مثل أمام المجلس القضائي بورڤلة صباح أمس المدير الجهوي السابق للجمارك "ض. إسماعيل" رفقة أزيد من 20 موظفا من بينهم إطارات برتب متفاوتة بتهمة التزوير واستعمال المزور والاختلاس بسب ما بات يعرف بملف السجائر الأجنبية المختفية هي القضية التي أسالت الكثير من الحبر الشهور الماضية بسبب تراجع بعض المتهمين عن إعترفاتهم أمام وكيل الجمهورية عقب التحقيق الذي قامت به الضبطية القضائية والحديث عن الضغوطات من طرف ضابط الشرطة الذي كلف بسماع المتهم الرئيسي ومسألة 100 ميلون التي وزعت على الأعوان والإطارات، كما دوخت القضية رجال المساعدة القضائية الذين طرحوا أكثر من 30 سؤالا وعددهم أكثر من 20 محاميا حول ملابسات الملف والوقائع ومجريات العملية استعدادا للدفاع عن موكلهم، أظهرت الإرسالية رقم 100 الموجهة إلى السلطات المحلية والمؤرخة في 28 فيفري 2007 المرسلة من طرف مفتشيه أقسام الجمارك تبليغ الجهات المختصة بإتلاف السجائر الأجنبية المحجوزة في "إطار مكافحة التهريب" بتڤرت والتي كانت مقررة يوم 06 مارس من نفس السنة، كما قام قابض الجمارك الرئيسي الموجود رهن الحبس المؤقت بإشعار رئيس وحدة الحماية المدنية لحضور عملية الحرق حسب المراسلة رقم 225 بنفس التاريخ المذكور أعلاه، كما تم دعوة فرقة الدرك الوطني وكذا مصالح أمن الدائرة لحضور الوقائع في المراسلتين رقمي 244 و245 بتاريخ 03/ 03/2007 موقعة من طرف ضابط الجمارك، إلا أن المحضر رقم 293 المحرر يوم تنفيذ الإتلاف تضمن ملاحظة هامة وهي أن الكمية المعلن عنها غير مطابقة للكمية التي تم حسابها من طرف الحماية المدنية، إذ تم حرق 4250 خرطوشة ڤولواز و100 نوع إكسلونس و8690 ليجوند، أي بفارق 1038 "خرطوشة" عن الحساب الأول، غير أن التقرير الثاني رقم 472 المرسل إلى المديرية العامة للجمارك أورد عكس ذلك ومن ثم بدأت تعقيدات القضية. كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة صاجا عندما دخل رئيس الجلسة رفقة مستشاريه وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط الى قاعة المحاكمة التي إكتظت عن آخرها بعائلات المتهمين والحضور، بينما تجمع العشرات خارجها بسب ضيق المكان، حاول قاضي الحكم في البداية إظهار تحكمه في سير العملية فطلب من المتهمين المستدعين بصفة مباشرة الجلوس في الجهة اليمنى في المواقع الأمامية بالقرب من القفص الخشبي المخصص للمحبوسين الذين تبادلوا التحية مع رفقائهم قبيل المحاكمة، بعدها بدأ رئيس الجلسة في المنادة على المتهمين بأسمائهم، ثم شرع في تلاوة قرار إحالة وسرد الوقائع ليقوم بدعوة المتهم الأول المدعو (ب.محمود) قابض جمارك بالنيابة بقباضة تڤرت، وهو من تراجع عن أقواله بتاريخ الثاني والعشرين أفريل من السنة الماضية، وكان قد صرح أن البضاعة المختفية قد بيعت وتم تقاسمها بين المدير المذكور وبعض الأطراف.القاضي: (بعد التأكد من هوية المتهم) لماذا تراجعت عن اعترافاتك. المتهم: تعرضت الى ضغوطات من طرف ضابط الشرطة بتڤرت تحت تأثير المسمى (ب،ش) قابض سابق تم فصله من عمله، قال لي هذا الأخير لدي خلاف مع المدير، لأنه كان السبب في طردي ولابد من إدخاله السجن، كما أن إبني كان قد تسبب في حادث مرور مميت وخفت عليه من دخول السجن ووعدوني في مقر الشرطة بإخراجه في حالة ذكر المسؤول ذاته، فقلت أنه متورط في القضية القاضي: هل حضرتم قائمة البضاعة التي كانت موجهة للحرق. المتهم: نعم، سيدي الرئيس، وقد أشعرنا الجهات المعنية بغية إتلاف 15 الف و240 خرطوشة بما في ذالك مفتشية أقسام الجمارك وجميع المعنيين. القاضي: وأين البقية؟ هل فعلا بيعت. المتهم: لا. لم يتم بيعها القاضي: لماذا إتهمت زملاءك المتهم: اتهمتهم بدون وجه حقالقاضي: هل ضغط عليك وكيل الجمهوريةالمتهم: لم يضغط أبدا، ضابط الشرطة هو من ضغط عليالقاضي: يوم عملية الإتلاف في السادس مارس نوعية ليكسلونس كانت موجودة ضمن البضاعة المتهم: هذه النوعية لم تكن موجودة أصلا والأقوال التي أدليت بها في الأول غير صحيحة، قلت أن المدير الجهوي قبض 30 مليونا سلمها له رئيس الفرقة (ض.س) وهذا أيضا غير صحيح ممثل النيابة العامة يطلب الكلمة - في البرقية التي أرسلت للمديرية ذكرتم أن 22 الفا و825 خرطوشة وفي القائمة المعدة للإتلاف 14الفا و240 خرطوشة والبقية أين ذهبت؟ المتهم: أحرقناها بالكامل وعلى مراحل وعلى أجزاء في 06 فيفري 2006 والبقية في شهري مارس وجويلية أسئلة الدفاع تمحورت حول ما يلي: عدد المرات التي سمع فيها المتهم بمركز لشرطة والوقت والمحاضر الموقع عليها بالإضافة إن كان الضابط ذاته قد نقله إلى وكيل الجمهورية، أم عون شرطة آخر. المتهم: الضابط كان حاضرا، غير أنه لم يجب على أسمه بعد سلسلة من اسلئة الدفاع ومحاولة الطرف المدني التسيير في تجاه المتهم، يأمر رئيس الجلسة المتهم بالجلوس وينادي على المتهم الثاني وهو المدير الجهوي للجمارك .القاضي: ماذا تقول عن التهم الموجهة إليك؟المتهم: ان كمية السجائر تم إتلافها طبقا للقانون وبناء على تعليمة المديرية العامة للجمارك، أنا لم اوقع على وثائق هذه العمليات، لدي مساعدين أحدهم برتب نائب المدير، منهم المكلف بشؤون التأمين له صلاحيات تعيين الجمركيين للقيام بكل الترتيبات، وهو من يتابع الملفات، كما أني لست عضوا في أي لجنة تعمل في هذا الإطار، ما أعرفه أن السلعة أتلفت في وقتها وبطريقة قانونية، وبصفتي المدير الجهوي أعمل على متابعة التقارير التي تصلني ولا يمكن متابعة الوقائع ميدانيا ولم أمضي على وثائق لا في تڤرت ولا في مكان ثان. قابض الجمارك يدعي أنه بعث لي 30 مليون سنتيم عن طريق رئيس الفرقة (ض.س)، لم أستلم هذا المبلغ ولا 30 مليارا أيضا، أنا أطلب الإدانة لنفسي إذا كنت متورطا قبل أن أدان من طرف العدالة. يتدخل ممثل النيابة العامة: ما هي الدوافع التي أجبرتك على أخذ المبلغ؟ المتهم: ليست لي إجابة على السؤال. وقد حاول هذا الأخير استبعاد التهم الموجهة إليه، نافيا ضلوعه فيما حدث، مؤكدا انه راسل جميع الدوائر المعنية بما في ذلك المديرية العامة للجمارك، وقد طالب بلجنة تحقيق في القضية قبل الوقت، لكن دون جدوى، يذكر أن ممثلي الدفاع طرحوا أسئلة عديدة في خطوة لتوضيح الرؤية للمحكمة وأخرى لفائدة موكليهم.القاضي: هل تحصلت على إجابة من المديرية العامة. المتهم: لم أتحصل على إجابة وطالبت بلجنة تحر. الكلمة الأخيرة التي أقولها أن مساري المهني نظيف وقد قضيت أكثر من 15 سنة في الخدمة دون مشاكل.يعود المتهم إلى مكانه وينادي القاضي على المتهم الآخر (ض.س) رئيس فرقة بالجمارك. القاضي: هل يجيز لك القانون الإمضاء على المحاضر؟ المتهم: لا يجيز القاضي: أنت تؤشر، أم تمضي المتهم: هنالك جهات أخرى تقوم بعملية التأشير على البضاعة، واذكر أن كل الترتيبات أخذت بعين الاعتبار وأن الحماية المدنية لا تقوم بعملية العد حسب القانون، لقد تم التحاقي قبل شهر ونصف بالعمل الجديد في تڤرت، حتى زملائي لا اعرف البعض منهم، كيف أبيع سلعة وأسلم مبالغ إلى المدير، كما ذكر في المحاضر. سيدي الرئيس، قمت بواجبي وأنا مسؤول على أكثر من 24 عونا، كيف يمكنني أن أقوم بعمل مخالف للقانون. يبقى أن نشير أننا حاولنا نقل جانب من الجلسة المتواصلة بغية تمكين القراء من المتابعة في انتظار النطق بالحكم. وتبقي القضية للمتابعة في الأعداد القادمة.