أفادت أوساط مقربة من جبهة العدالة والتنمية (أهم الأحزاب المعتمدة في إطار الإصلاحات السياسية بالجزائر) أن قيادات مركزية أبلغت رئيس الحزب عبد الله جاب الله عدم استعدادها للمواصلة على منهجية العمل الحالية والتي انتهت بالحزب إلى الطريق المسدود سواء على مستوى التمثيل في المجالس المنتخبة أو الاحتفاظ بالوعاء النضالي أخذ يتآكل من موعد انتخابي لآخر. أكدت مصادر حسنة الاطلاع بجبهة العدالة والتنمية أن القيادي عبد الغفور سعدي قدم استقالته لرئيس الحزب عبد الله جاب الله، وأبلغه في عرض أسباب الاستقالة باستحالة تطور الحزب وتعميق امتداده وتأثيره في الساحة السياسية بوتيرة العمل المنتهجة حاليا ولاسيما في ظل "تعنت" السلطة وطريقة تعاطيها مع أحزاب المعارضة. وقال مصادر "الشروق أون لاين" أن طلب الاستقالة المقدم من طرف عبد الغفور سعدي وهو رجل الثقة الأول بالنسبة لرئيس الحركة عبد الله جاب الله جاء نتيجة خلافات تنظيمية على مستوى هرم القيادة "التائهة" في البحث عن مخرج من "انتكاسة" الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ومخاوف تكرار سيناريو العاشر ماي الماضي في استحقاقات الانتخابات المحلية المرتقبة يوم 29 نوفمبر. وللمرة الأولى بحسب مصادرنا يفكر جاب الله بجدية في اعتزال الساحة السياسية بعد أن وجد نفسه في عزلة سياسية فلا خطابه الشعبي الاستقطابي مكنه من حصد مقاعد في المجلس الشعبي الوطني، ولا توجهه السياسي الإسلامي المعارض أبقاه في حظيرة "تكتل الجزائر الخضراء" الذي خرجت أطرفه الثلاثة(حمس، النهضة والإصلاح) بأقل الأضرار والخسائر السياسية من انتخابات العاشر ماي الماضي. وعلى ما يبدو فإن جاب الله شخصيا بات غير مقتنع بجدوى تكتله داخل ما عرف بجبهة حماية الديمقراطية التي تأسست غداة إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، ودعت إلى تأسيس برلمان مواز للمجلس الشعبي الوطني الجديد ذي الأغلبية النيابية "الأفلانية" المطعون في شرعيتها من طرف أغلبية مكونات الطبقة السياسية، ويواجه جاب الله ضغوطا من محيطه المقرب منه لحمله على القيام بمراجعة معمقة لمسيرته السياسية وقرائته قراءة صحيحة لمفردات الواقع السياسي المعاش في الجزائر. وتشير الأصداء المستقاة من محيط جاب الله إلى قبول الأخير بوساطة تقوم بها قيادات إسلامية وعلى رأسها عز الدين جرافة مهندس ما عرف ب"التحالف الإسلامي" الذي أثمر "تكتل الجزائر الخضراء"، وأكثر من أي وقت أبدى جاب الله ومحيطه القيادي الرغبة في لملمة شتات تنظيم النهضة التاريخي، وما اعتبرته مصادر من محيط الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي "أمرا واردا منذ سنوات إلا أنه قد يأخذ أبعاد أخرى عملية مستقبلا".