لا يشك اثنان في أن مسيرة الوفاق السطايفي ما كانت لتأخذ هذا الوجه، لولا الوقفة البارزة لأنصار الفريق الذين لم يبخلوا على فريقهم لا بالحضور ولا بالتشجيع حتى أصبحوا يلقبون ب"أنصار النار"، فيما حظي ملعب الثامن ماي بلقب "ملعب الانتصار"، وطبعا كان من المنطقي أن يختتم الأنصار المسيرة العربية التي تنتهي حلقاتها الممتعة هذا الخميس ببصمات بارزة يسجلها لهم التاريخ، فكان الموعد مع الحلم الذي بات يقترب من الحقيقة. ألف مناصر "السلاح الفتاك" للكحلة تنقل الوفاق إلى عمان وكان مدعما بأرمادة من المشجعين قرروا مرافقة التعداد الذي صنع ملحمة الوصول إلى نهائي دوري أبطال العرب لأول مرة ضمن النسخة الجديدة من المنافسة العربية الآخذة في الشهرة المتزايدة، فكان الإقبال كبيرا على وكالتي "أنيسة تور" و"تروبيك تور" لحجز مقعد في الرحلات المبرمجة، وتبعا لذلك كانت السفرية نحو عمان غير عادية هذه المرة، لأن الكحلة ستكون مدجّجة ب"سلاح فتاك" قوامه قرابة ألف مناصر ينتظر أن يلتئموا قبل موعد المباراة يوم الخميس، وإذا ما حصل ذلك ستكون أول مرة يتنقل فيها هذا العدد الضخم ويقطع مثل هذه المسافة من أجل هدف واحد وهو مرافقة الفريق والرجوع معه بالكأس العربية إلى الجزائر، فما أكبرهم من أنصار وما أكبره من هدف وما أكبره من عرس لو تحقق الحلم وكان الانتصار. الأنصار في "عايلة هايلة" الشروق اليومي توغلت بين الأنصار وعاشت معهم ووجدت بأن مشجعي عين الفوارة فعلا يستحقون العلامة "فوق" الكاملة لأنها اكتشفت حقائق رائعة تعكس تطور مستوى الوعي لدى الجماهير السطايفية التي أصبحت نوعية ومغايرة للنمط المسوّق عن المناصر الذي لا يخرج عن فكرة ذلك الشاب الطائش الذي لا يهمه سوى فوز فريقه، حيث وجدنا بداية بأن جميع الفئات حاضرة ضمن إطار التشجيع والمناصرة من الإطارات والكوادر والمقاولين والموظفين والتجار وانتهاء ببعض الشباب البطالين...زيادة على أن الحيز الجغرافي توسع ليقفز على عتبات حدود ولاية سطيف ونواحيها ووصل إلى العاصمة، وهو تنوع أضفى على أجواء "فندق شبرد" الذي كان بمثابة المقر الرئيسي لتجمع أنصار الوفاق نوعا من المرح والانسجام لم يحدث من قبل وبدا الجميع كأفراد العائلة الواحدة التي يمكن وصفها حقيقة ب"عايلة هايلة".. الجميل أن الأنصار نقلوا من اليوم الأول طبائع السطايفية خصوصا والجزائريين عموما بداية من الألبسة التي اختاروها كحلة وبيضاء وطبعا بألوان العلم الوطني، فكان سيرهم في عمان إشعارا بأن تشكيلة الوفاق ليست لوحدها بعمان ولن تكون ساحة التشجيع ولا المدرجات حكرا على الفيصلاويين وستكون "المعركة الرياضية" متكافئة بين الطرفين، حيث شرع أنصار عين الفوارة في تسخين عضلاتهم وحناجرهم وعتادهم لغزو عمان باكتمال "جيش المناصرين" صبيحة الأربعاء على أقصى تقدير، وكان السير في الشوارع العمانية بالأعلام وترديد الأغاني الوطنية وأغاني الكحلة وبيضاء رسالة واضحة فهم منها أنصار الأزرق بأنهم سيواجهون منافسا شرسا في عقر دارهم... مقاولون ومرقون في أحضان الكحلة بعمان خصوصيات أنصار الجزائر كثيرة في هذه الرحلة لن يسعها روبورتاجا من صفحة واحدة لأن كل مناصر قطع آلاف الكيلومترات من أجل فريقه جدير بصفحات وصفحات، ويكفينا هنا أن نشير إلى أن معظم من حضر إلى عمان ترك تجارته وأشغاله لأن الوفاق أولاًَ والبقية أخيراً، فكثير من المقاولين والمرقين تركوا ورشات السكن التساهمي وأشغال البناء ومتابعة المشاريع وفضلوا الابتعاد لمدة أسبوع عن ميدان الأشغال والارتماء في ميدان