أجلت تشكيلة مجلس القضاء ورڤلة، أمس الأول، النطق في قضية المدير الجهوي للجمارك السابق "ض. إسماعيل" وموظفي البزة الرمادية بينهم إطارات وجمركيون وعددهم 42 متهما، الفصل في الملف إلى غاية الحادي عشر من الشهر المقبل بغية الدراسة والتمعن في قراءة الدفوع القانونية، وهو الإجراء الذي اعتبرته هيئة الدفاع المكونة من 22 محاميا، بمثابة القرار الصائب الذي اتخذه قاضي الحكم قبيل رفع الجلسة، حيث أظهر قدرة التحكم فيها اذ تواصلت إلى قرابة منتصف الليل، فيما طالبت النيابة العامة تسليط عقوبة 07 سنوات حبسا نافذا في حق 12 متهما موجودا رهن الحبس المؤقت و03 أعوام حبسا نافذا للبقية، عكس ما التمسه ممثل الحق العام في المحكمة الابتدائية بتڤرت شهر جانفي المنقضي، إذ طلب خمس سنوات حبسا نافذا في القضية ذاتها بتهمة التزوير واستعمال المزور والاختلاس. وكانت الضبطية القضائية بنفس الجهة قد شرعت في التحقيق حول ما وصف باختفاء كمية من السجائر الأجنبية مطلع شهر أفريل الماضي مقدرة ب7890 خرطوشة حسب قرار الإحالة يوم السادس مارس من السنة الماضية، بينما ذكر العدد الناقص 1038 خرطوشة في محضر عملية الإتلاف كملاحظة من طرف أعضاء الحماية المدنية وكذا 100 خرطوشة من نوعية "ليكسلونس"، وهي القضية اللغز والمبهمة لحد الساعة في المسألة التي يصفها بعض الملاحظين بالمفبركة، فيما تنعتها جهات ثانية بتصفية حسابات بين المصالح ذاتها وعناصر تولت مناصب سالفة دون ذكرها على اعتبار أن تصريحات المدعو (ب. ن) 61 سنة هو مصاب ببعض الأمراض المزمنة وقابض رئيسي بالإنابة بقابضة الجمارك بتڤرت أمام وكيل الجمهورية في يوم الثامن عشر سبتمبر 2007، ثم بمكتب قاضي التحقيق بتاريخ الثامن أكتوبر من السنة نفسها، متناقضة ومتضاربة ما يفسر استنادا إلى بعض المحامين، أن المتهم ذاته يكون قد تعرض إلى ضغوطات خارجية وهو ما أقره هذا الأخير الذي طلب الاعتذار من زملائه يوم الجلسة، واعترف انه تسبب في توريط رفاقه قائلا بالحرف الواحد "إسمحولي لقد ظلمتكم وأسأل الله أن يغفر لي"، في إشارة إلى أصدقائه ما يدعو إلى الاستغراب حسب المختصين، إذ كيف يمكن لشخص اتهم أزيد من 40 شخصا ثم يتراجع عن أقواله. وفي تصريحه "للشروق اليومي" أوضح الأستاذ بوثليجة عما ر المدافع عن المتهم (ض. س) 45 سنة رئيس الفرقة المتنقلة للجمارك بوادي ريغ والذي تم تعيينه في المنصب شهرين قبل الواقعة، أن موكله يعمل في وظيفة شبه عسكرية ترتكز على تأمين الطريق للجمركيين بصفته المسؤول المباشر وتأدية الخدمة بالزي الرسمي وبالسلاح الناري، ولم تكن له أي علاقة في الجانب الإداري، مشيرا أن الكمية التي بقيت في المخزن بالقابضة ويدعي رجال الحماية أنها مفقودة أتلفت في شهر جويلية بسبب عدم توفير شاحنات النقل، ولم تحرق في الفترة نفسها وقد برمجت لاحقا، ولو أجريت الخبرة اللازمة أو المعاينة من طرف الجهة القضائية المختصة في حينها لتبين الغموض، يضيف محدثنا، الذي استفسر عن غياب الشاهد (ب. ش) القابض الرئيسي الأسبق وكذا عناصر الحماية المدنية برغم حضورهم في المحاكمة الأولى واستدعائهم مرة ثانية من طرف النيابة العامة. كما أن موكله عمل لسنوات بمناطق وعرة في الصحراء لمطاردة المهربين وكان بإمكانه أن يحوز مع الفرقة التابعة له على السلع التي يتركها بسيارتها ذات الدفع الرباعي وأخرى يعثر عليها مشتتة في مناطق متفرقة، لو أراد أن يفعل ذلك لكان له دون أن يعلم أحد. من جهة أخرى يرى بعض الأطراف العارفة بالشؤون الجمارك، أن المدير الجهوي صاحب المسار المهني المقدر ب 25 عاما منها 17 سنة في المناصب العليا للدولة معروف بصرامته وخبرته في جهاز الجمارك بالإضافة لتوليه رتبة مسؤول مركزي، ولا يحتمل أن يطمع في مبلغ 30 مليون سنتيم، زيادة على أن مصالح الحماية المدنية ليس لها الحق قانونا في إجراء الحساب، وإنما اختيار مكان الحرق وإضرام النيران ثم إخمادها بالمحيط، ما بات يطرح أكثر من سؤال لدى الرأي العام حول هذا التجاذب غير المسبوق بين قطاعين يشكلان النظام شبه العسكري.