حرب عالمية على امتداد شاطئ البحر الأبيض المتوسط، قابلة للتمدد، انطلقت من ليبيا، لا تبعدها مساحة فاصلة عن الجزائر، ولا تنأى عن مخاطرها، دون التأهب لفرض حصانة أمنية على امتداد الحدود الخارجية، وضمان استقرار سياسي/ اجتماعي داخلي، يكرس مستلزمات القوة المتكاملة في مواجهة تحديات راهنة. دول عدة وضعت الخيار العسكري في سلم أولوياتها، لما تراه خطرا يهدد أمنها القومي، ومصالحها الاقتصادية، وحقوقها البحرية، ناجما عن اتفاقية التعاون الأمني والعسكري، واتفاقية السيادة على المناطق البحرية، الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في ليبيا. قراءة مذكرتي التفاهم الليبي – التركي، تكشف عن انعكاسهما المؤثر على الأمن الإقليمي والأمن الدولي، وتخطيهما حدود السيادة في البلدين، وملامسة أمن دول الجوار وحقوقها البرية والبحرية : *تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا. *الحفاظ على الأمن وحماية سيادة ليبيا، وتعزز قدرات حكومة الوفاق في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية والجريمة. *حماية الحقوق البحرية للبلدين وفق القانون الدولي. *السيادة على المناطق البحرية بما يهدف لحماية حقوق البلدين ضمن حدود القانون الدولي. *التأسيس لمهام التدريب والتعليم، وتطوير الإطار القانوني، وتعزز العلاقات بين الجيشين التركي والليبي. * التعاون في تبادل المعلومات الأمنية ما بين ليبيا والحكومة التركية، وتغطية جميع الجوانب الأمنية. أما اتفاقية تحديد الصلاحيات البحرية في البحر المتوسط، فتنص على “أن تركيا وليبيا حددتا تحديدا “دقيقا وعادلا” المناطق البحرية لكل منهما في البحر الأبيض المتوسط، حيث “يمارس الطرفان السيادة والحقوق السيادية و/ أو الولاية القضائية وفقا لقواعد القانون الدولي المعمول بها مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة”. وإذا ما حققت تركيا مكاسب في الثروات والموارد الطاقوية وتأمين حمايتها عسكريا، عبر مذكرتي التفاهم تلك، فإن ما تخشاه دول الجوار هو انتقال الأزمة الأمنية في شرق البحر المتوسط “سوريا” إلى غرب المتوسط، من خلال ترحيل التنظيمات الإرهابية المتطرفة والمتمركزة في مدينة إدلب إلى دول الساحل الإفريقي عبر ليبيا، التي تعتبر نقطة التواصل الجغرافي معها، وهو ما يهدد أمن الجزائر القومي وأمن المنطقة المغاربية برمتها . الخطر يداهم المنطقة المغاربية دون شك، وقد يتمركز على طول حدود دول الساحل الإفريقي المتأزم أمنيا من قبل، بفعل القواعد الإرهابية المتواجدة فيه، والمتأهبة لشن هجماتها العدائية بين حين وآخر. خيارات التفاهم السياسي انعدمت، وآلة الحرب العسكرية تتحرك بقوة في ليبيا، وتسمع صدى أصواتها في المناطق الحدودية، ومخاطرها تقترب شيئا فشيئا، مع احتمال اتساع مساحاتها، وتعدد القوى الدولية والإقليمية المحركة لها. حالة التأهب الأمني فرضت ضروراتها، لاحتواء خطر يداهم البلاد، يتنامى اتساعا خلف حدود قريبة، لا تقع مسؤولية مجابهته على قدرات المؤسسة العسكرية فحسب، إذ يتعداها إلى قطاعات شعبية، تدرك شرط الاستقرار الداخلي، في درء مخاطر التحديات المحدقة بالأمن القومي.