قدم سفير الجزائر بتركيا، مراد عجابي، محاضرة بمعهد التفكير الاستراتيجي بأنقرة، بشأن التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية العميقة التي تم تكريسها من خلال الدستور الجديد، غداة الحراك الشعبي التاريخي الذي أطلقه الجزائريون في فيفري من العام الماضي. وأكد السفير أمام جمهوره أنّ الاستفتاء الدستوري الأخير يعتبر إيذانًا بمرور البلاد إلى مرحلة جديدة، من خلال إقراره تغييرات مهمة على الصعيد السياسي، وكذا على صعيد حماية الحريات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ومشاركة المجتمع المدني في الحياة العامة. وأوضح عجابي أن تلك التعديلات تُدخل الجزائر عهدا جديدا، يتسم بتعزيز حماية الحقوق والحريات، والفصل بين السلطات، والتداول الديمقراطي السلمي على السلطة، والمشاركة الفاعلة للمجتمع المدني في الحياة العامة وفي عملية صنع القرار بالنسبة للقضايا الأساسية، بالإضافة إلى تعزيز حقوق الأحزاب السياسية والمعارضة البرلمانية. كما وقف السفير مطولا عند حماية الاقتصاد الوطني من أي شكل من أشكال الفساد والاختلاس والاتجار غير المشروع والتعسف أو الاستيلاء والمصادرة غير المشروعة وتهريب رؤوس الأموال. وأضاف المتحدث أمام ضيوفه أنّ الجزائر تتوفر بالفعل على فرص استثمارية كبيرة بحكم توفر الموارد البشرية والطبيعية الهائلة والعمالة المؤهلة والطاقة بتكلفة منخفضة، كما أنها أكبر دولة في إفريقيا والبحر المتوسط والعالم العربي وعاشر أكبر دولة في العالم من حيث المساحة. وبفضل دخول الجزائر هذه الحقبة الجديدة، والكلام للسفير، يمكن لتركيا اغتنام هذه الفرصة التاريخية لبناء شراكة متينة ونموذجية معها، حدد أسسها قادتا البلدين خلال الزيارة الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان شهر جانفي الماضي، حيث تقرر بهذه المناسبة إنشاء "مجلس أعلى للتعاون" وعقد الدورة القادمة للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني في أسرع وقت ممكن. كما ستكون هذه الدورة، المزمع عقدها قريبًا في الجزائر العاصمة، فرصة لاتخاذ إجراءات وإقامة مشاريع مشتركة ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقات التي يجري حاليا التفاوض بشأنها في العديد من المجالات، كما ستكون فرصة لتوطيد تعاوننا الثنائي الذي شهد تجسيد العديد من المشاريع الهامة خلال السنوات الأخيرة، يضيف السفير. وتابع عجابي بأنّ الجزائر تحرص على العودة بقوة إلى الساحة الدولية والرمي بكل ثقلها من أجل المساهمة في إيجاد حلول سلمية للنزاعات والخلافات، لاسيما في محيطها الجغرافي، كما أنها مستعدة للمشاركة بفعالية أكبر، بموجب التعديلات الدستورية الجديدة، في جهود الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية في مجال حفظ السلام.