بدأت الكثير من فئات المجتمع الجزائري، في الإدارات والبيوت والمقاهي والشوارع، تلتفت بشكل أهمّ إلى تطورات الوضع في الجارة ليبيا، وهذا برأي مراقبين تطور في تعامل المواطنين مع الأحداث “البديلة”، حيث غاب مثل هذا الاهتمام والرصد، منذ اندلاع حراك 22 فيفري، إمّا بسبب الانشغال بالوضع الداخلي، وإمّا لتغطية “الأزمة السياسية” وخلفياتها خلال العشرة أشهر الماضية، على أيّ حدث دولي وإقليمي مهما كان! لا يُمكن الآن، بأي حال من الأحوال، إهمال تسارع المستجدات بالشقيقة ليبيا، خاصة في الشقّ المتعلق ب”التدخل الأجنبي”، وقرع طبول الحرب، والعمل على تحويل ليبيا، ومن خلالها كلّ المنطقة إلى “ساحة قتال” جديدة بين قوى عالمية، تريد تصفية حساباتها بعسكرة شمال إفريقيا، من أجل فتح نافذة للتسرّب والاختراق، بما يساعد بعدها على التفتيت والابتزاز! الجزائريون فهموا جيّدا “الفيلم”، ولذلك بدؤوا يحذرون ويناقشون أطماع وأهداف “القوى المتصارعة” على ليبيا، كما أصبح المواطنون يبدون اهتمامهم بالتصريحات والتحذيرات والسيناريوهات المحتملة لهذه “الحرب الجديدة”، التي مثلما دفعت الناس إلى المطالبة بالحذر واليقظة، فإنها دفعتهم أيضا إلى لمّ الشمل وعدم الغرق في “الحراك الداخلي” الذي عليه أن ينتهي -ولو تدريجيا- بعد انتخاب رئيس الجمهورية ووضع القاطرة على السكة! الجزائريون متضامنون مع أشقائهم في أرض عمر المختار، وهم يرفضون أيّ تدخل أجنبي في شأنهم الداخلي، الذي يجب أن يتمّ حله بين الليبيين لوحدهم ودون سواهم، ومن أراد أن يتدخل، فمن أجل إصلاح ذات البين والمساعدة على تغليب لغة الحوار على لغة السلاح، ووقف صبّ البنزين على نار الأشقاء الفرقاء، الذين عليهم أن يتصالحوا ويجلسوا حول طاولة ليبية، وليبية فقط! عندما كان الجزائريون “منشغلين” بحراكهم من أجل التغيير، وضعوا كلّ القضايا “الخارجية” جانبا، ولو مؤقتا، لكن بعدما انطلقت مهمة بناء “الجزائر الجديدة”، فإنهم عادوا إلى سابق عهدهم، يناصرون ويتضامنون و”ويتكتلون” مع إخوانهم ضد “قوى الشرّ”، التي لا تحبّ الخير للدول الناشئة، وتتعامل معها للأسف كمستعمرات قديمة (..)، وهو ما يؤكد أن الجزائري، كالطير الحرّ، لا يمكنه أبدا أن يخنع أو يركع، وإذا مات يموت واقفا وحرّا. الحاصل هذه الأيام بليبيا، من وعيد وتهديد يستهدف وحدتها وسيادتها وحرية قرار شعبها الواحد الموحّد، أيقظ الهمم وأحيى كبرياء الجزائريين، الذين يقفون دائما مع إخوانهم، “ظالمين أو مظلومين”.. وهاهم اليوم، ينصرون أشقاءهم الليبيين، حفاظا على استقلالهم ووحدتهم الشعبية والترابية، رافضين بالمطلق وتحت أيّ تسمية لأي “استعمار جديد”!