انتهت جلسات محاكمة النائب البرلماني بهاء الدين طليبة ونجلي الوزير السابق جمال ولد عباس ومن معهما، بلحظات مؤثرة صنعتها استجداءات وتوسلات وجهها المتهمون للقاضي، من أجل العطف عليهم والحكم بالبراءة لصالحهم، فيما قرر رئيس الجلسة النطق بالأحكام في قضية الحال يوم الأربعاء 9 سبمتبر الجاري. وبعد مرافعات ودفوع المحامين، منح القاضي بن بوضياف للمتهمين الكلمة الأخيرة قبل دخول هيئة المحكمة للنظر والنطق بالحكم في الوقت المقرر، حيث تقدم النائب البرلماني بهاء الدين طليبة ونجل جمال ولد عباس والأمين العام السابق لوزارة التضامن بوشناق خلادي، والمتهم حبشي، حيث طالب الجميع بالإنصاف وصرحوا بأنهم أبرياء، وأنهم يثقون في العدالة الجزائرية، ليعلن القاضي أن تاريخ الأحكام في قضية الحال سيكون يوم الأربعاء 9 سبتمبر الجاري. وقد طلبت هيئة الدفاع عن النائب البرلماني لحزب الآفلان بهاء الدين طليبة من المحكمة إحضار الرئيس السابق لإدارة الاستخبارات والأمن، بشير طرطاق كشاهد في القضية، فيما حاول دفاع نجل الوزير السابق للتضامن والأسرة اسكندر ولد عباس، أن "يسيس" القضية بعد أن أكدت أن القضية كلها تعتبر انتقام وتصفية الحسابات من والده الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني. دفاع ولد عباس يحاول توريط طليبة… حاول دفاع المتهم إسكندر ولد عباس استعطاف هيئة المحكمة، من خلال التركيز على الجانب الانتقامي لبعض الأطراف من الوزير والأمين العام لحزب الافلان سابقا جمال ولد عباس، أن موكلهم لا تربطه علاقة بالنشاط الحزبي لوالده. وقال الدفاع إنه "عندما اختفى اسكندر لعدة أيام اتصل والده جمال ولد عباس بالمستشار السابق لرئاسة الجمهورية السعيد بوتفليقة الذي توسط لإطلاق سراحه، قبل أن يكيدوا له كيدا بتهمة الابتزاز والتهديد ليتم إدخاله السجن مرة ثانية بتاريخ 13 جوان 2019". وأضاف الدفاع "كان تصريح إسكندر ولد عباس أمام قاضي التحقيق لدى محكمة الشراقة واضحا، وأن المتهم بهاء الدين طليبة صرح هو كذالك خلال محاضر الاستماع وكذا خلال جلسة المحاكمة، أنه هو من قام بالتبليغ عن إسكندر والوافي ولد عباس لدى الرئيس السابق لإدارة الاستخبارات والأمن، بشير طرطاق قبيل الانتخابات التشريعية لعام 2017، وأن بهاء الدين طليبة هو من نسق مع ذات الجهة الأمنية من خلال التسجيلات الصوتية من أجل الإطاحة به ولكن لماذا لم تتمكنوا من إلقاء القبض عليه". وتابعت هيئة الدفاع "ملف قضية الحال ملفق من قبل الضبطية القضائية من ناحية الإجراءات، فعندما توجه اتهامات لكل من إسكندر ولد عباس واخيه بخصوص الابتزاز والمطالبة بأموال ورشاوى، من أجل نيل كرسي في البرلمان، فكيف للتحقيق الذي تم فتحه لمدة 3 سنوات كاملة أن لا يسفر عن شيء..؟ كما نتساءل كيف للمتهم أن يقدم شكوى لدى الأمن الداخلي دون أن يقدم شكوى رسمية لدى الجهات القضائية..؟ ." وعاد الدفاع إلى ممتلكات وثروة أبناء جمال ولد عباس وأكدت أن الإنابات القضائية في هذا الشأن أسفرت أن هؤلاء لا يحوزون أملاكا وعقارات وأرصدة بنكية، مما يثبت أن إسكندر بريء من تقاضي الرشوة، كما يزعم المتهم بهاء الدين طليبة. هكذا تحول الضحية إلى جلاد طالبت هيئة دفاع المتهم بهاء الدين طليبة من المحكمة إحضار الرئيس السابق لإدارة الاستخبارات والأمن، بشير طرطاق كشاهد في القضية، مثل ما حدث في قضية "التمويل الخفي للأحزاب"، أين تم إحضار شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة للإدلاء بشهادته، وحاولت تبرئة موكلهم باستعمال جميع الأدلة والقرائن، وأصرت على أن طليبة كان شاهدا في قضية الحال ليتحول بين عشية وضحاها إلى "متهم"، وأن لم يكن فارا من العدالة، بل حاول ترتيب أموره فقط وهو من بلغ عن نفسه لدى مصالح الأمن. وقال الدفاع "موكلنا بهاء الدين يبكي ويتألم في السجن كل يوم ويقول في قرارة نفسه، لو لم أبلغ عن الفساد.. لما وجدت نفسي هنا"، فهو كان ينتظر بفارغ الصبر أن تكون المحاكمة عادلة في حقه، بل تكون حتما لصالحه، بما أن قانون الإجراءات الجزائية ومكافحة الفساد ينصان على أن كل من لا يبلغ عن جناية يعاقب وفقا للمواد المنصوص عليها في هذا الإطار.. كما أن قاضي التحقيق المكلف بالملف قام بإرسال إنابة قضائية، ليتأكد فعلا أن موكلنا تعامل مع مدير جهاز المخابرات في 2017، وأنه توجد عدة مكالمات هاتفية بينه وبين بشير طرطاق الذي كلف العقيد أسامة للتكفل بالإجراءات اللازمة". وفي هذه الأثناء، تساءل الدفاع "سيدي الرئيس، لما لم يجلبوا الرئيس السابق لإدارة الاستخبارات والأمن، بشير طرطاق للإدلاء بشهادته حتى تتأكد الجهات القضائية مثلما تم استدعاء السعيد للشهادة في جلسة محاكمة "التمويل الخفي للانتخابات الرئاسية"، وهذا للتأكد من أن بهاء الدين طليبة هو فعلا من بلغ عن تهمة الفساد والرشوة والابتزاز من أجل شراء الأصوات في البرلمان، ليجد نفسه اليوم متابعا بتهم ثقيلة، ليتحول الضحية إلى جلاد". وعادت هيئة الدفاع عن طليبة لسرد رواية إطلاق سراح نجل الوزير والأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس وقالت "يومين فقط بعد إطلاق سراح اسكندر ولد عباس، وجه الأمين العام السابق لحزب الأفلان إنذارا شفويا، قبل أن يتم إحالته على لجنة الانضباط ولا علاقة لذلك بالعهدة الخامسة، كما تم الترويج له". وفي هذه الأثناء، يتدخل الأستاذ لعموري الذي تأسس في حق بهاء الدين طليبة ليرافع بقوة في حق موكله، قائلا "طليبة جاء من القاعدة ولا حاجة له للرشوة حتى يحصد المرتبة الأولى في قائمة حزب جبهة التحرير الوطني لولاية عنابة، كما لا يحتاج إلى إرشاء أولاد ولد عباس أو غيرهم، لأن تشريعيات 2017 لم تكن عهدته الأولى، بل سبقته عهدات أخرى". وأضاف المحامي لعموري "هذه القضية هي قضية بهاء الدين طليبة، لأنه هو من فجر فضيحة شراء الذمم والأصوات الخاصة بالانتخابات التشريعية باسم أعرق حزب في الجزائر سليل جبهة التحرير الوطني، فهو من كان يسجل ويمنحهم للضبطية القضائية، فمن يتجرأ على الترصد لأبناء جمال ولد عباس وزير التضامن والأمين العام لحزب الآفلان في "كلوب ديبان"… زد على ذلك فإنه عندما تم توقيفهم وجدوا الأشخاص والسيارات التي تقدم المبالغ لشراء الأصوات في الثكنة.. اليوم سي إسكندر يقول هذا ثأر