تعيش الأسرة حياة هانية سعيدة، وفجأة دون سابق إنذار يخطف الموت الزوجة والأم وعماد الأسرة، فتنهار الدنيا بما فيها، ويبقى الزوج في حالة صراع داخلي، بين الوفاء والزواج من امرأة أخرى.. وتتجة كل الأنظار إلى أخت الزوجة، لأنها الأقرب والأحن.. هل هو الحل الأفضل ولصالح من؟ هل تقبل الجزائرية بهذه التضحية؟ الشروق العربي، تروي الشهادات وتسبر الآراء في موضوع يكتنفه الضباب. حكايات كثيرة ناجحة، لنساء ضحين بمستقبلهن للزواج بأزواج أخواتهن المتوفيات، في سبيل تربية الأولاد، وفي هذه الحالة فقط، لا يوجد امرأة لئيمة إلى درجة تتزوج زوج أختها باسم الحب أو الثروة، دون وجود أولاد تضحي من أجهلم، فلا العرف يقبل ولا نظرة الناس سترحمها من لقب خرابة البيوت. السيدة نعيمة، 45 سنة، تروي حكايتها مع هذا النوع من الزواج، فتقول: "تزوجت زوج اختي، بعد وفاتها بستة أشهر، لأنها تركت رضيعا صغيرا وطفلتين، كنت أحبهم حبا جما، لكنني أعترف بأن علاقتي بهذا الرجل لم تكن علاقة زوجية بأتم معنى الكلمة.. كنت كلما أقترب منه أشعر بأنني أخون ذاكرة أختي، ورغم أن الجميع كانوا يرددون دائما عبارة "أنت لا تقترفين حراما"... إلا أنهم لم يدركوا عذابي الداخلي، أنا أحب أولاد أختي، لكنني أحيانا أتساءل: هل كان الأمر يستحق كل هذه التضحية؟ لقد ضحيت بسعادتي، وكنت ضحية العائلة الأنانية، التي أجبرتني على لعب دور لم أكن مستعدة له تمام الاستعداد... حتى زوج أختي، كان باردا معي، لأنه كان يحس بنفس عقدة الذنب مثلي". أما السيدة آمال، فقد عاشت نفس التجربة، لكن قصتها انتهت بالطلاق، "قبلت الزواج بزوج أختي المتوفاة، كي لا أحرم أبناء أختي من الحنان الذي فقدوه بموت أعز إنسان إلى قلوبهم، وكي يبقوا على اتصال دائم بأمي، أي جدتهم وبأخوالهم وخالاتهم..." تتوقف قليلا لتلتقط نفسا وتسترسل: "لكنني اكتشفت أن أختي كانت متزوجة برجل بخيل فظ، لم يعرها أي اهتمام في حياتها، ولا يذكرها البتة بعد رحيلها، وأحيانا عند حدوث مناوشات، كان يقارنني بأختي، ويقول إنني أشبهها في سوء الطباع... كيف يجرأ هذا الوغد على تلطيخ ذاكرة أختي.. صبرت حتى بلغ الأولاد سن الرشد ثم طلبت الطلاق، وقد اختاروا العيش معنا بعدها.. " خالة أو زوجة أب نورهان، من بين الرافضات لفكرة هذا الزواج، وتعلل رفضها بقصة حدثت في محيطها: "أعرف جارة لنا توفيت أختها، ورضيت بالزواج بزوج أختها المرحومة، بعد ثمانية أشهر من رحيلها، لم يكن هناك زفاف بل "عشات الحلال" كما يقال... الغريب، أن هذه الخالة كانت قاسية جدا على أولاد أختها، وتعاملهم بطريقة فظة وعنيفة، خاصة بعد أن رزقها الله بطفلين من زوج أختها الذي كان لا يرفض لها طلبا... قلبي يتقطع عند رؤيتي هؤلاء الأولاد بوجوههم الحزينة المجهمة... لو تزوج هذا الرجل بامرأة أخرى، لبقيت هذه الخالة خالة حانية بدل أن تتحول إلى زوجة أب قاسية". قصة أخرى، يندى لها الجبين، لرجل توفيت زوجته الأولى، وتركت له طفلا رضيعا، فقرر الزواج بأخت زوجته، غير أنها بدل مساعدته على تربيته كانت تشجعه على التدخين عندما صار مراهقا، وكانت أحيانا تتحرش