تتواصل أفراح الجزائريين في هذه الصائفة مع انطلاق موسم الحج وتنظيم “الوعدات” للحجاج قبل مغادرتهم أرض الوطن، حيث تتكرر يوميا مشاهد المواكب والأفراح التي تعلوها الزغاريد في كل مكان لتوديع ضيوف بيت الله الحرام على أمل اللّقاء بهم مجدّدا بعد حجّ مبرور وذنب مغفور. تعيش الجزائر في الآونة الأخيرة أفراحا متعددة، افتتحتها فرحة نجاح كثير من التلاميذ في شهادة البكالوريا التي خرج على إثرها الآلاف إلى الشوارع معلنين انتصارهم ولم تمض سوى 24 ساعة لتتلوها فرحة أخرى بطعم خاص وهي تتويج الجزائر بالكأس الإفريقية وافتكاكها النجمة الثانية بعد 29 عاما من الانتظار وهو ما أغرق البلاد في سيل بشري لم يسبق له مثيلا حيث عاش الجزائريون ليالي بيضاء في احتفالات اسطورية.. وهاهي اليوم مواكب الحجاج تطيل عمر هذه الفرحة لدى كثير من العائلات التي تبتهج بتأدية ذويها للركن الخامس من أركان الإسلام وهو ما يعد حلما وأملا يتعلق به المسلمون لإتمام فرائضهم وعباداتهم. ومن أهم العادات الجيّدة التي يحرص الجزائريون على القيام بها قبل زيارة البقاع المقدسة هي إقامة الوعدة وهي دعوة توجه لأهل الحاج والمقربين منه يجتمع فيها الجميع على مأدبة غذاء أو عشاء وتكون بمثابة فرصة للتسامح والتوديع من اجل بدء صفحة جديدة يعود فيها الحاج بعد تأديته الركن الخامس من أركان الإسلام كيوم ولدته أمّه. ويتميز الجزائريون بعادات خاصة في توديع حجاجهم الذين يحرصون على طلب الصفح والعفو من كل شخص يعرفونه أو تربطهم به معاملات أو علاقات وطرأ على تلك العادات تحديثات عديدة وإضافات من أهمها تزيين موكب الحاج بالورود والشرائط الملوّنة وتخصيص سيّارة من آخر طراز لزفّه إلى المطار على وقع أناشيد دينية مع إطلاق العنان لمنبهات السّيارات ومن الشباب من يحتفل على طريقته فيعمّ الأرجاء بالألعاب النارية والشماريخ في جو بهيج يضاهي أجواء مواكب الزفاف… ويحتل التصوير الفوتوغرافي مكانة خاصّة لا منازع له فيها لتوثيق اللّحظة والاحتفاظ بذكريات جميلة تبقى للتاريخ، حيث يتشارك فيها الأبناء والأحفاد وحتى الأقارب والأحباب. وأكّد أحد المصوّرين الفوتوغرافيين أنّ بعض العائلات باتت تستدعي المصوّرين المحترفين لتصوير مواكبها ومراسيم توديعها لحجاجها والاحتفاظ بذلك في شكل أقراص مضغوطة أو البومات فوتوغرافية وعادة ما يكون ذلك قبل الذهاب وبعد العودة. وتعدت أشكال الاحتفال المظاهر الخارجية والاستعدادات العائلية لتمتد إلى بعض أنواع الحلويات العصرية التي تميزت بتزيين الكعبة فيما أرفق بعضها الأخر بعبارة “حج مبرور” وحتى العلب وبقية الإكسسوارات باتت أكثر تماشيا مع المناسبة بكل تفاصيلها وجزئياتها، وهو ما أكدته بعض المحترفات في إعداد الحلويات في محلّها التجاري بالقبة الذي بات يقصده الكثيرون لحجز طلبياتهم في مواعيد متفرقة، حيث تؤكد صاحبة المحل أنها تواجه في الأيام الأخيرة زبائن كثر بعضهم يحضر لإقامة حفلات توديع لحجاجهم وجزء آخر منهم يقدم تلك الحلويات مهدية للحجاج لأخذها معهم.