لا يزال مجموعة من الشباب الجزائريين المقيمين في ميلانو ونابولي وروما ومدينة بريشيا يواجهون المصير المجهول في السجون الايطالية،وذلك بعدما اعتقلتهم السلطات الايطالية بتهم "الانتماء ودعم الجماعات الإرهابية"، غير أن الدليل الوحيد الذي قدمته المحكمة هو تسجيلات عن مكالمات هاتفية ورسائل تلاقاها ياسين احمد ناصر احد المعتقلين من الأهل والأصدقاء بمناسبة عقد القران أو "الفاتحة". غير أن السلطات الايطالية وبطريقة غريبة، فسرت "التهاني" بكون صاحبها تلقاها "للمباركة" على العمليات الإرهابية التي عاشتها الجزائر. اعتبر لمين احمد ناصر شقيق ياسين المتواجد في سجن ميلانو بايطاليا، ان ما يعيشه أخوه رفقة الجزائريين الآخرين هم ظلم من طرف السلطات الايطالية، بحيث ان شقيقة ياسين والآخرين الذي سجنوا أرسلوا له التهاني بمناسبة زواجه، استفادوا في 28 أكتوبر 2006 من عفو رئاسي بمجرد وصول مرشح اليسار رومانو برودي إلى رئاسة الحكومة، وهو القرار الذي استقبله الجزائريون بصدر رحب، لكن فرحتهم لم تدم إلا ساعات حيث تفاجؤوا بعد أربعة وعشرين ساعة من العفو الرئاسي بقرار صادر عن المحكمة يقضي بإلغاء العفو، حيث أمرت المحكمة بإلقاء القبض على ياسين احمد ناصر استنادا إلى تسجيل لمكالماته الهاتفية الذي أجرته المخابرات الايطالية يوم 25 مارس 2005 وهو اليوم الذي تلقى فيه التهاني من طرف أعضاء أسرته بمناسبة "قراءتهم الفاتحة" على عروسه، بالإضافة إلى ذلك أمرت المحكمة بتوقيف الجزائري علي الحيط لأنه بعث برسالة قصيرة "لابن بلده الذي تعرف إليه في سجون ايطاليا" ليعرب له عن فرحه ويبارك له بمناسبة زواجه، غير أن السلطات الايطالية، اعتبرت أن التهاني "لا تمت بصلة بالفاتحة وإنما "هي مباركات على العمليات الإرهابية التي تضرب مختلف أرجاء الجزائر". في ذات السياق، يؤكد لمين احمد ناصر انه منذ صدور قرار المحكمة بتوقيف شقيقه والجزائريين الآخرين، شرع في رحلة ماراطونية لإصدار عشرات الوثائق التي تثبت براءة شقيقه وعدم تورطه في أي عمل إجرامي بالجزائر، وذلك بكلب من رئيس محامي الجزائريين السيد "جاكومو باتشي" الذي طلب منهم نسخة عن صحيفة السوابق العدلية لياسين احمد ناصر، وهي الوثيقة التي أرسلها لمين بالإضافة إلى شهادة الإمام الذي حرر عقد الزواج زيادة على شهادة خطية ممضية من طرف رابح كبير القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ والتي يؤكد فيها "عدم وجود أي علاقة تربط ياسين احمد ناصر بالجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر". غير أن العائلة –حسب نفس المصدر- تعجبت لقرار وكيل الجمهورية بمحكمة ميلانو والذي رفض الاعتراف بالوثائق التي طلبها المحامي باعتبارها "غير رسمية" بالرغم من أن صحيفة السوابق العدلية مصادق عليها من طرف وزارتي العدل والشؤون الخارجية الجزائرية بالإضافة إلى مصادقة سفارة ايطاليا بالجزائر عليها، نفس الشيء قامت به العائلة مع عقد الزواج وشهادة إمام مسجد الرحمن بعنابة، والتي صودق عليهما من طرف مديرية الشؤون الدينية والوزارة الوصية قبل وضع ختم السفارة الايطالية عليها. حكاية ياسين احمد مصور والشباب الجزائري مع العدالة الايطالية لم تتوقف عند هذا الحد، بحيث أنهم يعيشون في إفراج مؤقت منذ توقيفهم للمرة الأولى شهر جوان 1995، أي بعد عام من العلاقات المتوترة بين الجزائر وايطاليا على اثر احتضان مدينة "سانت ايجيديو" بضواحي روما لاجتماع للمعارضين الجزائريين لتوقيف المسار الانتخابي عام 1991، حيث وجهت لهم تهم الانضمام لجماعات إسلامية مسلحة ( الجيا) وتقديم الدعم لها بالإضافة الى تهمة العمل على إسقاط النظام الجزائري، وعلى اثر هذا التوقيف، بقي ياسين رهن الحبس الاحتياطي مدة خمسة اشهر ، ليطلق سراحه "مؤقتا" بعدما دخل في إضراب عن الطعام دام ايام. غير أن الإفراج المؤقت لياسين وبقية الجزائريين دام "عشرة سنوات الا عشر ايام"، وفي هذا السياق، يوضح شقيق ياسين ان القضاء الايطالي عجل في برمجة المحاكمة الثالثة للجزائريين لان العدالة الايطالية "لا تنظر في القضايا التي مر عليها عشر سنوات فما فوق" وقد برمجت الجلسة ليوم 19 ماي 2005 ليتفاجىء ياسين وباقي الجزائريين "بقصة تسجيل المكالمات الهاتفية". وفي سياق ذي اتصال، يشير لمين احمد منصور الى ان شقيقه والجزائريين الآخرين، تحولوا الى ورقة تلعبها السلطات الايطالية "كلما ارتأت أنها تخدم مصالحها، بحيث كلما ظهر تنظيم إرهابي في الجزائر او في العالم، الا واتهمت شقيقي والباقين بالانتماء اليه آخرها كانت تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن" في حين يؤكد من جانب آخر، ان العمل الوحيد الذي شارك فيه شقيقه هو المظاهرات الطلابية التي شهدتها جامعة عنابة عام 1992 للاحتجاج عن توقيف المسار الانتخابي وفتح المعتقلات في الصحراء الجزائرية، الأمر الذي دفع به إلى الفرار نحو ايطاليا بحثا عن السلم والأمان. حمزة.ب