يعيش سوق الأدوية هاته الأيام، حالة من الفوضى واللا استقرار، سببها اختفاء عدة أنواع من رفوف الصيدليات، في وقت لا يزال الكثير من الأطباء يصرون على وصفها للمرضى، وهي المعادلة التي لم يعرف لها تفسير لحد اليوم، مما زاد من معاناة المرضى وذويهم. الشروق خرجت إلى الميدان لتسليط الضوء على الظاهرة والوقوف على معاناة الأطراف المتضررة . صدمنا خلال جولة قادتنا لكبرى الصيدليات بولاية وهران، بعدد الأدوية التي صارت في عداد المفقودة بالسوق، حيث كانت نهاية سبتمبر من العام الجاري محددة، حسب متابعين، ب250 دواء مفقود، ليقفز العدد الشهر الماضي إلى 300 دواء مختف، والأغرب من كل ذلك أن وصفات الأطباء لا تزال توصي بها للمرضى، ولعل أبرز الأدوية التي لم يعد لها أثر بالسوق الجزائرية، هو "الموليكيل" سواء الأصلي أو الجنيس، والذي يتناوله مرضى ارتفاع الضغط الدموي، فضلا عن دواء ليفوتيغوكس 100 ميليغرام و50 ملغ، الذي ينصح به لمرضى الغدة الدرقية، دواء ألا ميداكس الأصلي، و"جاغ دول" الجنيس الذي يعرف ندرة هو الآخر، و"فانجيزون" الذي يمنح للأطفال الرضع الذين يعانون من حروق على مستوى الفم، كما غابت حقنة "لوفينوكس" المضادة للتخثر، والتي يستعملها الأطباء بعد العمليات الجراحية لحماية مرضاهم من المضاعفات، رغم دخول هاته الحقنة ضمن بروتوكول علاج الكوفيد 19، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في اختفائها بشكل كلي من الصيدليات، ما صنع ويلات بالنسبة لأقرباء المرضى، نفس الإشكال يعيشه مرضى السرطان بسبب اختفاء دواء "لاميداكس"، وجراء كل ذلك، ضاع المرضى وذويهم في رحلة بحث عن أسماء أدوية لا وجود لها على أرض الواقع . وقد انتقلنا إلى إحدى العيادات الخاصة، وطرحنا على الطبيب المختص القضية، فكان رده مثل باقي زملائه الأطباء، بأنهم تلقوا خلال تكوينهم الطويل توصيات رسَختها التجربة، بخصوص التعامل مع أدوية معيَنة أثبتت فعالياتها لضمان الشفاء، بينما يبقى سوق الأدوية مضطربا، أين يختفي نوع في صيدليات ويبقى حاضرا في أخرى، كما أن هناك أدوية تختفي على فترات معينة لتعود للظهور مجددا، وهو ما يجعلهم يبقون على نفس الوصفات الطبية، إلا في الحالات القاهرة التي تلزمهم بحذف دواء ما من وصفاتهم بعد شطبه نهائيا من طرف الوزارة الوصية . ورصدنا عبر هذا الاستطلاع انتعاش تجارة "الشنطة" الخاصة بالأدوية، لكن بوسائل أخرى، بخاصة في ظل توقف الرحلات الجوية والبحرية لنقل المسافرين، حيث يلجأ بعض تجار "الكابة" إلى اقتنائها عبر طرود البريد السريع أو عبر طائرات وبواخر شحن البضائع، وبذلك تحوَل بعض الصيادلة إلى شبه تجار في السوق السوداء، يقتنون أدوية وحتى مكملات غذائية مستورة من دون فواتير، من طرف مواطنين يتوافدون عليهم بين الفينة والأخرى، من أجل عرضها عليهم، حيث تشبه الصفقة إلى حد بعيد تجارة الهواتف أو الأغراض الأخرى، كون البائع يعرض السعر ويقوم الصيدلي بإنزاله إلى أن تتم صفقة البيع .