يعد الاستقلال المادي واحدا من الركائز الهامة التي تعتمد عليها النساء مؤخرا للتخلص من تبعية العائلة والزوج وتحقيق ذاتها، رغم المتاعب الكثيرة التي تعترضها، خاصة بالنسبة إلى ربات البيوت، غير أن هذا الاستقلال عمق من اضطهاد بعضهن من قبل الأزواج على وجه الخصوص، مثلما توضحه هذه الشهادات الحية لنساء أكدن أن رواتبهن الشهرية غالبا ما تنتهي بجيوب الأزواج دون أدنى استفادة أو انتفاع بها، ما يدعو الغالبية منهن إلى اللجوء إلى أروقة المحاكم لطلب الخلع والطلاق، فيما تفضل أخريات التضحية حفاظا على عش الزوجية والأولاد. فاطمة (44 سنة): زوجي منعني من المساهمة ماديا في علاج والدي تقول السيدة فاطمة (44 سنة) إنّها كانت فعلا تحلم بحياة زوجية سعيدة قبل الزفاف، وحتى بعده ببضعة أشهر، إلا أنّ إصابة والدها بمرض تطلب عملية جراحية في إحدى العيادات الخاصة، أزاح الستار عن حقيقة جشع زوجها، الذي وضعها بين خيارين أحلاهما مر، إذ عندما قصدتها والدتها لطلب بعض المال لإدخال والدها إلى العيادة، راحت هي وكلها ثقة بأنّ زوجها لن يمانع على منحها مبلغ 30 ألف دينار، غير أنها تفاجأت برفض الزوج الذي راح إلى أبعد من ذلك عندما وضعها بين خيارين أحلاهما مر، إما التمسك بابنها الوحيد وببيتها الزوجي، أو أهلها.. وكانت الصدمة شديدة جدا عليها، إلا أنها أثرت في الأخير المكوث إلى جانب فلذة كبدها، والتخلي عن أهلها الذين لم تطأ أقدامهم بيتها منذ قرابة عشرية من الزمن، ولم يقع بصرها عليهم منذ تلك الحادثة التي مرّ عليها أزيد من عقد من الزمن. سامية (46 سنة): زوجي هو من يقوم بسحب راتبي في حين توضح السيدة سامية، التي تعمل كموظفة بالقطاع العام، أنها تعيش مأساة حقيقية مع زوجها في واحدة من أقسى صور الاستعباد، خاصة أن هذا الأخير منعها حتى من سحب راتبها من المركز البريدي، ولا تعرف الخروج إلا للذهاب إلى العمل، ولا تعرف شيئا عن التنزه رفقة زوجها ولا الخروج معه، ولا تعرف متاجر بيع ملابس النساء لكون زوجها يصطحبها فقط إلى أسواق "الشيفون"، أي الألبسة المستعملة، ولا تجده في البيت لمساعدتها والتخفيف من عبء واجباتها المنزلية، وفي المقابل، فهو يسمح لنفسه بقضاء السهرات في الملاهي الليلية والتبذير من أموال عرق زوجته، ولا يرى فيها سوى الراتب. وبالرغم من ذلك، تقول بأنها رضيت بالعيش معه من أجل أبنائها فقط. شاهيناز: تركني بعدما أخبرته أني لست مرسمة في عملي تشير الفتاة الشابة العازبة، "شاهيناز"، العاملة في إحدى المؤسسات التعليمية، إلى أنه ذات مرة قصدها أحد الشبان لغرض الزواج، إلا أنه في أحد الأيام استفسرها عما إذا كانت مرسمة في منصبها أم لا، ولما كانت إجابتها سلبية- تضيف- وذلك بهدف امتحانه، راح ولم يعد يلتفت إليها، ولما استفسرها أحد زملائها عن سبب دعاء أنها غير مرسمة، أجابت بأن الشاب لم يكن يقصد الزواج بها بل كان قصده الزواج براتبها، مشيرة إلى أنها تريد أن تزوج نفسها وليس راتبها. كريمة: رفعت دعوى الخلع بسبب جشع زوجي وأما كريمة، فهي تقول بأنها ذاقت المر مع زوجها، وذلك بسبب راتبها وجشعه في الاستيلاء عليه، ما جعلها ترفع ضده دعوى للخلع قبل أن تنجب منه وتقع في فخ حنان الأمومة. وفي المقابل، حظيت بعض النساء بأزواج تفهموا كثيرا عمل المرأة خارج البيت، فكانوا عونا لهن حتى داخله من خلال تقاسم الأشغال المنزلية وتربية الأولاد، على غرار محمد، الذي أوضح أمام زوجته، أنّه وافق على اشتغالها، فهذا يعني في نظره أنه حتى الأشغال المنزلية لابد من أن تكون مشتركة، حيث أوضح أنه يساعدها في أعمالها المنزلية، ويقوم برعاية الأولاد وحتى بأشغال الطبخ والغسيل والتنظيف، وذلك دون الحديث إطلاقا عن الأمور المتعلقة بالمال والراتب، إلا إذا كان هناك داع لذلك، وهو الأمر الذي أكدته زوجته التي كانت برفقته.