وصل التوتر بين إيرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية إلى أعلى مستوى له منذ احتل طلاب إيرانيون سفارة واشنطن في طهران في عام 1979. وهدد حكام إيران من رجال الدين والقادة العسكريين بالثأر بعد ضربة جوية أمريكية على مطار بغداد، الجمعة، أدت إلى مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والعقل المدبر لتنامي نفوذها العسكري في الشرق الأوسط. ونشرت وكالة رويترز للأنباء، السبت، عدة خيارات متوقعة من إيران للرد على مقتل الجنرال سليماني. القوة العسكرية سبق أن استخدم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لغة التهديد والوعيد خلال عدة أزمات، لكن لم يبد أي منهما اهتماماً بالحرب الشاملة. لكن لا يمكن استبعاد حدوث مواجهة عسكرية. ويواجه خامنئي معضلة. فإذا دعا إلى ضبط النفس، فقد يبدو ضعيفاً في الداخل وبين الوكلاء الذين وسعوا نطاق النفوذ الإيراني. ولهذا السبب، فقد تلجأ إيران لخيار الانتقام على نطاق أصغر. وقال كريم سجادبور، وهو باحث بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي على تويتر، إن على خامنئي أن يزن رد الفعل بعناية. وقال “الاستجابة الضعيفة تخاطر بفقدان ماء الوجه، والاستجابة المفرطة في القوة تخاطر بفقدان رأسه. خامنئي هو الخصم الدولي الأكثر أهمية بالنسبة لترامب في عام 2020”. ووفقاً لتقرير أصدرته وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية في ديسمبر، فإن القوة العسكرية الإيرانية تعتمد على ثلاث قدرات أساسية هي برنامج الصواريخ الباليستية والقوات البحرية، التي يمكن أن تهدد الملاحة في الخليج الغني بالنفط، ووكلاء الفصائل التابعة لها في بلدان مثل سورياوالعراق ولبنان. وتقول إيران إنها تمتلك صواريخ دقيقة التوجيه وصواريخ كروز وطائرات مسيرة مسلحة قادرة على ضرب القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، والوصول إلى “إسرائيل” العدو اللدود لطهران وحليف الولاياتالمتحدة. ويمكن لصواريخ شهاب الباليستية محلية الصنع في إيران، والتي يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، حمل عدد من الرؤوس الحربية. ورداً على مقتل سليماني، يمكن لطهران أو وكلائها مهاجمة ناقلات النفط في الخليج والبحر الأحمر، وهو ممر شحن عالمي رئيسي للنفط وغيره من التجارة لأنه يربط المحيط الهندي بالبحر المتوسط عبر قناة السويس. إغلاق مضيق هرمز قد تؤدي المواجهة العسكرية أو التوتر المتزايد إلى وقف تدفق النفط عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره خمس إنتاج النفط العالمي. ويمكن لمثل هذا الانقطاع، ولو لفترة قصيرة، أن يؤثر على الولاياتالمتحدة والعديد من البلدان في جميع أنحاء العالم. ولا تستطيع إيران من الناحية القانونية إغلاق الممر المائي من جانب واحد لأن جزءاً منه في المياه الإقليمية لسلطنة عُمان. ومع ذلك، تمر السفن عبر المياه الإيرانية، التي تقع تحت مسؤولية بحرية الحرس الثوري. ويمكن لطهران استخدام صواريخها وطائراتها المسيرة والألغام وزوارقها السريعة ومنصات إطلاق الصواريخ في منطقة الخليج لمواجهة الولاياتالمتحدة وحلفائها. وفي السنوات الأخيرة ، كانت هناك مواجهات متكررة بين الحرس والجيش الأمريكي في الخليج. وقال مسؤولون أمريكيون، إن إغلاق المضيق سيتجاوز “خطاً أحمر” وإن أمريكا ستتخذ إجراءات لإعادة فتحه. تكتيكات إيران غير المتوقعة والوكلاء قد يعرض قتل سليماني القوات الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط للخطر. وتعتمد إيران بشكل أساسي على تكتيكات غير متوقعة وعلى وكلائها الإقليميين لمواجهة الأسلحة الأمريكية الأكثر تطوراً. ونقلت