لم يتغيّر حال وسط دفاع الخضر في عهد جمال بلماضي، حيث بقي صداعا في رأس المدرب وفي رأس كل عشاق الخضر، خائفون من أن ينسف هذا الخط الهشّ كل آمال الجزائريين أمام لاعبين أفارقة يتميزون بالاندفاع البدني الكبير وطول القامة والقوة البدنية، ومنذ زمن الدفاع القوي للخضر في عهد مجيد بوقرة لم ينعم المنتخب الوطني بدفاع يطمئن المدرب ويمنح للمهاجمين راحة المناورة المستمرة وللاعبي الوسط العمل الهجومي أكثر من الدفاعي، وحتى المدرب البوسني خاليلوزيتش صار يلعب بخمسة مدافعين وثلاثة منهم في وسط الدفاع مع كارل مجاني من أجل تحصين الدفاع. قد تكون الاستعانة بمجيد بوقرة في الطاقم الفني، وربما بداية من كأس أمم إفريقيا القادمة، حل لأجل بعث دفاع قوي، ولكن المشكلة هو أن جمال بلماضي إلى غاية الآن لم يجد الخط الخلفي المثالي، وكل المدافعين المتألقين في أوربا لم يضمنوا مكانتهم ليس بسبب عدم ثقة المدرب جمال بلماضي في إمكانياتهم، وإنما لأنه لم يجد الخارطة التي يجب أن يرسمها في دفاع الخضر. فجمال بلماضي مازال مترددا في دعوة فوزي غولام لكأس إفريقيا، بحجة نقص المنافسة وخوف اللاعب من أن تعاوده الإصابة، كما أن تألق رامي بن سبعيني في ران وفوزه بكأس فرنسا أمام العملاق باريس سان جيرمان، جاء لكون اللاعب ينشط فمدافع أيسر، وهو المنصب الذي يتألق فيه حاليا اللاعب محمد فارس في سبال الإيطالي، مما يعني أن جمال بلماضي سيجد نفسه أمام مشكلة من يُلعّبه كمدافع أيسر، وكان خاليلوزيتش في مونديال البرازيل، قد لجأ إلى التدوير في هذا المنصب حيث لعب فوزي غولام مباراتي بلجيكا وألمانيا، ولعب جمال مصباح مباراتي كوريا الجنوبية وروسيا، كما أن منصب مدافع أيمن أيضا يشكل لغزا بالنسبة لجمال بلماضي، لأن المدرب يصرّ على أن يُشرك فيه لاعب بيتيس إشبيليا عيسى ماندي، وقد ينقل يوسف عطال إلى وسط الميدان وممكن حتى كجناح أيسر. أما في خط وسط الدفاع فإن معاناة جمال بلماضي باقية، خاصة أنه رفض من الأول خيار إشراك عيسى ماندي ورامي بن سبعيني سويا، وهو يراهن على تاهرات وجمال بلعمري، وهما لاعبان لا يحققان الإجماع لدى المختصين والمحبين، لأنهما لم يلعبا لحد الآن سويا أمام منتخب قوي في حجم السينغال أو مصر أو المغرب، وكل الكلام الجميل في حقهما جاء عقب مباريات مع منتخبات ضعيفة جدا في صورة غامبيا وطوغو، حيث يلعب تاهرات في نادي فرنسي متواضع في الدرجة الثانية، ويلعب جمال بلعمري مع فريق في دوري سعودي محدود جدا، والمشكلة الكبرى أن المدرب جمال بلماضي أضاع فرصا عديدة كان بإمكانه الثبات فيها على خط دفاع مستقر، ولم يبق أمامه سوى مقابلتين تحضيريتين على أكثر تقدير، قد لا تكونا كافيتين بالنسبة لبلماضي، الذي لم يلعب منذ أن قاد الخضر أبدا أمام منتخبات تضم مهاجمين من طينة محمد صلاح أو ساديو ماني. تأهل الخضر إلى مونديال جنوب إفريقيا سنة 2010، في زمن رابح سعدان تحقق بفضل قوة الخط الخلفي، في وجود رباعي يلعب دائما، وهم نذير بلحاج وعنتر يحيى ومجيد بوقرة ورفيق حليش، وتمكن المنتخب من الحفاظ على شباكه في مباراة رواندا خارج الديار في مواجهة انتهت بالتعادل السلبي، والصمود في لوزكا أمام زامبيا في مواجهة انتهت بفوز الخضر بهدفين نظيفين، هو الذي منح القوة للمنتخب الجزائري، وكل الهفوات التي تلقى فيها الخضر الأهداف في زمن هذا الرباعي كان المتسبب فيها الحارس فوزي شاوشي كما حدث في ثلاثية كان أونغولا، وفي هدف سلوفينيا في مونديال جنوب إفريقيا، الذي لم يتلق فيه رفقاء زياني سوى هدفين أحدهما من غلطة فادحة من الحارس شاوشي، والثاني أمام أمريكا في الوقت بدل الضائع، وما عدا ذلك فإن القوة الضاربة للخضر في تلك الحقبة هي الخط الدفاعي، الذي كان يسجل أكثر من المهاجمين حيث سجل عنتر يحيى أمام السنغال ومصر في تصفيات المونديال، وسجل حليش في أمم إفريقيا في أونغولا أمام مالي في دور المجموعات، وسجل نذير بلحاج أمام رواندا في البليدة وسجل بوقرة في زامبيا وقاد الخضر لفوز فتح باب التأهل أمامهم. فتح ورشة في دفاع الخضر، كان المشروع الأول لجمال بلماضي، عندما تسلّم زمام المنتخب الوطني، لكننا حاليا على بعد أقل من شهرين لم تظهر ثمار هذه الورشة، بالرغم من أن لاعبي الدفاع الجزائريين من غولام ومحمد فارس وبن سبعيني ومهدي زفان ويوسف عطال بصدد تقديم موسم استثنائي قد يكون الأحسن لمدافعي الخضر في التاريخ. ب.ع