يستيقظ قطاع التربية بأدرار على احتجاجات يومية في بداية الدخول المدرسي الذي أثر على السير العام لانطلاقة الموسم، حيث لا تزال الاحتجاجات والاعتصامات متواصلة أمام مقر المديرية من طرف خريجات المدرسة العليا للأساتذة بسبب عدم استلام تعيينهن بعد اجتيازهن تكوينا في المجال، فضلا عن أولياء التلاميذ، يضاف إليهم احتجاج أساتذة التعليم الابتدائي بسبب تحويلهم التعسفي إلى العمل في أماكن بعيدة عن مقر سكناتهم، كما أن المدارس التربوية لا تزال تشهد حالة عدم ارتياح من طرف الأولياء جراء سياسة الإهمال واللامبالاة من طرف الإدارة الوصية. .. أقسام منهارة وطاولات قديمة وغياب تام للطاقم التربوي بالمدارس النائية شهد الدخول المدرسي بولاية أدرار استثناء خاصا هذه المرة يعكس مدى الاهتمام الكبير الذي يقوم به القائمون على القطاع التربوي بالولاية على تتبع جميع النقائص ومعالجتها قبيل الدخول المدرسي الذي شهد اضطرابات غير مسبوقة وحالة من التسيب واللامبالاة وغياب الرقابة الفعلية والوقوف على مدى ملاءمة المؤسسات التربوية للاستقبال الجيد للتلاميذ. ودخل تلاميذ متوسطة عمر الفاروق ببلدية دلدول شمال ولاية أدرار إلى حجرات دراسية شبيهة بحجرات ضربها زلزال عنيف، أو قصف جوي في البلدان الحربية، أقسامها عبارة عن جدران مشققة وأسقف منهارة وطاولات قديمة ومهترئة، وهذا كله بسبب الأمطار الأخيرة التي ضربت المنطقة منذ العام الفارط في السنة الدراسية 2019|2018، حين تم توقيف وتعليق الدراسة لما يزيد عن الأسبوع تقريبا وتم إيفاد لجنة ولائية للوقوف على حجم الأضرار قصد إعداد تقرير تقييم حجم الخسائر وإرسالها إلى المصالح التقنية من أجل انطلاق مشروع إعادة ترميمها، علما أن هذه المتوسطة كانت عبارة عن أقسام لتدريس مرحلة التعليم الابتدائي منذ ثمانينيات القرن الماضي وتم ترقيتها إلى المتوسطة من أجل فك العزلة عن المنطقة النائية والمعزولة، علما أن تلاميذها كانوا يقطعون مسافة 50 كلم الذهاب المتوسطة أوقروت، إلا أن غياب الاستراتيجية طويلة المدى من طرف السلطات المحلية من أجل تشييد متوسطة جديدة وفق معايير عصرية جعل سياسة تجاوز الأمر الواقع والبريكولاج لتسيير المرحلة والتسويف سيد الموقف كالعادة في الولاية، وبات المواطن يناشد الجهات المعنية لكن لا حياة لمن تنادي، وطبعا يتم التدخل بعد وقوع حوادث جسمانية حينها يتم الترحم على الضحايا ولا ينفع البكاء على الأطلال. وأمام الوضع الراهن قامت جمعيات أولياء التلاميذ بتوجيه نداء استغاثة إلى السلطات العليا للبلاد للمطالبة بإعادة ترميم كلي لهذه المتوسطة التي أصبحت تشكل خطرا على فلذات أكبادهم، مؤكدين ضرورة محاسبة المتسببين والمتلاعبين بمصير أبنائهم التلاميذ، لأنه من غير المعقول أن اللجنة قدمت تقريرها إلى الجهات المعنية منذ عام تقريبا ولم يتم معالجة الملف، مهددين بمقاطعة الدراسة إلى غاية اقتراح حلول استعجالية قبل فوات الأوان، ومستقبل التلاميذ يبقى معلقا ما لم يتأكد بعد تدخل استعجالي. من جهتها، “الشروق” نقلت الانشغال إلى السيد والي أدرار، إلا إن هذا الأخير برر ذلك بعدم وجود المبلغ المالي الذي توافق عليه وزارة المالية للترميمات. .. غياب تام للطاقم التربوي بالمدارس وفي نفس السياق، لا تزال المدارس التربوية في المرحلة الابتدائية فارغة دون مؤطرين ولا مديرين خاوية على عروشها، حتى تاريخ التحاق الطواقم التربوية قبل الدخول المدرسي لم تحترم، فما بالك بموعد دخول التلاميذ، حيث دخل التلاميذ في فناء المدارس مع حارس المؤسسة فقط، الأقسام مغلقة