طليبة ضد بابا… ولد عباس وزير منذ 1999 مقارنة بنائب في برلمان يعمل على الاحتفاظ بالصدارة في ولايته بعنابة والحصول على العهدة الرابعة فهو ليس بحاجة لدفع رشوة أو أي مزايا للحصول على ذلك، فطليبة لديه شعبيته، من الفقراء والزوالية الذين كان يساعدهم بكل ما يملك". وتابع الدفاع "سيدي القاضي، الوقائع تعود إلى سنة 2017، لكن بعد أن تم توقيفهم في حالة تلبس تم الإفراج عنهم في أقل من 48 ساعة، وهذا بشهادة والدهم جمال ولد عباس الذي صرح أمامكم أنه أجرى اتصالا مع شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، بعد اختفاء ابنيه وهو من أفرج عنهما بعد أن اخبره أن بهاء الدين طليبة هو من كان وراء ذلك وقام بمعاقبته ومحاولة عزله واللجنة رفضت عزله، بل منحت له فقط إنذارا شفويا، بل أن القضية أخذت منعرجا خطيرا، عندما قاموا بإقصائه من على رأس قائمة الآفلان بولاية عنابة وتعيين الوزير السابق للنقل والأشغال العمومية بوجمعة طلعي". وأوضح الأستاذ لعموري، أن بهاء الدين طليبة لم يغير أقواله، بل تمسك بها طيلة مراحل التحقيق، وأن الرواية المقدمة من طرف المتهم اسكندر لا تستند على أي سند قانوني، مطالبا ببراءة موكله، مخاطبا القاضي "إذا أردنا بناء جزائر جديدة يجب أن نكافئ بهاء الدين طليبة وليس معاقبته، فإذا كان عكس ذلك فلن يتجرأ أي كان على التبيلغ عن قضايا الفساد، بما أنه سيتحول من مبلغ إلى متهم". ومن جهته التمس المحامي شمس الدين عمراني، المتأسس في حق بهاء الدين طليبة من هيئة المحكمة عدم قبول تأسيس الوكيل القضائي للخزينة في قضية الحال وقال: "المشرع الجزائري لما سن قانون مكافحة الفساد والوقاية منه، منح ضمانات ومنها نص المادة 49 التي تحمي المبلغ على الفساد والمادة 47 التي تعاقب من لم يبلغ، لكن موكلي هو من بلغ على الفساد عند مدير جهاز المخابرات بشير طرطاق تتعلق بالابتزاز الذي تعرض له من طرف ابني ولد عباس اللذين طالبا بمبلغ 7 ملايير مقابل تمكينه من تصدر قائمة حزب جبهة التحرير الوطني بولاية عنابة، وأن التسجيل لا يزال بحوزة الدفاع ليجد طليبة نفسه اليوم يقف أمامكم كمتهم وليس كضحية". وأضاف المحامي "موكلي قال إنه حتى ولو صحيح منحه مالا لشراء سيارة، لكن طليبة نفى ذلك"، ليطالب ببراءة موكله من جنحة منح مزية غير مستحقة، أما بالنسبة لجرم تبييض الأموال أكد المحامي أنه لا يوجد حكم في الملف يدينه بأي جريمة حتى يتم متابعته بجنحة تبييض الأموال. كما رفضت هيئة الدفاع عن طليبة التماسات وكيل الجمهورية المتعلقة بمصادرة أملاك موكلهم، وطالبت باستبعاد الإنابة القضائية التي وردت مؤخرا بخصوص أملاك بهاء الذين طليبة، وأكدت أن ما جاء فيها لا علاقة له بهذه القضية والمصادرة لا تكون إلا بعد الحجز من قبل قاضي التحقيق ولا يمكن القول على حد تعبير الدفاع أن يكون الطلب مبررا قانونا. وقال المحامون "لا يمكن إدراج الإنابة القضائية في الملف.. شيء عجيب، قاضي التحقيق الملف ليس عنده ولا يمكنه إرساله للنيابة، فكيف يتم الاستعانة بإنابة صدرت خارج الآجال وبعد إحالة القضية على المحاكمة.. فنحن نعتبر هذه الخطوة