به، وبعد أن اكتشف الحقيقة طلقها، ومنع ابنه من رؤيتها ثانية". في أحد منتديات الصحة النفسية، تفاجأت بمشكلة عرضتها فتاة جزائرية، عاشت نفس التجربة، فوالدها تزوج أمها بعد وفاة خالتها، ما سبب لها عقدة نفسية، عندما كبرت وفهمت الأمر. والغريب في حكايتها، أن والدها عندما سألته قال لها إنه لا يحب والدتها، وإنه من حبه لخالتها تزوج أختها، التي كانت تشبهها كثيرا، وعندما سألت أمها أخبرتها هي الأخرى بأنها لا تكن أي مشاعر لزوج أختها، وأنها فعلت ذلك لتربية أبناء خالتها وضحت كي لا يتعس هؤلاء في حياتهم". يوميات متزوجة بلا زواج طرحنا هذا الموضوع على نساء وفتيات، لرصد ردود أفعالهن في مثل هذه الحالات.. وسيلة، امتعضت كثيرا من السؤال: "لا أدري، لكنني لا أستسيغ الفكرة تماما، كيف يمكن أن أعيش في بيت أختي وأتزوج أرملها بعد موتها لا سمح الله.. زوج أختي بمثابة أخ لي".. تقول سامية: "في رأيي الشخصي، الأمر يعود إلى علاقة الأخوات مع بعضهن، يعني كلما كانت العلاقة وطيدة بين الأخوات، استطاعت الأخت أن تحتوي أبناء أختها، ويمكن أن تعوض لهم مكان الأم، ولو أن الأم لا يمكن أن يحل مكانها أحد.. ومن جهة أخرى، إن كانت الخالة تسعى إلى الحفاظ على تماسك الأسرة، وألا يحل مكان أختها شخص غريب، فإنها حتما ستقبل دون أي تأويل آخر، مادامت تسعى للم شمل العائلة من جديد، وطبعا إن كانت حقا تستحق لقب خالة، فمرات كثيرة نسمع أن الخالة لا تحمل من القرابة إلا الاسم". وتسري في بدن سعاد قشعريرة، قبل أن تتلفظ بكلمة: "لقد حدث هذا مع عائلة صديقتي، توفيت ابنتهم وهي تضع طفلا، فلم يمض وقت طويل حتى تزوج زوجها بأختها الأصغر منها.. والأخت هذه يوم الزفاف ارتدت حلي أختها المتوفاة، ولم تقم العائلة بتغيير أي شيء بالبيت، زُفت إليه كما تركته أختها.. حتى الخزانة مازال فيها ملابسها وأغراضها". أما نادية، فليست ضد الأمر: "أنا لست ضد اتخاذ أخت الزوجة كأم بديلة للأم المتوفاة، لأنّ الخالة ستكون أحن على الأطفال من غيرها"... مريم، تفكر في الأمر بطريقة أخرى: "نعم، سأقبل في هذه الحال، لأن تربية أولاد أختي أهم من أي اعتبار، ولن أتركهم في براثين زوجة أب قاسية، وأنا يمكنني أن أسعدهم". عيشة، تشاطرها الرأي، وتذهب أبعد في تفكيرها: "أنا لو كتب الله لي أن أفارق الحياة سأكون أكثر ارتياحا لو علمت أن أختي هي من ستربي أولادي بعدي". زواج قاب قوسين أو أدنى لزواج الأخت بزوج أختها المتوفاة سلبيات كثيرة، قد تقع دون قصد منها في الغيرة وأسر الذكريات وحب الرجل الشديد لزوجته المرحومة، وأكبر معضلة هي المقارنات اللاشعورية بسبب الفروق الفردية والشكلية.. ومن الحلول اشتراط السكن الشخصي، للهروب من الذكريات، وعدم المقارنة، وسعة الصدر، وغيرها من المهارات الزوجية. أما من الناحية الشرعية، فيجوز شرعا زواج رجل بأخت زوجته، في حال وفاتها أو طلاقهما، "إذا توفيت زوجة الرجل، أو طلقها، فله نكاح أختها، سواء كانت الصغرى أم الكبرى؛ لأن الممنوع هو الجمع بينهما؛ فإذا حصلت الفرقة، بالموت أو بالطلاق، انقطعت العلاقة الزوجية، فجاز له نكاح أختها".