يظل الموقف الجزائري ثابتا واحدا موحدا، خالدا، لا يتغيّر أبدا، عندما يتعلق الأمر بدعم قضايا التحرّر في العالم، ورفض أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي للدول، وهو المبدأ الجزائري غير القابل للتنازل أو التفاوض، ولذلك، تقف الجزائر على مسافة واحدة من الأشقاء الفرقاء في الجارة ليبيا، داعية إلى “سلم الشجعان”، ورافضة لأيّ إقحام أجنبي في أرض عمر المختار! لقد قالها البطل الشهيد عمر المختار للمحتلّ الإيطالي: “نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نستشهد”، ولأن هذه المقولة الخالدة، تتقاطع مع مقولات شهداء الجزائر، فإن هذه الأخيرة، تقول بأعلى صوتها “لا للحرب”، عندما يتعلق الحال بخلافات وفتنة بين أبناء البلد الواحد، وتقول كذلك بأعلى صوتها “لا للتدخل الأجنبي”، وتقول أيضا بلا تردّد “مع القضايا العادلة ظالمة أو مظلومة”! الموقف الجزائري من “الحروب” في سويا واليمن والعراق وليبيا ومالي، يكاد يكون مصدرا تستلهم منه المجموعة الدولية، نداء العقل، ولغة الحكمة والتبصّر، في حلحلة المشاكل المستعصية، بالحوار والدبلوماسية، بدل طريق البنادق والمدافع، التي يلجأ إليها الثوّار فقط وحصريا لتحرير أوطانهم من أقدام المستعمرات الغاشمة والدفاع عن استقلالهم ووحدتهم الترابية والشعبية وسيادتهم وحريتهم التي لا تقبل المساومة والمناولة! يشهد التاريخ القديم والمعاصر، أن الجزائريين حاربوا ببسالة ضد المستعمر الفرنسي الهمجي، ودفعوا مليون ونصف مليون شهيد لتحرير أرضهم، وحاربوا إلى جانب إخوانهم العرب ضد إسرائيل ومن أجل القدس، في الستينيات والسبعينيات، ومازالوا إلى اليوم يحاربون دبلوماسيا ضد التطبيع ويقفون مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، ويحاربون في نفس الوقت ضد التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول الحرة والمستقلة! الجزائر ترفض الحرب في ليبيا، وتدعو إلى السلام، والسلم بين الإخوة الليبيين، وترفض أساليب التحريض والتأليب والتعفين والتصعيد وصبّ البنزين على النار، ولذلك، لا تتردّد في استضافة كلّ الأطراف المعنية، من أجل إسكات صوت الرصاص، واستعادة الأمن والاستقرار، وإعادة البسمة للأحياء الناجين، وللأطفال اليتامى والنساء الأرامل ممن فقدوا أبا أو أخا وابنا في حرب بدأت منذ سنوات ولا تريد أن تضع أوزارها! لا يُمكن لأيّ طرف أن يعقّد الجزائر في مواقفها، أو يغيّر مبادئها التي لا تقبل التغيير أو التحوير أو التكسير، فهي مع السلم وضدّ الحرب إلى أبد الآبدين، ومثلما ترفض أن تتدخّل أيّ جهة أجنبية في شانها الداخلي، فإنها لا تريد أن تتدخل في شأن غيرها، وهذه علامة مقدّسة “مايد إين ألجيريا”، لا تقبل القسمة على اثنين، ولا التجزئة ولا هم يحزنون!