وأحضان الكرة السطايفية بعمان، وعلى رأس هؤلاء نجد مثلا المرقي خلفة مبروك الذي أكد بأنه لا مجال للنقاش إذا تعلق الأمر بمصير الوفاق وكل شيء بعد الكحلة، وهي نفس العبارات التي رددها المقاول حوري مبروك المتخصص في أشغال البناء الذي قال بأن العودة بالكأس إلى سطيف أكبر مشروع يستحق التضحيات والتبعات، فيما كان المرقي غزال حسان وابنا المقاول المعروف حسان تواتي الشقيقان فارح وخليل على نفس الموجة وكذا المستورد جمال درياعي، فهذا الأخير عبر عن أمله أن نصدر للأردنيين أبجديات حب وعشق كرة القدم ولا بأس أن نستورد الكأس العربية بجدارة واستحقاق من عمان... مدير جهوي وإطار بالبنك في القائمة القائمة طبعا ليست مقاولين فقط بل تشمل إطارات من البنوك مثل السيد اعراب عبد المجيد مدير جهوي ببنك التنمية الفلاحية بدر بسطيف والذي فضل اصطحاب زوجته معه في رحلة خاصة تشابه رحلة العمر بالنسبة إليهما مادامت الزوجة قد وافقت على قضاء العطلة الخاصة مع زوجها "في خاطر" الكحلة مع التفسح في أرجاء عمان الرائعة وزيارة أهم المناطق الأثرية فيها كأصحاب الكهف والبحر الميت والبتراء...وفي نفس الإطار أيضا كان قطاع البنوك ممثلا بالسيد حسان عجيسي إطار بالقرض الشعبي الجزائري. تجار صغار وشطار...الكحلة أكبر صفقة وبعيدا عن الإطارات والمقاولين كانت البصمة البارزة من توقيع التجار الصغار الذين كانوا بالعشرات اعتبروا جميعا بأن الحضور إلى عمان لمناصرة الوفاق تجارة رائجة لن تفوتهم صفقاتها، حيث كان الشاب مراد رقان من بوقاعة في الصفوف الأولى من الأيام الأولى حيث لم يجد بدا من إغلاق محله التجاري المتخصص في بيع قطع غيار السيارات واللحاق بعمان مع الرحلة الأولى التي انطلقت يوم 10 ماي مع وكالة "أنيسة تور"، وطبعا نفس المشهد تكرر مع العديد من التجار مثل رؤوف بشاطة تاجر عتاد الفلاحة الذي صرح لنا بأن لا فلاحة ولا عتاد مع النهائي فيما قال عادل عمارجية التاجر بسطيف بأن التنقل إلى عمان أضعف الايمان، وكذا كانت الصورة عند الشاب رابح شيخي، أما المناصر المجنون خالد بن علي الموظف بصندوق التقاعد فقد قرر التقاعد لمدة أسبوع لأجل رحلة عمان وإن شاء الله الكأس التي ستجلب معها حتما ما يملأ صندوق الكحلة طبعا ب12 مليار في حالة الفوز باللقب وحوالي 08 ملايير في العكس، وبلغة الذهب ومشتقاته كان الصائغي نصير زوزو في الموعد بقوله إن الكأس العربية لو عادت إلى سطيف وشربت من عين الفوارة أحلى وأغلى من كل المجوهرات التي يزين بها محلة ب"زقاق الصائغية" وسط مدينة سطيف، فيما كان الشاب المصور عادل كوسة ابن الحكم الدولي مسعود كوسة نجم المناصرين في غرف فندق الشبرد، حيث أضحى المحبوب الأول خاصة عند التاجر لزهر حجاج الذي نال شرف لقب "زعيم الأنصار" فيما تحصل بدرالدين رتمة لقب النيابة. الحاج شملي وزوجته العلامة الفارقة الأنصار ليسوا شباب ورجال فقط، بل نساء وعائلات أبرزها على الإطلاق الحاج شملي المتقاعد الذي عادت له حيوية الشباب هو وزوجته التي فضلت مرافقة رفيق دربها الذي تحتل عنده الكحلة مرتبة لا تنافس وكانت هيبة العائلة تغطي على أجواء الفندق في حضورها... أنيسة أصغر مناصرة تشاكس الحاج عيسى يبقى أن نشير إلى أن خصوصية الرحلة إلى عمان انفردت بها الطفلة "أنيسة عايدي" التي حطمت الرقم القياسي، وكانت أصغر مناصرة تتنقل إلى عمان ببذلة الكحلة وبيضاء وتحضر العرس الكروي العربي الرائع من البداية إلى النهاية علما بأن أنيسة مشاكسة ولم تترك طوال الرحلة وخلال بقية الأيام الحاج عيسى في "عقله" حيث ظلت تلعب معه وتطالبه في كل مرة ببراءة رائعة بالكأس وإلا تغضب عليه، مع الإشارة إلى أن الشاب المكفوف زهير شوار كان في الموعد وحقق حلمه في حضور النهائي العربي. فندق شبرد 100 % كحلة وبيضاء فندق الشبرد كان محتلا بالأنصار عن آخره فلم يكن أردني ولا غيره موجودا في غرف الفندق التي حجزها ممثل أنيسة تور العضو النشيط كريم غجاتي برفقة عايدي مختار شقيق صاحب الوكالة عزوز عايدي ، فتحول الفندق إلى منطقة محتلة كل من فيها لا يتكلم ولا يتنفس غير كرة القدم وتحديدا الكحلة وبيضاء، ونفس الأمر بالنسبة ل"فندق لارصا" القريب من مركز التسوق مكة مون الذي حجز بنسبة 80 % للأنصار وكذا فندق بيروت أنترناشيونال الذي حجزته "تروبيك تور" ووفرت فيه كل ظروف الإقامة المريحة للأنصار الذين قدموا في رحلة خاصة ومباشرة من سطيف إلى عمان "الفيميجان" ترافق الانصار العجيب أن السطايفية تمكنوا بجدارة فرض أجواء المقابلة بقوة في عمان وتفوقوا حتى على أنصار الأزرق بل وصل الأمر بهم إلى جلب "الفيميجان" معهم بطريقتهم الخاصة بعدما اجتازوا كل الموانع المفروضة في كل النقاط من المطار إلى الفندق، وهي بالتأكيد دلالة على مدى قدرة أنصار الكحلة على فعل المستحيل من أجل النسر الأسود المطالب يوم غد الخميس بقهر النسر الأزرق في عقر داره. أنصار الفيصلي: تفاؤل لحد الغرور إلى غاية أمس لا شيء في عمان كان يوحي أن المدينة مقبلة على احتضان نهائي دوري أبطال العرب باستثناء بعض التجمعات القليلة للأنصار عكس ماكان عليه الحال قبل أسبوعين بمدينة عين الفوارة، حيث صنع أنصار الكحلة والبيضاء فرجة حقيقية طيلة الأيام التي سبقت مباراة الذهاب. بعض أنصار الفيصلي الذين التقينا بهم في مناطق مختلفة في العاصمة عمان بدا عليهم تفاؤل مفرط حول قدرة فريقهم على التتويج باللقب العربي بالنظر الى نتيجة مباراة الذهاب وكذا قوة فريقهم على حدة تعبيرهم. التقينا بأحد الأنصار في منطقة الدوار الثاني سألناه عن رأيه في مواجهة الغد وبدون تردد قال إن الأزرق سيكسب اللقاء لأنه الأقوى وسبق له أن سجل ثلاث نتائج ايجابية أمام وفاق سطيف هذا الموسم، كما انه تأهل قبل أيام الى أدوار متقدمة من كأس أسيا، وتنبأ ذات المناصر أن الفيصلي سيكسب وفاق سطيف بخمس أهداف دون مقابل، وهي الجملة التي اضحكتنا كثيرا وهو ما دفعنا الى تذكيره ان الفيصلي سيواجه نادي من الجزائر وليس نادي أسيوي من الهند أو تايوان. تركنا ذلك المناصر يسبح في خياله واتجهنا الى مقر النادي الفيصلي الذي يقع قرب مدينة الحسين للشباب، وهناك التقينا مع مجموعة من المناصرين الذين لم تختلف آراؤهم عن سابقهم لأن الزعيم. حسبهم لن يسمح في التاج العربي ولو أنهم اختلفوا حول توقعاتهم للنتيجة النهائية فمنهم من قال إن الفيصلي سيفوز بهدفين ومنهم من قال بثلاثة أهداف. ولجنا بعدها ملعب عمان الدولي الذي سيحتضن المباراة غدا الخميس وما أن ولجنا الملعب حتى اقترب منا مناصر للفيصلي الذي لم يكتف بالتأكيد على أن فريقه سيفوز بالنتيجة والأداء، بل دخل أرضية الملعب وحدد حتى كيفية تسجيل الهدف الأول لفريقه. بقيت الآراء تصب كلها في نفس الاتجاه وهو ان اللقب العربي قد فصل في أمره بسطيف وان الفيصلي او النسر الأزرق مثل ما يلقب في الأردن سيخلف الرجاء البيضاوي المغربي كزعيم جديد للكرة العربية. والملفت للانتباه في عمان هو وجود حملة إعلامية واسعة لحث أنصار الفرق الأردنية من أجل الوقوف وراء الفيصلي غدا الخميس. مبعوثا الشروق إلى عمان: وسيم بن عورة ونصر الدين معمري