ترك الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس والذي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من أربعين شخصا الكثير من المخاوف حول ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في الساحة الفلسطينية وخاصة في ظل حكومة الوحدة الوطنية المشكلة حديثا بعد مفاوضات ومشاورات عسيرة . وتزداد مخاوف الفلسطينيين في ظل استغلال إسرائيل لهذا الاقتتال من أجل مواصلة عدوانها وجرائمها تحت غطاء الرد على فصائل المقاومة التي تطلق الصواريخ على أراضيها. وقد عاود الجيش الإسرائيلي أمس هجماته الجوية التي تستهدف على مواقع القوة للقوة التنفيذية التي ينتمي غالبية أفرادها الى حركة حماس . ومنذ الأربعاء المنصرم استشهد 15 فلسطينيا ، 13 منهم ينتمون لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" .في سلسلة من الضربات الجوية .. وقد ردت المقاومة الفلسطينية على الهجمات الإسرائيلية و أمطرت كتائب عز الدين القسام صباح الجمعة الأراضي الإسرائيلية بحوالي خمسة عشر صاروخاً .. وفي ظل الأوضاع الراهنة ، حذّر القيادي بحركة "فتح" ورئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فاروق القدومي، من أنّ السلطة الفلسطينية لا تملك قرارها ولا سيادتها، مشدداً على ضرورة التمسك بنهج المقاومة الذي رأى أنه لا بديل عنه للشعب الفلسطيني. وأعرب القدومي في لقاء إعلامي بنادي بدبي عن قلقه لأنّ الاقتتال في الساحة الفلسطينية "ينذر بالخطورة وبذر الفتنة بين الأخوة، ويعكر صفوة المنطقة العربية"، وأنه لا يفيد سوى الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني ومن جهتهم يحذر محللون سياسيون فلسطينيون من "فراغ قيادي" قد تشهده الساحة الفلسطينية مؤكدين أن الأوضاع التي تشهدها الأراضي المحتلة وخاصة الاقتتال في غزة هي الأسوأ في التاريخ الفلسطيني الحديث. وقال الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين لوكالة الأنباء الفرنسية "الأمور تقود بالفعل الى فراغ قيادي حقيقي وهو من علامات انهيار السلطة، لان الخلاف الآن بين الأطراف المتصارعة حول من يقود". وأضاف أن "الرئيس محمود عباس اصدر مساء الأربعاء أمرا بوقف إطلاق النار، وكذلك فعلت حماس. لكن بعد ذلك قتل أربعة فلسطينيين في غزة، وهو ما يشير الى أن قتال الميليشيات في غزة لا احد قادر على ضبطه، لا فصائل ولا رئاسة ولا حكومة". وأوضح ذات المتحدث أن الأمور في القطاع تدفع باتجاه وضع الشعب الفلسطيني في نكبة جديدة والنظام السياسي الفلسطيني الآن أمام مفترق طرق ، حيث أن الصراع الآن ليس على المرجعيات فقط وإنما على الشرعيات كذلك .. ومن جانبه ، قال المحلل السياسي طلال عوكل للوكالة الفرنسية : "للمرة الأولى في تاريخ الثورة الفلسطينية تحدث ازدواجية كهذه ونشهد صراعا على القيادة بهذا الشكل الدموي"، مبرزا أنه في السبعينات نشأت جبهة الرفض لكن لم يكن حينها تنافس على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. واعتبر عوكل أن إسرائيل تغذي التنافس الدموي بين حركتي فتح وحماس مدللا على ذلك بقرارها إرجاء تنفيذ الهجوم على غزة حين اندلعت المواجهات الداخلية ،رغم أن القرار اتخذ الأسبوع الماضي.. ويتفق أستاذ العلوم السياسية علي الجرباوي معه بان الأوضاع التي يمر بها الفلسطينيون اليوم "هي الأسوأ في تاريخهم السياسي". وقال "في الماضي كانت هناك اختلافات وانشقاقات لكن هذه الخلافات لم تكن تفقدنا يوما البوصلة السياسية الفلسطينية". وأضاف الجرباوي أن الاقتتال الداخلي ناجم عن "فقدان البوصلة وغياب الهدف السياسي المشترك. ولم تنجح العديد من الاتفاقات في وقف إطلاق النار التي أعلن عنها خلال الأيام القليلة الماضية حيث تواصلت الاشتباكات عقب الإعلان عن التوصل الى اتفاقات بسحب المسلحين من الشوارع. القسم الدولي