والتلاميذ يلعبون في فنائها، لا تحية للعلم ولا حديث عن الدرس الافتتاحي الذي كان عنوانه حب الوطن… ولما تقربنا للاستفسار عن الوضع أكد الأولياء أن هذه الحالة طبيعية وظاهرة عادية عند دخول كل موسم مدرسي، أمام تماطل ممنهج في المناطق البعيدة عن أعين المسؤولين، وقد يصل موعد التحاق الأستاذ بالقسم شهرا تقريبا من انطلاق الدخول المدرسي، هذا إن بقي معهم مدة معينة ويتم تحويله وسط الموسم الدراسي إلى وجهة قريبة من المدينة، ليتم تعويضه واستخلافه بمتخرج جديد من الجامعة في إطار العقود أو الإدماج المهني، كما هو الشأن بالنسبة إلى بلدية قصر قدور وطلمين وبرج باجي المختار وتمياوين، حيث رفع قاطنو هذه المناطق صيحاتهم ونداءاتهم إلى الوزارة الوصية: “أبناؤنا يستغيثون… متى ينطلق الموسم الدراسي عندنا؟” ولا يمكن الحديث عن تدريس اللغات في هذه المناطق بسبب مشقة الأوضاع الاجتماعية والمهنية للأستاذ في تلك الجهة، ما جعل الأساتذة يتهربون منها، ولهذا نجد أبناء الجنوب مستواهم ضعيف في اللغات. كما أن هناك كارثة كبيرة أصبحت تسير القطاع التربوي بالولاية، ويتعلق الأمر بالأرقام المغلوطة التي تتباهى بها السلطات الولائية كعدد المنشآت التربوية المستلمة خلال هذا الموسم، حيث تم الإعلان عن استلام ثلاث ابتدائيات جديدة في المناطق النائية، وفي الواقع لا وجود لها، حيث أعلن سكان منطقة شروره بأدرار عدم افتتاح الابتدائية المذكورة، بل لا تزال في طور الإنجاز، والابتدائية القديمة لا تزال تعاني من الاكتظاظ، وتم إقصاء قسمين من التحضيري من أجل القضاء على العجز والاكتظاظ في المؤسسة، بل هي عبارة عن أرقام مغلوطة يتم تقديمها إلى السلطات المركزية بأن الخارطة التربوية على أحسن ما يرام، وحادثة جلوس ثلاثة تلاميذ على طاولة واحدة لا تزال متكررة في برج باجي مختار. وللإشارة، فإنه لا استغراب حينما يتذيل الترتيب الجنوب في مختلف الامتحانات الرسمية، لأن القاعدة عندما لا توضع على السكة الحقيقية، فإقلاعها يكون صعبا، وهذا ما انعكس سلبا على تطور الولاية وتحضرها في جميع مجالات، لا صحة جيدة ولا تعليم راقيا ولا استثمارات قائمة. ويضاف إلى ذلك موجة الاحتقان التي تختلج مشاعر سكان بلدية تسابيت وقصر قدور الذين يشعرون بخيبة الأمل من الوعود الكاذبة التي تلقوها من الوصاية خلال الموسم الماضي بتسجيل عملية لإنجاز ثانوية جديدة لفك الضغط عن ثانويتهم الحالية، إلا أن هذه الوعود لم تجسد على أرض الواقع إلى حد الساعة، ما جعل سكان المنطقة يستقبلون الموسم الدراسي الحالي بإحباط كبير جراء استمرار معاناة أبنائهم المتمدرسين، أضف إلى ذلك التذمر الذي أبداه أولياء تلاميذ ابتدائية عبد الحميد بن باديس بقصر تيدماين بلدية انزجمير جراء الوضعية الكارثية لهذه المؤسسة التي رسم معالمها انهيار أسقف حجرات الدراسة التي لا تزال أشغال ترميمها مستمرة رغم انطلاق موسم الدراسة إلى جانب عدم تزويد بعض الأقسام بالعتاد البيداغوجي الجديد خاصة الطاولات التي لا تزال حبيسة حظيرة مصالح بلدية انزجمير في أول أيام الموسم الدراسي. هذا إلى جانب مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه متوسطة 13 فيفري 1960 ومشكل ضعف التيار الكهربائي بمتوسطة صلاح الدين الأيوبي الواقعتين ببلدية رقان، حيث كانت هذه الانشغالات محل جدل كبير بين أولياء التلاميذ ومسؤولي قطاع التربية والجماعات المحلية خلال مراسم انطلاق الموسم الدراسي الحالي، التي جرت تحت إشراف وزير العلاقات مع البرلمان فتحي خويل في زيارته الرمزية إلى الولاية بالمناسبة.