أثار حجز حرس السواحل، كمية كبيرة من الكوكايين تزن 701 كلغ، كانت على متن باخرة قادمة من أمريكا اللاتينية، العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه المادة المخدرة، ومدى انتشارها في الجزائر، خصوصا وأنها الأولى من نوعها التي تم تسجيلها. وتعد المخدرات التي تم حجزها أكبر كمية كوكايين يتم ضبطها في الجزائر منذ 2012، حين تم ضبط 165 كيلوغراما من الكوكايين مهربة مع بودرة الحليب استوردت من نيوزيلاندا. ويغلب على تجارة المخدرات في الجزائر نوع القنب الهندي الذي مصدره الرئيسي الحقول التي يزرع فيها في المملكة المغربية، والتي يتم استهلاكه محليا نظرا لانخفاض سعره. ووفقا للدراسات، فإن تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الكوكايين تتراوح بين 2700 و4000 دولار، بمجرد خروجها من المزارع. ولدى وصول المخدرات إلى الساحل الإفريقي الغربي، ترتفع تكلفة الكيلوغرام الواحد من الكوكايين إلى قرابة 13 ألف دولار، ثم ترتفع مرة أخرى إلى 16 ألف دولار عندما تصل إلى عواصم دول منطقة الساحل الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى. ويرتفع سعر الكيلوغرام الواحد من الكوكايين إلى ما بين 24 و27 ألف دولار عندما يصل إلى مدن وعواصم دول شمال إفريقيا، قبل أن ينتقل إلى أوروبا، حيث يتضاعف السعر ليصل إلى ما بين 40 و60 ألف دولار. وكشفت بيانات للأمن الوطني، في وقت سابق، أن استهلاك مخدر الكوكايين في الجزائر يتم عن طريق مزج النوع النقي منه بمواد أخرى على غرار "البراسيتامول"، حيث يمكن استخراج من 1 كلغ كوكايين نقي مابين 10 و15 كلغ من الكوكايين الجاهز للاستهلاك يتم تسويقها للمدمنين بمبلغ يتراوح ما بين 20 و25 ألف سنتيم للغرام الواحد بعد معالجته. واستنادا إلى هذه الأرقام، نجد أن كمية الكوكايين المحجوزة في ميناء وهران تتجاوز قيمتها المالية لدى وصولها إلى الجزائر أكثر من 42 مليون دولار أي أكثر من أربعة ملايير و914 مليون دينار جزائري وهو رقم خيالي سيتضاعف على اعتبار أن مادة الكوكايين النقية سيتم مزجها بمواد أخرى. وتوفر تجارة المخدرات خصوصا الأنواع "الفاخرة" عشرات المليارات من الدولارات في خزائن كارتيلات وعصابات المخدرات والمافيا في العالم، التي باتت أهم جزء في "اقتصاد المخدرات" أو "الذهب الأخضر"، بينما تخصص الحكومات مليارات أخرى لمكافحة المخدرات والإدمان والآفات المرافقة لها. ويعتبر الكوكايين أشد المنشطات الطبيعية مفعولاً، وأغلاها سعرا، ويستخلص من أوراق نبات الكوكا الذي ينمو في أمريكاالجنوبية، حيث يمضغه الأهالي وهو معروف لديهم منذ 5 آلاف عام خاصة في بوليفيا والبيرو أو يضعونه مع الشاي ويشربونه للانتعاش والتغلب على التعب. وتفيد الدراسات والتقارير أن تجارة الكوكايين تتبع ثلاثة مسارات رئيسية أمريكي وبريطاني وإفريقي وهو ما يجعل الجزائر مركز استهلاك وعبور لهذا النوع من المخدرات نحو دول أوروبية. وتبدأ دورة إنتاج وتسويق مادة الكوكايين من مزارع دول أمريكا اللاتينية، على شكل نبتة خضراء تقل تكلفتها عن كثير من المنتجات الزراعية مثل القمح، كما أنها لا تحتاج إلى الكثير من الماء ولا إلى عناية كبيرة، باستثناء تكلفة الزراعة والعاملين فيها، وبالطبع العناصر المسلحة لحماية المزارع من الدخلاء، بما فيهم السلطات والحكومات. ولا يحصل مزارعو المخدرات إلا على الجزء اليسير من الأموال الطائلة الناجمة عن هذه الصناعة، ولكن المبالغ التي يحصل عليها تظل بالنسبة إليه أفضل من أي محصول زراعي آخر. وحسب التقارير يتم تسويق المخدرات ومنها الكوكايين عبر 3 بؤر رئيسية في العالم اثنتان منها في آسيا، والثالثة في أمريكا اللاتينية. ففي آسيا، توجد البؤرة الأولى في جنوب شرق آسيا، وتحديدا في المثلث الحدودي بين لاوس وميانمار وتايلاند، ويطلق على هذه المنطقة اسم "المثلث الذهبي"، وهي تغذي دول شرق آسيا وجنوب شرقي آسيا بالمخدرات. المنطقة الثانية هي المنطقة المعروفة باسم "الهلال الذهبي، ويضم دول باكستان وأفغانستان وإيران، على وجه الخصوص، وهي المصدر الرئيسي للمخدرات إلى الصين وروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، وكذلك إلى أوروبا عبر تركيا وعبر شرق إفريقيا. البؤرة الثالثة، وهي الأكثر شهرة ربما بسبب النشاط الإجرامي لعصابات وكارتيلات المخدرات في كل من كولومبيا والمكسيك، وهذه البؤرة هي المسؤولة عن تصدير المخدرات إلى باقي دول أمريكا اللاتينية والوسطى والشمالية، وكذلك إلى أوروبا عبر دول الساحل الإفريقية. وفي أكتوبر 2017، نشرت صحيفة "تلغراف" البريطانية إحصائيات جديدة تبين نسبة انتشار وتعاطي الكوكايين في مختلف دول العالم، حسب أحدث البيانات التي يوفرها مكتب الأممالمتحدة المختص بالعقاقير والجرائم، ولحسن الحظ أن الجزائر والدول العربية كانت غائبة عن القائمة. وحسب المصدر فإن ألبانيا تصدرت قائمة دول العالم من حيث الاستهلاك، حيث أن 2.5 في المائة من سكانها، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاما، يتعاطون الكوكايين، تليها اسكتلندا والولايات المتحدة وإسبانيا وأستراليا وهولندا بالإضافة إلى دولتين من أمريكاالجنوبية هما شيلي وأوروغواي. كما تضمنت القائمة فرنسا وإسرائيل وإيطاليا وغانا وكندا. وقد يتفاجأ الكثيرون عند معرفة أن كولومبيا تحتل المركز 34 من أصل 115 دولة، بالرغم من أنها بلد ينتج ويوزع الكوكايين، إلا أن 0.7 في المائة فقط من السكان يستهلكون هذه المخدرات.