ذبلت ملامح أم الطفلين أنس وأمنية المصابين بفيروس “أو بي في” الخبيث رغم صغر سنها “24 سنة”، فكل تفكيرها منحصر في الحالة التي آل إليها طفلاها، ولازالت تكافح وتنحت الصخر على حد قولها وتنتظر الوعود التي تلقتها بالتكفل بملف ابنيها بعد ما تطرقت الشروق اليومي لقضيتها بتاريخ 14 ماي الفارط. تقول السيدة داودي أنها تلقت اتصالا من مديرية الصحة بولاية البليدة عقب نشر “الشروق اليومي” لحالة ابنيها المصابين بفيروس خبيث ونادر يهدد حياتهما ورفض المستشفيات استقبالهما بداعي انعدام الدواء، وتلقت الوعود بنقل انشغالها إلى وزارة الصحة علّها تجد السبيل لنقل ابنيها للعلاج، إلا انه لا جديد يُذكر ومعاناة الصغيرين وآلامهما تتضاعف، ويبدو “أن أبناء الشعب لا ينبغي أن يُنقلوا على جناح السرعة إلى مستشفيات الخارج، لأن حياتهم أو موتهم سيّان”، تعلق الأم. أما الأطباء الذين عاينوا حالة أنس وشقيقته أُمنية بعد نشر قضيتهما بجريدة الشروق، فقد أجمعوا أن للمحيط السكني بالغ الأثر في تعقد وضعهما وإصابتهما بالسرطان عاجلا لاسيما وان سكن الأسرة عبارة عن غرفة واحدة تقع بحي 17 جوان زعبانة ببلدية البليدة، سقفها من الترنيت الذي يحوي مادة “الأميونت” التي تقتل الصغيرين في صمت والفيروس النادر الذي ينهشهما قد يتحول الى سرطان يتفشى بكافة أعضاء جسمهما في أي لحظة، فأعينهما صارت تنزف دما في الفترة الأخيرة والأطباء نصحوهم بتغيير السكن وتحسين نمط الغذاء، تقول الوالدة “نحن نعرف كم من المهم أن نرعى أطفالنا ولا نتركهم يموتون ونوفر لهم البيت المريح والمأكل الطيب، الان انه ما باليد حيلة، فالوالد قابض بحافلة، ولكم أن تتصوروا مدخوله اليومي”، وخلال كل هذه الدوامة والهموم التي أرغمتها الحياة على تحملها لم تتوقف الأم المسكينة، وراحت تستجدي المسؤولين وتطلب مقابلة الوالي علّه يمنحها سكنا يجعل حالة ابنيها تستقر نسبيا، وحسبها فإنه سبق وأودعت طلبا يستوفي جميع شروط الاستفادة، ناهيك عن كونها حالة إنسانية استثنائية، فابناها يشرفان على الموت، تبتسم السيدة بمرارة وتقول “أن مقابلة الوالي “يوسف شرفة” كانت ستكون لحظة الفرح الوحيدة التي ستتذكرها ربما طيلة أيامها المقبلة”، لكن توسلاتها وشرحها لظرفها الصعب والخطير وحالة ابنيها المصابين بفيروس “أو بي في” القاتل لم تجد نفعا وقوبلت نظراتها الكئيبة وطلبها لقاء الوالي بالرفض، ففي النهاية هي “نظرات فقراء لا حول لهم ولا قوة” تقول السيدة، أما مقابلة الوالي حسب القائمين فيتطلب إيداع طلب خطي والانتظار ستة أشهر أو سنة، بينما يستمر عذاب عائلة داودي في انتظار دورهم لمقابلة المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي بولاية البليدة الذي قد يأتي وقد لا يأتي.