وجّهت وزارة العدل تعليمة إلى رؤساء والنواب العامين لدى المجالس القضائية، تأمرهم فيها بضرورة التركيز الكامل على مسألة تحصيل الغرامات والمصاريف القضائية، التي كبدت خزينة الدولة إلى غاية شهر أفريل من سنة 2018، قرابة 9 آلاف مليار دينار، أي ما يعادل 90 ألف مليار سنتيم. وكشفت مصادر مطلعة ل "الشروق"، أن الوصاية من خلال التعليمة الموجهة إلى الرؤساء والنواب العامين لدى المجالس القضائية ومن ثم إلى وكلاء الجمهورية ورؤساء المحاكم، نهاية الأسبوع الماضي، أمرت بضرورة التنسيق مع مصالح الضرائب والمحضرين القضائيين، للتحصيل الاستعجالي للغرامات والمصاريف القضائية الخاصة بالأشخاص الذين لم يدفعوا المستحقات الموقعة عليهم من العدالة، أو اللجوء إلى قوة القانون من خلال تنفيذ ما يعرف بالإكراه البدني. وبلغة الأرقام أكدت مصادرنا أن حجم أموال الغرامات غير المحصلة إلى غاية شهر أفريل من سنة 2018، حسب الدائرة المكلفة بالإحصاء، تقارب 8 آلاف مليار دينار، وأن نسبة تحصيل الغرامات تقدر ب 0.54 بالمائة فقط، وهو رقم ضئيل جدا، لا يدخل الخزينة العمومية إلا في حالتين، عندما يطلب المحكوم عليه رد الاعتبار، أو عندما يتم الإفراج المشروط على المحكوم عليه، مرجعة ذلك إلى ضعف العمل التحسيسي تجاه المواطنين. الإسراع في تحصيل الغرامات والمصاريف القضائية، هو إجراء تنفيذي لجأت إليه الوزارة المعنية في عز أزمة التقشف التي تضرب البلاد جراء السقوط الحر لأسعار البترول في السوق الدولية والتراجع الرهيب في عائدات الدولة لتمويل مختلف المشاريع خارج خزينة الدولة. وكانت وزارة العدل قد أنشأت قاعدة معطيات وطنية آلية، تتعلق بتحصيل الغرامات والمصاريف القضائية، حيث وضعت الهيكل الجديد تحت تصرف الجهات القضائية، والمصالح المختصة لوزارة المالية، لتتبع الأشخاص الذين لم يدفعوا الغرامات الموقعة عليهم من العدالة. وقررت الوزارة الوصية حسب المرسوم التنفيذي الذي يحدد شروط وكيفيات التحصيل من قبل الجهات المختصة، جدولة ديون الأشخاص المحكوم عليهم بغرامات مالية، ليتم دفعها بالتقسيط بأمر غير قابل للطعن من رئيس الجهة القضائية لمكان إقامة هؤلاء، وذلك بناء على طلب مبرر من المعني، بعد مراجعة رأي النيابة، حيث يتلقى الموظف المكلف بالتحصيل، مستخرجات الأوامر والأحكام والقرارات النهائية المعدة للتحصيل ضمن جداول إرسال من مصلحة تنفيذ العقوبات، ويقوم بإرسال إشعار بالدفع بكل وسيلة قانونية، إلى المحكوم عليه يدعوه إلى تسديد الغرامة والمصاريف القضائية، ويتضمن الإشعار بالدفع أنه يمكن للمحكوم عليه الاستفادة من تخفيض نسبته 10 بالمائة من قيمة الغرامة المحكوم بها، في حالة تسديدها طوعا، خلال مهلة 30 يوما. وفي حالة عدم احترام المحكوم عليه لجدول التسديد الذي حدده رئيس الجهة القضائية، يقوم الموظف المكلف بالتحصيل، بناء على طلب النيابة العامة، بإرسال إشعار بالدفع إلى المحكوم عليه لتسديد المبلغ المتبقي فورا، تحت طائلة المتابعات بكل الوسائل القانونية، وفي حالة عدم تسديده المبالغ المستحقة، يباشر التحصيل الجبري، على أن ترسل الملفات إلى إدارة المالية من قبل الجهات القضائية، في ظرف 6 أشهر في حال تعذر تحصيل المستحقات.