يولد النجاح من رحم التحدي، هذا ما أثبتته سيدات كتب لهن القدر أن يعشن المعاناة بعد فقدان الشريك، ولكنهن كابرن وسعين بجد لكسب اللقمة الحلال، مطلقات، وأرامل، أطلقن مشاريع خاصة، بأبسط الإمكانيات، ومنهن من تعدت هدف إطعام أبنائها لقمة شريفة، لتسعى صوب ريادة الأعمال. وفاة الزوج.. نقطة تحول نورة 41 سنة، متحصلة على شهادة دولة في الإعلام الآلي، اختارت منذ زواجها المكوث بالبيت، إلى أن توفي زوجها في حادث سير، سنة 2015، تروي قصتها مع نجاحها في مشروعها المصغر الذي تطمح إلى توسيعه تدريجيا: "بعد أشهر من وفاة أبي أبنائي الأربعة، قررت البحث عن عمل بدوام جزئي دون جدوى، باستثناء من طلب مني تعلم الإنفوغرافيا والتصميم، فكرت مليا، بما أنني وليدة هذا المجال، وقررت أن أستغل منحة وفاة زوجي لتطوير نفسي والحصول على عمل..". المال الذي وفرته نورة اقتنت به حاسوبا متطورا، تقول: "بعد حصولي على تكوين مكثف واجتهادي في التعلم من الإنترنت موازاة مع ذلك، قررت بدل البحث عن وظيفة تأخذ وقتي، من تربية ورعاية أطفالي، بدأت العمل على الإنترنت، صممت في البداية بطاقات زيارة، وشعارات بعض الماركات المجهرية، إلى أن طلبت صديقتي خدمة بمقابل، إنشاء وتطوير موقع إلكتروني لصالونها، جمعت المال وأنشأت وكالة اتصالات صغيرة، وهي اليوم تدر أرباحا معتبرة، سمحت لي بشراء سيارة أيضا..". هكذا تحدي المجتمع والأعراف مطلقات من الفشل العاطفي إلى النجاح المهني وسيلة 38 سنة، أم لطفلين، مستوى متوسط، إدمان زوجها على الكحول، دفعها إلى المطالبة بالطلاق، خوفا على مصير أبنائها، وما كان عليها إلا أن تؤمّن مستقبلهم انطلاقا من العدم، استأجرت شقة، وباستخدام ماكنة خياطة قديمة جدا، خاطت بعض المناشف وباعتها لتكون رأس مال صغيرا، تروي قصة تحديها للعبرة: ".. تمكنت من شراء قماش رخيص وخطته ملاءات سرير، وبعت منه بسرعة كان رأس مالي يكبر تدريجيا، إلى أن تمكنت من اقتناء ماكينة متطورة، وأصبح بإمكاني استغلال موهبتي والحرفة التي تعلمتها عن والدتي وأصبح جزء من منزلي المستأجر عبارة عن ورشة تزورها العرائس والنساء الأنيقات من أشراف الحي..". ومثلما تمكنت وسيلة من إطعام ابنيها اللقمة الحلال، وتوفير جو عائلي لهم رغم الانفصال، فقط بالعزيمة والإصرار، تسعى زبيدة منذ مدة إلى تدارك ما فاتها من وقت أمضته عصيبا في تحمل ظلم الزوج وأهله، إذ بعدما حصلت هذه السيدة الأربعينية على الطلاق، ورغم حالتها النفسية المتردية، لجأت إلى العمل، وتحدي مجتمعها المحافظ، حيث تقيم في إحدى قرى تيسمسيلت، التي لا تسمح بخروج المرأة إلى العمل، لكنها تحدت ذلك، وصنعت من بيئتها الصعبة مصدر رزق لها ولأطفالها ووالدها المعاق، تقول وسيلة: ".. محيط بيتنا مزروع بالنباتات والأعشاب النادرة، كل غذائنا مقتصر على ما تمدنا به الأرض من خيرات ونعم، وهذا ما ألهمني لبدء مشروع منزلي مربح يتحول تدريجيا إلى مصنع للمنتجات الطبيعية، منها أغذية من القمح والأعشاب، ومستحضرات عناية وتجميل وحتى أدوية لبعض المشكلات العضوية كالعقم والقولون والمشاكل الجلدية..".. الطريف في كل هذا، أن نجاح السيدة وسيلة، وذيوع صيتها في منطقتها أهطل عليها الطلبيات وكثيرا ما يتصل بها أفراد من عائلة زوجها ليقدموا طلبياتهم على منتجاتها ممتازة الجودة، لفعاليتها المجربة، تقول: ".. في الغالب، أصادف أشخاصا كانوا يخوّفونني من الطلاق، ويحذرونني من الفشل بعده، ويستهينون بقدراتي وبعزيمتي على النجاح، ثم يهللون لي بعد ما حققته". تفيد دراسات نفسية واجتماعية بأن أغلب النساء اللواتي حققن نجاحا مبهرا بعد الطلاق، أو بعد وفاة أزواجهن، كانت العزيمة على النجاح وإثبات الذات، أكبر دافع لهن، أكثر حتى من الرغبة في تحقيق الاكتفاء لأبنائهن وضمان حياة كريمة لهم.