يا عباد الله، أليس من الغرائب والعجائب والمصائب، أن ينقطع الماء الصالح للشرب فجأة ودون سابق إنذار، صبيحة عيد الأضحى، وعبر عديد الولايات، وفي نفس التوقيت تقريبا؟.. ثم أليس من العيب أن تبرّر “الجزائرية للمياه” ما لا يبرّر، وأكثر من ذلك، تحاول “مسح الموس” في انقطاع الكهرباء وارتفاع الحرارة؟.. ومن يتحمل المسؤولية في مثل هذه المهازل؟ رئيس دائرة القادرية والأخضرية، الذي تمّ إقالته بقرار من والي البويرة، نتيجة “أزمة العطش” التي ضربت المنطقة، هو مثال حيّ للاستهتار والتسيّب واللامبالاة، فهذا المسؤول كان منشغلا بالمشوي والمقلي، بينما كان مواطنو دائرته يحتجون ويفيضون غضبا ويقطعون الطريق السيّار، احتجاجا على الانقطاع الاستفزازي وغير المبرّر للماء! المثير للاستغراب والشبهة، أن الماء كان متوفرا 24 ساعة على 24 ساعة، إلى أن انقطع صبيحة العيد، وهو ما يطرح برأي خبراء عديد علامات الاستفهام والتعجّب، حول هذا التزامن واختيار الوقت وعدد الولايات “المستهدفة”؟ بما أثار الاستياء -وهذا ردّ فعل طبيعي- عبر هذه المناطق التي حُرم سكانها من قطرة ماء في يوم استثنائي لا يجب أن يغيب فيه الماء من الحنفيات في أيّ ظرف من الظروف، اللهمّ إلاّ إذا تعلق الحال بأمر جلل! ما حدث خلال العيد، وعودة أسطوانة “جاء الماء نوض أتعمّر”، يبقى غير أخلاقي و”فضيحة بجلاجل”، ويستحق من كان وراءها عقابا شديدا، لأنهم بفعلتهم -حتى وإن كان لأسباب تقنية- فإنهم أغضبوا المواطنين عبر عدة ولايات، في ظرف خاص تعيشه البلاد، بما يستلزم الكثير من الحذر والفطنة، لكن المتسبّبين في “عطش” آلاف أو ملايين الجزائريين، وتعذيبهم خلال العيد، تجاوزوا حدودهم واقترفوا خطيئة يتوجّب عليها الحساب والعقاب والمساءلة! إن سوء التسيير وتسيير السوء، لم يعدا مسموحا بهما، ولعلّ الحراك الشعبي وما تمخض عنه من تغييرات ومحاسبة وملاحقة وعزل وسجن المتهمين بالفساد من “الحوت الكبير”، من المفروض أن يكون درسا للجميع، والمسؤولين في مقدمتهم وعلى رأسهم، لكن الظاهر، أن بعض المستهترين والمتلاعبين والمتسيّبين والمهملين وغير المبالين وجماعة “الجموفوتيست”، يرتكبون أخطاء جسيمة لا يمكن تصحيح أمراضها إلاّ بالكيّ! فعلا، إن آلة الحساب المنصف، عليها أن تصل إلى الولاة ورؤساء الدوائر والأميار، ممّن لا يتعظون ولا يستفيدون من الدروس المتتالية، ولا من التجارب والخبرات والأزمات، والأكيد أن ما يراه البعض “أزمة عطش مفتعلة لأهداف مشبوهة”(..)، تبقى مؤشرا آخر على أن “الألغام” مازالت في بعض الزوايا من البيت، وهو ما يتطلب من المخلصين والخيّرين وكلّ المواطنين، المزيد من اليقظة لتفويت الفرصة على المتآمرين وأولئك الذين يصبّون البنزين على النار، ويشككون في كلّ شيء، ويرفضون جميع الحلول!