بالإشارة بوضوح لخلافاته في أمور السياسة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب استقالته، أثار وزير الدفاع جيم ماتيس تحدياً فريداً من نوعه لخطط ترامب الخارجية والأمنية مما يميزه عن آخرين كثيرين سبقوه بتقديم استقالاتهم. وعندما دخل ماتيس، وهو جنرال متقاعد بمشاة البحرية يحظى بتقدير كبير في أوساط الجمهوريين والديمقراطيين، البيت الأبيض، مساء الخميس، كان يحظى بدعم أكبر كثيراً في واشنطن من ترامب نفسه. وقالت مصادر، إن ماتيس كان قد قرر بالفعل أن الوقت حان كي يذهب. وفي وقت لاحق أعلن ترامب، أن ماتيس سيتقاعد لينشر ماتيس بعد ذلك سريعاً خطاب استقالته المؤلف من ثماني فقرات. وبينما كانت واشنطن تستوعب قرارات ترامب المفاجئة الأسبوع الماضي بسحب القوات الأمريكية من سوريا وخفض الوجود العسكري في أفغانستان، قالت مصادر، إن رحيل ماتيس والغموض الإستراتيجي الذي رافقه هو ما أثار ضيق المسؤولين في الإدارة الأمريكية وفي الكونغرس. وأثارت استقالة ماتيس انتقادات حادة بشكل غير معتاد لترامب من زملائه الجمهوريين. وقال السيناتور الجمهوري بوب كوركر المنتهية ولايته: "هذا أمر محزن لبلادنا"، مضيفاً أنه يعتقد أن رحيل ماتيس قد يغير من دفاع الجمهوريين في مجلس الشيوخ عن ترامب. وأضاف "نحن في موقف سيء للغاية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية". وقال ميتش مكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، إنه "حزين" لرحيل ماتيس. ودعا السيناتور لينزي غراهام، الذي كان حليفاً قوياً لترامب، إلى جلسات استماع فورية لبحث خطوات ترامب في سورياوأفغانستان وقال إنه يريد أن يستمع بشكل مباشر لماتيس. وماتيس هو أول وزير دفاع أمريكي يستقيل منذ عقود لمجرد خلافات في السياسة مع رئيس البلاد. واستقالته تختلف تماماً عن رحيل مسؤولين آخرين كبار في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي في الإدارة بما في ذلك إقالة الرئيس لوزير الخارجية ريكس تيلرسون. واستقال اثنان من مستشاري الأمن القومي ولكنهما فعلا ذلك من موقع ضعف. "حالة صدمة" قال مسؤولون لوكالة رويترز للأنباء، إن قرار ترامب الانسحاب من سوريا كان من العوامل المساعدة الرئيسية التي أدت إلى استقالة ماتيس وكان جزءاً من نقاش بينهما استمر 45 دقيقة الخميس، وعبر خلاله الاثنان عن خلافاتهما. وقال مسؤول على دراية بالمناقشات لرويترز، إن وزير الدفاع بذل جهداً أخيراً، الخميس، لإقناع الرئيس بتحويل مسار السياسة بشأن سوريا. وأشارت مصادر إلى أن ترامب لم يكن بأية حال يضغط على ماتيس للاستقالة ولم يتوقع إعلانها في ذلك اليوم. وامتنعت وزارة الدفاع (البنتاغون) عن التعليق على استقالة ماتيس وأحالت الصحفيين إلى خطابه. وحتى مساعدي ماتيس عبروا عن دهشتهم. وقال مسؤول أمريكي طالباً عدم نشر اسمه: "نحن جميعاً في حالة صدمة". ولم يفعل الكونغرس بقيادة الجمهوريين شيئاً يذكر لاختبار نوايا ترامب السياسية بما في ذلك قراره تشكيل قوة فضائية ونشر قوات على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك لكنه بدا أكثر استعداداً للتدخل هذه المرة. وانتقد ماك ثورنبيري كبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب خطة ترامب لسحب قوات من أفغانستان وهو قرار مفاجئ آخر اتخذه ترامب وجرى تسريبه ونشرته تقارير صحفية، الخميس. وقال "خفض الوجود الأمريكي في أفغانستان وإنهاء وجودنا في سوريا سيلغي التقدم (الأمريكي) وسيشجع أعداءنا وسيجعل أمريكا أقل أمناً". ومن المقرر عقد جلسات في مجلس النواب الذي سيتولى الديمقراطيون السيطرة عليه أوائل جانفي. وأثارت استقالة ماتيس قلقاً شديداً وسط حلفاء الولاياتالمتحدة في الخارج. ففي أوروبا كان يُنظر لماتيس على أنه مدافع مهم عن حلف شمال الأطلسي الذي أصدر بياناً يثني عليه بشدة، الجمعة. وفي آسيا ينسب الفضل لماتيس في بناء الثقة وترويض سياسة العزلة التي يتبعها ترامب. اتصال هاتفي بين ترامب وأردوغان في بادئ الأمر، كان يبدو أنه لا يوجد سبب بعينه دفع ترامب لاتخاذ قرار سحب القوات من سوريا، إذ قال إنه لم تعد هناك حاجة إليها في محاربة ما وصفه بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المهزوم. لكن مصادر قالت إن مبعث القرار كان اتصالاً هاتفياً أجراه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 14 ديسمبر. ورتب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للاتصال بعد تهديد أنقرة بتنفيذ عملية عسكرية تستهدف المقاتلين الأكراد المدعومين من الولاياتالمتحدة في شمال شرق سوريا. وساهم ماتيس وبومبيو وآخرون في إعداد ملاحظات للاسترشاد بها خلال الاتصال الهاتفي. وحسب مصدر جرى إطلاعه على المناقشات فقد كان من المفترض أن يقف ترامب في وجه المخطط التركي. وقال المسؤول، إن أردوغان أكد خلال الاتصال هزيمة تنظيم "داعش" واشتكى من أن الولاياتالمتحدة تقوض الأمن التركي بدعمها للأكراد. وأضاف المسؤول، أن هذه الرسالة جذبت اهتمام ترامب الذي قال إن الولاياتالمتحدة لا تريد التواجد في سوريا واتخذ قراراً مفاجئاً بالانسحاب متجاهلاً الملاحظات ونصيحة ماتيس وبومبيو. ويشكك ترامب منذ وقت طويل في مهمة الجيش الأمريكي في سوريا التي أيدها فريق الأمن القومي الخاص به لضمان هزيمة تنظيم "داعش". ووصف متحدث باسم البيت الأبيض هذا بأنه "رواية كاذبة للأحداث". Key points in U.S. Defense Secretary's resignation letter https://t.co/V22TIHMtar pic.twitter.com/4771GcRQTY — Reuters U.S. News (@ReutersUS) December 21, 2018