عاد الحجر المنزلي إلى ولايتي قسنطينةوسطيف وسط أجواء تتميز بالاستهتار والابتعاد عن التباعد الجسدي، مع تفشي ظاهرة "اللا فيروس"، التي تطبع يوميات المواطنين عن قناعة. كثيرون هم الذين تفاجأوا بعودة الحجر المنزلي إلى ولايتي قسنطينةوسطيف اللتين عرفتا استقرارا صحيا وبلغتا مرحلة من الاطمئنان الذي بعث في نفوس أعوان الصحة وكافة المواطنين من بعدهم، خاصة أن الولايتين سجلتا في بعض الأيام صفر حالة كما أعلن مستشفى البير بقسنطينة عن شغور كل أسرّته من مرضى كورونا، مع تراجع عدد الإصابات اليومية وعودة المستشفيات إلى نشاطها شبه الطبيعي، وزال الاكتظاظ والتزاحم في قاعات العلاج، فرفعت الأفرشة عن الأرض وأفرغت الأسِرَّة، وكل المصالح أضحت جاهزة لاستقبال المرضى عكس ما كان عليه الحال في وقت سابق. هذا الاطمئنان كان له انعكاس على يوميات المواطنين في الشوارع والأماكن العمومية إذ غابت الكمامة وعلق نشاطها، وانكشفت الوجوه في الأسواق والمحلات التجارية، وأمن الناس بعضهم البعض وتناسوا حكاية الفيروس والمعقمات، وعادت القبلات والأحضان والتقارب الجسدي والاحتكاك إلى درجة الإزعاج. وإحصائيا تبقى نسبة الإصابات بعاصمة الهضاب مرتفعة بعد ما تجاوزت 3200 حالة مع إحصاء 174 حالة لكل 100 ألف نسمة، وهي من النسب المرتفعة على المستوى الوطني، خاصة بالنظر للكثافة السكانية لولاية سطيف، بينما تراجعت قسنطينة إلى المركز السابع وطنيا في حالات الإصابة منذ بداية الجائحة وكانت منذ شهر في المركز الخامس. ولذلك قررت اللجنة العودة إلى الحجر، وهو القرار الذي باغت أغلبية سكان الولايتين الذين لم يتوقعوا هذه العودة التي لم تكن في الحسبان، بل هناك من لم يقتنع بأن الوضع بولايتي قسنطينةوسطيف، لا زال غير آمن فيروسيا، وصنف الكورونا في خبر كان رغم أن الواقع الصحي يصنفها كقضية آنية. وبالرغم من هذه الإشارات التحذيرية، إلا أن الوضع على المستوى الشعبي لم يظهر عليه أي تجاوب مع خطورة الوضع، فلازال الاستهتار يطبع الحياة اليومية وعادت الأعراس والأفراح ومواكب العرسان بقوة إلى الشوارع مع تسجيل ازدحام كبير في مختلف الأسواق، خاصة تلك المختصة في بيع الخضر والفواكه والتي امتلأت عن آخرها بالباعة الشرعيين والفوضويين مع إقبال كبير للزبائن من دون اتخاذ أي احتياط. وحتى عبارة "ضع الكمامة من فضلك" زالت من الخطاب اليومي في أغلبية الأماكن العمومية وفي المتاجر، وهي الوضعية التي استسلمت لها الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة. كما عادت الحيوية للمطاعم والمقاهي وظهرت الأنوف المكشوفة والأفواه المفتوحة وحتى الاشتراك في تناول الأطباق وتبادل أكواب القهوة. فلا حديث عن الحذر والاحتياط الذي لم يتذكره البعض إلا من خلال خروج رجال الأمن إلى الأماكن العمومية لحث المواطنين على ارتداء الكمامة والتباعد الجسدي بالمراكز التجارية ومحطات النقل، مع التلميح بمساءلة المخالفين وتطبيق الإجراءات القانونية التي لازالت سارية المفعول. وعدا هذا التدخل يبقى الاستهتار والارتياح المبالغ فيه تجاه الوضع الصحي يسيطر على الوضع ولا وجود لأي تجاوب من طرف المواطنين الذين تجاهلوا كل الإجراءات الاحتياطية وكذلك الحجر المنزلي الذي لم يشعر الناس بعودته من جديد.