بشكل كبير في تزايد هروب التلاميذ. وكانت وزيرة التربية عند تعيينها على رأس القطاع قد قررت التصدي لهذه الظاهرة ببطاقة التلميذ وفيها يسجل عدد الغيابات الغير مبررة، وعند وصولها لتسعة يمنع التلميذ من اجتياز امتحان شهادة البكالوريا كمرشح متمدرس نظامي ويحوّل آليا لحر، وكل تلميذ يتغيّب لمدة 3 أيام متتالية، وبدون تبرير يحال على مجلس التأديب، وهذا لتشجيع التلاميذ على الالتزام بالدراسة والمراجعة في مؤسساتهم التعليمية رفقة أساتذتهم وزملائهم حتى آخر يوم في السنة قبيل موعد اجتيازهم امتحان الشهادة، غير أن هذا الإجراء لم يطبق بعد على أرض الواقع. بوديبة: التلميذ لا تهمه سوى شهادة البكالوريا من جهته، أوضح المكلف بالإعلام في المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "كناباست"، مسعود بوديبة، أن عدد الغائبين يختلف من ثانوية لأخرى ومن قسم لآخر، وهذه النسبة تتزايد بداية من الثلاثي الثاني لتصل لنسبة أكبر في الفصل الثالث، وقد كانت في الماضي حكرا على التلاميذ المعيدين لتمتد للبقية، فالتلميذ الآن لم تعد تهمه سوى شهادة البكالوريا لذا يحضر نفسه من خلال الدروس الخصوصية وحل المواضيع النموذجية، وقد ساهم تقييم البكالوريا في ذلك بنسبة كبيرة، حيث أصبح التلميذ يكفيه حل أكبر عدد من التمارين والمسائل لنيل الشهادة. واستطرد بوديبة قائلا بأن حضور التلميذ وتتبعه للدروس وارتباطه بالثانوية أصبح يراه مضيعة للوقت، وقد كانت "الكناباست" هي الأولى التي دعت للتصدي للظاهرة، وهذا بإعادة النظر في منظومة التقييم لجعله مرتبطا بالقسم والمعارف العلمية، فطالبوا بالبطاقة التركيبية والعودة إليها وإدراجها في النجاح بالبكالوريا، فحضوره الدائم ونتائجه في الفصول الثلاث وسلوكه يلعب عاملا مهما في حصوله على شهادة البكالوريا، وأضاف الأستاذ بوديبة منذ إيقاف العمل بالبطاقة التركيبية بدأت ظاهرة الغياب، فالتلميذ بمجرد ضمانه التسجيل يعتقد أن حضوره غير مهم ولا يقدم له شيئا، بل الدروس الإضافية فرصة له يدرس متى يشاء وفي الوقت الذي يراه مناسبا ويكون فيها أقل انضباطا.