ماذا وراء دعوة بعض قيادات الأحزاب إلى تأجيل تنظيم الإنتخابات المحلية إلى ما بعد عيد الفطر المبارك؟، هل لهذا التوجه الرسمي داخل التشكيلات السياسية، علاقة بمتاعب فصل الصيف، أم بمحاولة تصحيح الوضع الحاصل في تشريعيات 17 ماي الماضي؟، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 36 بالمائة، وبالتالي فإن أهداف التأخير، سياسية وتكتيكية وليست زمنية؟ من المقرّر أن يتم إجراء إنتخابات تجديد المجالس الشعبية المنتخبة، البلدية منها والولائية، في 6 سبتمبر القادم، كما ينتظر عمليا أن يتم استدعاء الهيئة الناخبة خلال شهر جوان الجاري، لكن خرجة بعض الأحزاب ومطالبتها بتأجيل المحليات، يدفع برأي أوساط مراقبة إلى التساؤل عن أسباب وخلفيات هذه الدعوة، وإلى أي مدى يمكن للسلطات العمومية أن تستجيب لهذا الإقتراح، وهل ذلك لا يتعارض مع قوانين الجمهورية ونصّ الدستور وسمعة المؤسسات؟ عمليا ستنتهي عهدة المجالس المحلية، المنتخبة في 10 أكتوبر 2002، في 10 أكتوبر 2007، لكن تقاطع هذا التاريخ، مع حلول شهر رمضان، الذي سيبدأ يوم 13 سبتمبر ثم عيد الفطر "منتصف أكتوبر"، إضافة إلى الدخول الإجتماعي والمدرسي الجديد، سيحول دون السير العادي لتحضير العملية الإنتخابية، وهي فترة زمنية غير ملائمة إطلاقا للشروع في الحملة الإنتخابية التي تدوم 19 يوما، وقبلها اختيار الأحزاب لمرشحيها وإيداع الملفات والقوائم لدى المصالح الإدارية من أجل الفحص والتأشير عليها. لهذه الأسباب الظاهرة والمبرّرة، من المفروض "تقديم" موعد المحليات إلى 6 سبتمبر، أي قبل دخول شهر رمضان بأسبوع، وعودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، لكن الدعوة إلى تأجيلها، قد يخلط الأوراق ويعيد الحسابات، ومن بين خلفيات التأخير، هو تزامن أيام الحملة الإنتخابية مع فصل الصيف الحار، فهل من المعقول تنشيط تجمع جماهيري في منتصف شهر أوت؟، ومن سيحضر هذه المهرجانات الإنتخابية، إذا كان من المعلوم أن أغلب الجزائريين، خاصة الناخبين الشباب منهم، سيكونون منشغلين بالراحة والإستجمام على شاطئ البحر، أو ربما خارج الوطن في زيارات سياحية خلال فترة العطل الصيفية، ناهيك عن انشغال المواطنين بالدخول المدرسي وما يفرضه للأولياء من وجع الدماغ بسبب ضعف القدرة الشرائية؟ وبالتالي، فإن تنظيم المحليات بداية سبتمبر، وانطلاق التحضيرات الإنتخابية، بداية من جوان الجاري وجويلية الداخل، سيكون برأي بعض التوقعات، ضربة موجعة للإنتخابات المحلية، ولا يستبعد أن تجرى بدون ناخبين، وهو ما يهدد مصداقية وشرعية الإقتراع، خاصة في الشق المتعلق بنسبة المشاركة. ويبقى الآن السؤال متعلقا بإمكانية استجابة السلطات العمومية لمطلب بعض الأحزاب المشكلة للبرلمان، من عدمها، وهل سترضى بذلك الأحزاب الكبرى، المسيطرة على الأغلبية البرلمانية وأغلبية المجالس المحلية "الأفلان والأرندي" أم أنها ستسير ضد التيار، وتطالب السلطات بتنظيم المحليات في وقتها، تفاديا لخرق جديد للدستور، وتتحمل بذلك مسؤولياتها كاملة غير منقوصة في إنجاحها؟ وهل فعلا من مصلحة الأحزاب والسلطة معا تأجيل الإنتخابات المحلية، أم أن هواجس المشاركة الضعيفة والمقاطعة والإمتناع والتصويت العقابي، هي الدافع الحقيقي للشروع في تعبيد الطريق لإعلان التأجيل "الإضطراري" للإنتخابات المحلية، بغية كسب وقت إضافي لإقناع الناخبين بالمشاركة القوية، حتى وإن تم تطويل عمر المجالس المنتهية العهدة وتم مرمدة الدستور؟ وكانت بعض الأخبار تحدثت، مؤخرا، عن لجوء الدولة هذه السنة، إلى مراجعة رزنامة العطل الصيفية، بالنسبة للإدارة المحلية والمركزية، على وجه الخصوص، نظرا لتزامنها مع العملية الإنتخابية المتعلقة بتجديد أعضاء المجالس المحلية المنتخبة، وكانت أنباء أخرى، توقعت إجراء استفتاء تعديل الدستور في شهر نوفمبر القادم، أي بعد الإنتهاء من تنصيب المجالس المحلية الجديدة، وعليه، يرى متابعون، بأن تأجيل المحليات يعني تأجيل استفتاء الشعب حول الدستور، لأنه لا يعقل تنظيم عمليتين انتخابيتين بهذا الحجم، في نفس الشهر. وإذا أخذنا بعين الإعتبار أن موعد الإنتخابات المحلية سيكون افتراضيا في شهر نوفمبر "مثلما دعت إليه بعض الأحزاب"، أي بعد شهر رمضان، وفصل الصيف وبعد تمرير الدخول الإجتماعي بسلام، فإن مراقبين يتساءلون بالمقابل، حول ما إذا كان بالإمكان الشروع في تحضير العملية الإنتخابية خلال شهر الصيام والقيام ومباشرة بعد عيد الفطر، على اعتبار أن إجراء المحليات في نوفمبر، يستدعي انطلاق الحملة الإنتخابية أواخر أكتوبر، ويتطلب شروع الأحزاب في اختيار مرشحيها وإيداع قوائمها قبل انقضاء رمضان على أقصى تقدير، وبالتالي فإن خيار تأخير الإنتخابات ببضعة أسابيع، قد لا يحل "المشكل" نهائيا ويُبقي نسبيا على نفس العوائق، فهل التأجيل اختياري أم اضطراري، وهل ستؤجل المحليات إلى نوفمبر، أم إلى شهر آخر، أم أنها ستنظم في موعدها بأيّ ثمن. جمال لعلامي:[email protected]