أعلنت أحزاب مقاطعة الانتخابات المحلية المقبلة يأسا من نزاهتها، فيما رهنت أخرى مشاركتها بتوفر جملة من الشروط، لتعود مجددا مسألة الضمانات إلى الواجهة، ما ينذر بتضرر مصداقية الاستحقاق المقبل، ونحن على مقربة من موعد ال29 نوفمبر. الحزب الذي أعلن المقاطعة رسميا لحد الساعة، هو جبهة العدالة والتنمية التي يرأسها الشيخ عبد الله جاب الله، وبرر هذا القرار بغياب الإرادة السياسية لدى السلطة في الذهاب لانتخابات "شفافة ونزيهة"، بحسب ما أعلنه جاب الله لدى نزوله ضيفا على منتدى "الشروق" أمس . ومعلوم أن الانتخابات التشريعية الأخيرة عاشت على وقع معارك سياسية وإعلامية بين الأحزاب والسلطة، كان وقودها نزاهة العملية الانتخابية، التي أفرزت فوزا كاسحا لحزبي السلطة، ممثلين في جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، بدرجة اقل. ووضعت أحزاب أخرى شروطا قاسية للمشاركة، لا يبدو أن السلطة ستوافق عليها، على غرار جبهة الجزائرالجديدة، التي تصر على أن توكل مهمة تنظيم الانتخابات لهيئة مستقلة، مكونة من ممثلي الأحزاب والقضاء، وحصر دور الإدارة ممثلة في وزارة الداخلية والجماعات المحلية، في توفير أدوات ووسائل سير العملية الانتخابية. كما يتحدث رئيس الجبهة، جمال بن عبد السلام، في اتصال مع "الشروق" عن "ضرورة إبعاد كل المؤطرين الذين أشرفوا على مكاتب ومراكز الاقتراع في الانتخابات السابقة، وفتح القنوات التلفزيونية العمومية ومنها والخاصة، أمام مختلف الحساسيات السياسية الموجودة في الساحة"، إلى جانب مطالبة وزارة الداخلية بتقديم ضمانات بتسهيل عملية الترشح واستخراج الوثائق المتعلقة بها. وتطرح حركة مجتمع السلم، شرطا آخر يتمثل في إقصاء كل الأحزاب التي تعجز عن تقديم ممثلين عنها لمراقبة كافة مكاتب الاقتراع، عن المشاركة في عملية القرعة الخاصة بتوزيع المراقبين على المكاتب والمراكز، حتى لا تتكرر تجربة الانتخابات التشريعية الأخيرة، بسبب تخلي الأحزاب الصغيرة عن مسؤوليتها في رقابة المكاتب التي خصصت لها، وهو إجراء يعترف الناطق باسم "حمس"، فاروق تيفور، بأنه لا يقضي على التزوير، ولكن يقلل من حجمه. أما موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية، فيطرح اتفاق الأحزاب على "الجلوس مع السلطة لاقتطاف اعتراف منها بتوزيع عادل لما وصفها "أصوات الظلام" لكل الأحزاب بالتساوي، وألا تذهب هذه الأصوات لأحزاب دون غيرها"، في إشارة إلى حزبي السلطة - الأفلان والأرندي -، على حد تعبير المتحدث، الذي بدا من خلال عباراته، اليأس والإحباط من إمكانية تنظيم انتخابات محلية نزيهة وشفافة في ظل حالة التشرذم التي تطبع العلاقة بين مكونات الطيف السياسي. وتدفع حركة النهضة من بين شروطها، إبعاد الإدارة عن تنظيم العملية الانتخابية والاكتفاء بالجانب اللوجيستيكي، واستحداث هيئة مستقلة، على غرار تلك التي أشرفت على العملية الانتخابية في كل من مصر وتونس، وعدم إقحام الأسلاك النظامية في المعترك الانتخابي، كما جاء على لسان المكلف بالإعلام بالحركة، محمد حديبي. وتعكف لجنة تضم ممثلين عن كل من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، بحسب مصادر من داخل التكتل، على بلورة موقف باسم تكتل الجزائر الخضراء، بشأن الانتخابات المحلية المقبلة، تتناول كل الانشغالات المطروحة من قبل المناضلين، بما فيها إمكانية المقاطعة، في حال انغلاق السلطة على رؤيتها الخاصة في تنظيم الاستحقاق المقبل. وينتظر أن تحسم كل من حركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، وجبهة الجزائرالجديدة، في غضون الأسبوع المقبل، عن موقفها النهائي بشأن المشاركة في المحليات، علما أن المقاطعة غير مطروحة بالنسبة لأحزاب مثل جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي و"حمس" وجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب عمارة بن يونس، ناهيك عن الأحزاب المجهرية..