إيران طائراتها المسيرة وخبرتها الفنية إلى الحلفاء. واستخدم الحوثيون اليمنيون صواريخ وطائرات إيرانية الصنع لقصف مطارات في السعودية، خصم إيران الرئيسي في المنطقة. واتهمت الولاياتالمتحدة والسعودية إيران بتنفيذ هجمات على ناقلات نفط بالقرب من المضيق العام الماضي كما حملتا طهران المسؤولية عن هجمات على منشأتي نفط في المملكة في سبتمبر. ونفت طهران هذه الاتهامات. واستخدمت الفصائل المدعومة من إيران في العراق قذائف المورتر والصواريخ لمهاجمة القواعد التي تتمركز فيها القوات الأمريكية. وفي جوان، اقتربت إيران من الحرب مع الولاياتالمتحدة بعد أن أسقطت طهران طائرة أمريكية مسيرة بصاروخ سطح/جو في تحرك كاد يؤدي لضربات انتقامية أمريكية. توقيت يرى علي الفونة وهو باحث كبير في معهد دول الخليج العربي في واشنطن أن من غير المرجح أن تسارع إيران لاتخاذ إجراء. وقال “إيران ليس لديها خيار سوى الرد والانتقام لاغتيال الميجور جنرال سليماني.. لكن الجمهورية الإسلامية تتسم بالصبر وتوقيت وطبيعة هذه الضربة ليس معروفاً لنا بعد”. وأثبتت إيران وحلفاؤها أن نفوذهم واسع النطاق. في عام 1994، قاد أحد أعضاء حزب الله اللبناني المدعوم من إيران شاحنة محملة بالمتفجرات إلى مبنى جمعية المساعدة اليهودية الأرجنتينية، مما تسبب في مقتل 85 شخصاً. وتلقي الأرجنتين باللوم على إيران وحزب الله في الهجوم وهو ما ينفياه. كما تلقي الأرجنتين باللوم على حزب الله في الهجوم على السفارة الإسرائيلية في بوينس أيرس عام 1992 والذي أدى إلى مقتل 29 شخصاً. ويقول مسؤولون أمريكيون وأرجنتينيون، إن حزب الله ينشط فيما يعرف بمنطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، حيث يمول اقتصاد غير مشروع عملياته. وكتب سجادبور من كارنيغي على تويتر، إن ما سيحدث “على الأرجح هو هجمات مستمرة بالوكالة ضد المصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن على المستوى الإقليمي وحتى العالمي. لإيران باع طويل في هذه الهجمات في أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بدرجات متفاوتة من النجاح”. الدبلوماسية لا المواجهة في الماضي، أبقى قادة إيران الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية لتحقيق أهدافها، ولا سيما عندما يتعرض اقتصادها لضغوط شديدة بسبب العقوبات الأمريكية الهادفة إلى إضعاف قيادتها. وقال دبلوماسي إقليمي كبير: “سبق أن عملت إيرانوأمريكا معاً في أفغانستانوالعراق ومناطق أخرى. لديهما مصالح مشتركة وأعداء مشتركين. سيدفع الجانبان ثمناً باهظاً في المواجهة العسكرية لكن بوسع الدبلوماسية حل الكثير من المشاكل كما أنها خيار”. واستبعدت إيران إجراء محادثات مع الولاياتالمتحدة ما لم تعد واشنطن إلى الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 وترفع كل العقوبات التي عاودت فرضها على طهران بعد انسحابها من الاتفاق في عام 2018. وفي مؤشر على أن الباب مفتوح للدبلوماسية، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد مقتل سليماني، إن واشنطن ملتزمة بخفض التوتر في المنطقة. وقال سجادبور: “في الوقت الذي يتوقع فيه كثيرون حرباً عالمية ثالثة، فإن العقود الأربعة الأخيرة من تاريخ إيران تبرز أن الشيء الأهم بالنسبة للجمهورية الإسلامية هو بقاؤها. طهران لا تتحمل حرباً شاملة مع الولاياتالمتحدة في الوقت الذي ترزح فيه تحت وطأة عقوبات اقتصادية مرهقة واضطرابات داخلية، ولا سيما من دون سليماني”. From war to diplomacy, Iran weighs response to Soleimani's killing https://t.co/KHKgWa3KW5 pic.twitter.com/Ynb5iJnQe5 — Reuters (@Reuters) January 4, 2020