تشهد أسواق ولايات الشرق الجزائري هذه الأيام المتزامنة مع الاضطرابات الجوية وتساقط الأمطار والثلوج، ارتفاعا قياسيا في أسعار سمك السردين الذي تحول إلى غذاء الملوك والعائلات الميسورة والمحرم على الفقراء، الذين أصبحوا لا يستطيعون حتى النظر إليه، بعدما بلغ عتبة ال1000 د.ج للكيلوغرام الواحد، محطما بذلك كل التوقعات، في أسواق المدن الداخلية وحتى الساحلية، بعدما لم يكن يتخطى عتبة ال500 دينار جزائري في الأيام السابقة، قبل أن يأخذ منحى تصاعديا وبسرعة رهيبة هذه الأيام. وقد أرجع رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري حسين بلوط في اتصال مع "الشروق"، سبب هذا الارتفاع القياسي في سعر السردين إلى عدّة عوامل أهمها حالة البحر الهائج هذه الأيام بسبب التقلبات الجوية التي تشهدها بعض المناطق الساحلية وتقلبات أمواج البحر، وعزوف العديد من الصيادين عن الإبحار في الظروف الصحية الصعبة جرّاء تفشي وباء كورونا، فضلا عن غلاء تكاليف رحلة الصيد، وأضاف بلوط أنه كان قد حذّر من مغبة ارتفاع أسعار السردين قبل عدّة سنوات بالنظر للظروف البيئية التي تشهدها مختلف السواحل الجزائرية من شرقها إلى غربها، بسبب مؤثرات التلوّث، التي ساهمت في هجرة الأسماك وتراجع الثروة السمكية في الجزائر إلى أقل من 72 ألف طن سنويا بعدما كانت تفوق 387 ألف طن سنويا، وتأخر إنجاز محطات تصفية مياه الصرف الصحي في الأودية التي تصبّ مباشرة في البحر، بالإضافة إلى مخلفات المصانع والمركبات الصناعية المتواجدة على السواحل، على غرار القاعدة البيترو كيميائية في سكيكدة، ومحطتي تكرار البترول في أرزيو ومستغانم وشركات تصنيع المواد الكيمائية في الحجار بعنابة، ومصنع الإسمنت بالجزائر العاصمة والذي يفتقد لمصفاة الغبار قبالة الواجهة البحرية. فضلا عما تتركه مختلف البواخر من مخلفات ملوّثة على غرار الزيوت في البحر، بوجود أزيد من 125000 باخرة تعبر السواحل الجزائرية سنويا. ويتوقع رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري حسين بلوط، أن تستمر أسعار السمك في الارتفاع وقد يتجاوز سعر السردين عتبة ال 2000 د.ج خلال السنوات القليلة القادمة، ما لم تسارع السلطات المعنية بالتصدي لمختلف مظاهر التلوّث التي طالت البحر، وإلزام مختلف المؤسسات من التخلص من نفاياتها بعيدا عن السواحل، وتشجيع الصيادين وتوفير الظروف المواتية التي تسمح لهم بأداء عملهم. واعتبر أن ارتفاع سعر السردين هذه الأيام بالأمر العادي نظير ما تشهده أسعار مختلف المواد الاستهلاكية من ارتفاع. وهو ما يجعل حتما استهلاك هذا النوع من اللحوم البحرية حكرا على الأثرياء فقط والبعض من الطبقة المتوسطة، التي تضطر لاقتناء كميات قليلة من السردين لفائدة أطفالها الصغار، فيما يبقى استهلاك السردين محرما على الطبقة الفقيرة في مجتمع يزخر بامتلاكه لشريط ساحلي يتجاوز طوله ال1200 كلم.