لا تزال زيارة القبور والترحم على الموتى أولى وجهات النساء بمختلف مناطق ولاية تيزي وزو الريفية منها والحضرية، إذ تشاهد جموع النسوة يتنقلن للمقابر التي يرقد بها موتاهن منذ الساعات الأولى من صبيحة يوم العيد، يتنقلن مترجلات أو على متن مركبات، ولا زالت هذه العادات راسخة في المجتمع القبائلي رغم احتكامها للعرف وليس الدين، وبالإضافة للمقابر تشهد بدورها أضرحة الأولياء الصالحين إقبالا كبيرا من طرف النسوة يوم العيد، ويعتبر مقام "سيدي حيون" في أعالي تيزي غنيف من أكثر المقامات التي تحظى باهتمام السكان المحليين، حيث تقصده نساء من جميع الأعمار ومن مختلف الفئات الاجتماعية خلال المناسبات الدينية كالعيدين وعاشوراء والمولد النبوي الشريف ليتيمن نظرا لما تدور حوله من قصص وحكايات تنتقل من جيل لآخر. ويروي زوار هذا المقام حكايات كثيرة بدءا بالتسمية التي يحملها، ومصدرها -حسب الرواة- امرأة حملت ابنها الميت ووقفت متضرعة أمام قبر هذا الولي مجهول الاسم ليحيه فلبيت دعوتها، ومن تلك الواقعة أعطيت للقبر تسمية "سيدي حيون" بمعنى "سيدي المحي" الذي بني له ضريحا من بعد. إلا أن التاريخ الحقيقي لتواجد ذلك الضريح على قمة هضبة تطل على مدينة تيزي غنيف وقرية آيت إتشير لا يعرفه أحد حتى الذين عايشوا التواجد التركي في الجزائر، وما تعرفه الأقلية منهم عن تاريخ المكان، هو ما حدث للحاكم الفرنسي "ڤينيار" بالقرب من قبر هذا الولي الصالح، حينما قرر فتح الطريق الرابط بين "مكيرة" و"تيزي غنيف"، حيث تعطلت جميع الجرافات التي كلفت بمهمة الشق على مستواه، ولم يفك لغز الأعطاب -حسبهم- إلا بعد أن قام بذبح قرابين أمام الضريح حتى صار الحاكم هو الآخر يقدسه. ومن الروايات الأخرى التي استقتها "الشروق" بعين المكان هو اعتقاد أغلب الزائرات أن الكثير من المتبركين بالضريح يرزقون بما يفتقدونه، فالشفاء للمرضى، وشريك الحياة للباحثات عنه، الذرية لمن حرم منها وغيرها من المعتقدات التي لا تزال مترصدة بالناس حتى تدخلهم في براثن الشرك بالله. وهناك أيضا من يقصده للتبرك، رافضا جميع تلك المزاعم التي تدور في فلك هذا المقام بعد أن أصبح بعضها حكايات شعبية تتناقلها الأجيال. وبناء على روايات أهالي المنطقة تبقى زائرات الضريح مكبلات بمعتقدات اجتماعية لا علاقة لها بتعاليم الدين الإسلامي التي تمجد القبور والتضرع إليها وذبح القرابين على الأضرحة.