كلما اقترب شهر رمضان، تسبح بعض الأطباق والأكلات والحلويات في مخيلة بعض الجزائريين، فتشد شهيتهم إلى أن يتذوقوها.. "الزلابية" حلويات تقليدية مرتبطة برمضان ارتباطا وثيقا رغم أنها تباع في الكثير من الأحيان طوال السنة، لكن "زلابية" بوفاريك بالبليدة تمكنت على مدى قرن تقريبا، من أن تصبح سيدة الحلويات الأولى الرمضانية التي يتداول اسمها خلال الشهر الكريم. طوابير طويلة وزبائن من مختلف الولايات، واكتظاظ أمام محلات وجدت من" الزلابية" في منطقة بوفاريك، حرفة ومصدرا للرزق، لكن الحفاظ على نفس الذوق والنكهة هو سر النجاح.. زبائن يشترون بالجملة للبيع في ولايات أخرى، وآخرون قطعوا مسافات طويلة ليتذوقوا هذه الزلابية السحرية مع عائلاتهم مع أول يوم لشهر الصيام. استعدادات مسبقة ولمسات جديدة لزلابية 2018 كان واضحا هوس الكثير من الجزائريين ب"زلابية" بوفاريك، قبل يومين من رمضان، وهذا ما رصدته "الشروق"، حين زيارتها إلى الكثير من المحلات في المنطقة، التي بدأ التوافد إليها من مختلف الولاياتالجزائرية، وحتى من طرف الأجانب أكثرهم الصينيون.. أطنان من الزلابية البوفاريكية بيعت في ظرف يوم واحد. قال الحاج الطاهر جودي صاحب محل للحلويات التقليدية، إن أكثر من 400كلغ من "زلابية" بوفاريك الأصلية، بيعت اليوم، لتكون على مائدة الكثير من العائلات عشية رمضان، ويتوقع أن تباع أطنان حسبه، في اليوم الواحد خلال الشهر، حيث كان التحضير لاستقبال كل الطلبات 20 يوما من قبل أي مع الأسبوع الثاني لشهر شعبان. ونزولا عند رغبة الكثير من الزبائن، وحسب الحاج جودي، الذي زاول الحرفة منذ 50 سنة، فإن لزلابية رمضان 2018، لمسة عصرية بإضافة المكسرات كاللوز والفستق، مع المحافظة على إضافة عصير البرتقال والليمون الطبيعي. بعض المحلات الخاصة بتحضير الزلابية، اختارت أسماء جديدة، ترتبط مباشرة بنوع خاص من الزلابية مثل زلابية الفول السوداني" الكاوكاو"، التي تخصص فيها محل عائلة شارف وهم عدد من الإخوة أكبرهم 73 سنة، لكن الزلابية ب"السميد" وحده تبقى موجودة، وتزاحم الزلابية "العوامة" و"الزلابية"بالشعير، "الكوكياجة". التحضيرات لتوفير زلابية بنوعية عصرية وبذوق يرضي الزبائن، كانت قبل أيام من حلول شهر رمضان، ويتعلق الأمر ب"العيسلة" أي عسل "التحلية"، وكذا شراء الدقيق. زلابية بوفاريك بلغت العالمية.. والأقدام السوداء والصينيون السباقون إليها وتتنافس المحلات القديمة والجديدة لبيع "الزلابية" في بوفاريك، في ما بينها بالحفاظ على ذوق "الزلابية" التقليدية المصنوعة من دقيق "السميد"، وبصنع أنواع أخرى عصرية، وهذا لشد الزبائن، وهم من الجزائر العاصمة وبومرداس والبويرة وتيزي وزو وتيبازة والمدية وحتى من ولايات كوهران والشلف، يشترون بالجملة ليعيدوا بيعها أو ليأخذوها إلى عائلاتهم. أحد الزبائن الذي جاء من الأربعاء اشترى ما يفوق 20 كلغ ليعيد بيعها في ولاية بومرداس، وآخر جاء من شرشال، وحمل معه كمية لكيلا يحرم بعض سكان منطقته تذوق زلابية بوفاريك قبل الصيام. أكد الحاج الطاهر جودي الذي بدأ حرفة صنع حلويات الزلابية في بوفاريك منذ كان سنه 12 سنة، أن مجموعة من الأروبيين وهم من الأقدام السوداء زاروا منطقة بوفاريك مؤخرا وطلبوا من رئيس البلدية أن يرافقهم إلى محلات الزلابية لأن ذوقها وحلاوتها بقيت معلقة في أذهانهم منذ مرحلة الاستعمار، وقال الحاج جودي، إن محله حافظ على نفس النكهة والذوق ونفس طريقة التحضير. وهو ما أشار إليه صاحب محل آخر، ومن عائلة شاكر، حيث يرى أن الإقبال على زلابية بوفاريك، مرهون بالحفاظ على نفس طريقة التحضير والذوق، مؤكدا أن مجموعة من الأقدام السوداء زاروا محلاتهم لشراء الزلابية التي أخذوها معهم إلى بلدانهم الأروبية. وكان حسب الكثير من محترفي صناعة حلويات الزلابية البوفاريكية، الوفد الذي جال في المنطقة مؤخرا المتكون أجانب عاشوا فترة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وما زالوا يتذكرون أن المنطقة تتميز بحلوة تقليدية اسمها "الزلابية". ويعتبر الصينيون في الجزائر، أكثر جالية، غير عربية، شدتها زلابية بوفاريك بذوقها الخاص، حيث يأتون جماعات، حسب ما أكده الحاج جودي، ويشترون هذه الحلويات التقليدية بكميات كبيرة لتوزيعها على عمال الورشات. قال في هذا السياق، الشاب فيصل الذي احترف صناعة الزلابية منذ 1995، إن الزبائن خلال رمضان يتوافدون من 48 ولاية، وإن الأجانب انضموا إلى زبائنهم، ما يرفع كميات الزلابية التي تباع في اليوم الواحد إلى 40 قنطارا.