قرأنا وسمعنا منذ أيام أن مجموعة من الفرنسيين الصليبيين واليهود الصهيونيين وبعض من لا ملّة لهم ولا دين من "اللاّ مسلمين" أصدروا في باريس "وهي مرجع كل إباحي" هذيانا سموه "بيانا"، طلبوا فيه بما لو اجتمعت الإنس والجن من الأولين والآخرين إلى يوم الدين على تحقيق "حرف واحد" منه، لأصيبوا بالخسران المبين، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، ولو آزرهم السّماعون لهم فينا من المنافقين. طلب هؤلاء الصليبيون والصهيونيون واللا مسلمون، بحذف آيات من القرآن الكريم، لأنها في رأيهم المأفون تعادي اليهود والنصارى، وتأمر المسلمين بأن يجاهدوا المعتدين من أي نحلة ودين بجميع أنواع الجهاد من مال وأنفس وفكر.. إن المؤمنين الحقيقيين والمسلمين الصادقين لم تفاجئهم هذه الدعوة السخيفة، ولن تفاجئهم في المستقبل قريبا كان أو بعيدا، لأن هذا القرآن الأصدق قيلا أنبأهم بأنهم ليسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلهم، ومن الذين أشركوا أذى كثيرا، وما يقال لنا إلا ما قد قيل لمن قبلنا من صالح المؤمنين وصادق المسلمين، وأن أهل الأهواء من أية نحلة ودين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، وليس ذلك بأمانيهم، فقد قضى الله – عز وجل- أن يتم نوره، ولو كره الكافرون والمشركون والمنافقون.. وسيظل هذا القرآن في صدور المؤمنين وعقولهم مادام الليل والنهار، ودار بالأنجم هذا المدار. من قبل هؤلاء المأفونين قال جنود إبليس في أول الدعوة الإسلامية لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- كما سجل القرآن: "ائت بقرآن غير هذا أو بدّله" ظنا منهم أن كهذا الذي يسمونه توراة وانجيل، أو أناجيل، وما هو كذلك، لأنها مما كتبته أيديهم، ثم قالوا – كذبا وزورا- هي من "عند الله" وما هي من عند الله، لأن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر. نسي هؤلاء المأفونون أن هذا القرآن، وما تنزلت به الشياطين، بل هو "كتاب مكنون" في "لوح محفوظ"، ولن يتغير منه حرف واحد – فضلا عن كلمة أو جملة – لا بالزيادة ولا بالنقصان، ولم تآمر عليه كل من في الأرض، فقد أكد منزله – عز وجل- ذلك في قوله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".. إن هذا القرآن بكرم سيدنا موسى وسيدنا عيسى وجميع الأنبياء والمرسلين أحسن مما تقوله فيهم هذه "التوراة" وهذه "الأناجيل" المنحرفة، ويرفعهم مكانا عليا، وإن هذا القرآن ليعترف بأن "من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون"، وإن أهل الكتاب "ليسوا سواء"… وهو لا يعادي اليهود ليهوديتهم ولا النصارى لنصرانيتهم، ولكن يعادي المعتدين منهم ومن غيرهم علينا، ويأمرنا أن نرد عدوانهم بمثله، ورحم الله محمد العيد آل خليفة الذي ردّ منذ اثنتين وتسعين سنة على سفيه قال مثل ما قال هؤلاء، ودعا إلى مثل ما دعوا إليه، يسمى "روبير آشيل". هيهات لا يعتري القرآن تبديل وإن تبدل "توراة" و"إنجيل". وأنهى قصيدته الرائعة بالإشادة بالإمام المجاهد عبد الحميد ابن باديس، الذي "دمغ" بالحق أقوال آشيل الباطلة فقال: عبد الحميد رعاك الله من بطل ماضي الشكيمة لا يلويك تهويل دمغت أقوال آشيل كما دمغت أبطال "أبرهة" الطير الأبابيل.