خرق لحقوق الدفاع.. فكل الأملاك التي يحوزها موكلنا كانت قبل وقائع قضية الحال، فكيف نطلب اليوم مصادرة ممتلكات بهاء الدين طليبة اليوم بناء على إنابة قضائية". وفي هذه الأثناء، يتدخل وكيل الجمهورية ليقدم بعض التوضيحات قائلا "في قانون مكافحة الفساد توجد مادة 2 في هذا الخصوص.. فأنا استغرب، فكل شخص يشغل منصبا تشريعيا منتخبا يعتبر موظف ويتابع وفقا الإجراءات القانوينة المنصوص عليها وفقا لموادها، أما فيما يخص الإنابة القضائية تم ادراجها في الملف وقاضي التحقيق أرسل جوابا بخصوصها وأعلمنا أن الملف خرج من مكتبه وتمت إحالته". وواصل وكيل الجمهورية رده على مرافعات الدفاع "بخصوص تبييض الأموال، أين هي المادة التي تقتضي وجود حكم فاصل في الجريمة الأصلية..؟"، ليجيب الدفاع قائلا "مادام تقول مصدر إجرامي يعني وجود جريمة". دفاع بوشناق خلادي: هذا هو جزاء سنمار رافعت هيئة الدفاع عن الأمين العام السابق لوزارة التضامن بوشناق خلادي من أجل براءة موكلهم من جميع التهم الموجهة له، وأشارت إلى أنه كان طبيبا وقد أفنى عمره في خدمة الدولة الجزائرية، فمن طبيب إلى مدير الصحة لولاية تمنراست، ليلتحق بمنصب الأمين العام لوزارة التضامن، ليجد نفسه اليوم وهو يناهز ال75 سنة متابعا بتهم ثقيلة، التمس في حقه ممثل الحق العام 7 سنوات كاملة، لا لذنب سوى أنه التحق بحزب الآفلان بطلب من أمينها العام جمال ولد عباس، كمتطوع فقط، مكلف بدراسة الملفات وليس له أي صلاحيات في تزكية أو تحديد قائمة المترشحين فيما أكد دفاع أحمد حبشي، أن موكلهم بريء من التهم الثقيلة الموجهة له، وأنه يملك وكالة عقارية ولا علاقة له بالمناب والسياسة والأحزاب، وطالبت من هيئة المحكمة إنصافه بعد أن إلتمس وكيل الجمهورية في حقه 3 سنوات حبسا نافذا مع مليون دينار غرامة مالية. بحارون يستنجدون ومن جهته، فإن دفاع شركة وافي ولد عباس، طالب برفع الحجر عن سفينته والتي تشغل 13 بحارا، وقال "كيف يمكن لمتهم فار بأن يقوم ببيعها، فالسفينة تم شراءها قبل القضية، أي عام 2008.. لقد قدمنا طلبا أمام غرفة الاتهام والتي ردت علينا أن وافي ولد عباس شريك في سفينة "دولفين"، ونحن أكدنا أن التنازل عن الحصص تم في سنة 2018 والبحارة اليوم يستنجدون بعد أن أحيلوا على البطالة عنوة. وكان وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد قد التمس الأربعاء، 10 سنوات حبسا نافذا و8 ملايين دينار جزائري غرامة في حق البرلماني بهاء الدين طليبة إلى جانب اسكندر ولد عباس نجل الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس. كما التمس ممثل الحق العام بعد انتهاء القاضي من استجواب المتهمين في القضية المرتبطة بالرشاوى في تشريعيات 2017 وتبييض الأموال أقصى عقوبة في حق الوافي ولد عباس بسبب تواجده في حالة فرار. وفي نفس القضية، التمست النيابة العامة عقوبة 7 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة لبوشناق خلادي و3 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة في حق حبشي محمد مع مصادرة جميع أملاك المتهمين التي تخص النشاطات المخالفة للقانون.