رشيد ولد بوسيافة: أقل ما يقال عن محاكمة المتهمين في " زلزال بومرداس" أن عمقت التساؤلات ووسعتها ولم تجب على أي واحد منها، بل إن المحاكمة كلها تحولت إلى سؤال محير عن المسؤول عن وفاة الآلاف تحت ركام المباني التي انهارت، هل هو القضاء والقدر وقوة الزلزال التي شقت الجبال وأزاحت مياه البحر على حد تعبير أحد المحامين، أم هي مسؤولية المسؤولين والمقاولين الذين أنجزوا مشاريع سكنية كرتونية تهاوت في اللحظات الأولى من الزلزال؟ وإذا كان للعامل البشري مسؤولية فيما حدث فلماذا لم تتناول المحاكمة كل المشاريع التي انهارت وتتابع كل المسؤولين على بنائها، ولماذا لا تكون هناك محاكمات " استباقية " لكل المشاريع المغشوشة على مستوى التراب الوطني والتي قد يأتي يومها إما في زلزال أو فيضان ! لقد أثبتت شهادات الخبراء وجود خلل في التصنيف الزلزالي لمنطقة بومرداس والذي على أساسه نم إنجاز المشاريع، كما فسروا ظاهرة سقوط مشاريع دون أخرى بتفاوت قوة الموجات الزلزالية، وأعطوا العديد من الأسباب التي ساهمت في رفع حصيلة الضحايا بالشكل الذي يخفف مسؤولية المتهمين فيما حدث، وربما هذا الذي جعل النيابة العامة تلمس أحكاما مخففة نوعا ما، في مقدمة واضحة لتكون الأحكام أكثر رأفة بمتهمين لا نعرف بالتحديد مسؤوليتهم في القتل الخطأ الذي وقع. أما الغش في البناء وما يرافقه من سرقات وتجاوزات على حساب متانة المشاريع فهي ظاهرة منتشرة عبر الوطن، ولا يمكن إيقافها بمعاقبة المتهمين في بومرداس وحدهم، وإنما باعتماد سياسة وطنية على مستوى وزارة السكن تمنع دون وقوع تجاوزات أخرى، وتحدد مكامن الخلل في المشاريع السكنية المأهولة ودراسة مدى مقاومتها للهزات ودرجة الخطر الذي يهددها بالسقوط. وإلى حين تحقيق ذلك يبقى المتهمون في محاكمة الزلزال وبغض النظر عن التجاوزات التي وقعوا فيها مجرد ضحايا لسياسة عرجاء في مجال السكن اعتمدت خلال العقود الماضية.