أقدمت اللجنة الإعلامية لتنظيم " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " قبل يومين على توزيع شريط مصور على المواقع الجهادية في الانترنيت يتضمن مشاهد من عملية إرهابية نفدتها الجماعات الدموية بمنطقة " الكرمة" ببومرداس استهدف دورية لسرية أمن الطرقات ولم تدون تاريخ العملية التي تعود إلى أشهر سابقة وتكون قيادة التنظيم الإرهابي قد سعت من خلالها لتوجيه رسالة رد على تصريحات وشهادات تائبين حديثا كشفت عن الوضع الداخلي المتردي للتنظيم منذ أحداث 11 أفريل الماضي و هي السلاح الجديد لمواجهة هذه الحقائق. و لا تتجاوز مدة الشريط 5 دقائق تضمن مشاهد خاطفة لمنفذي العملية الإرهابية و هم أغلبهم شباب تتراوح أعمارهم بين 20و 35 عاما بعضهم لا يحمل لحى يرتدي أغلبهم أحذية رياضية و آخرون جزما جلدية لقطع وادي وسط مسالك غابية و تعكس ألبستهم الإطار الزماني الذي تم فيه التصوير " الفعلي" حيث كانوا يرتدون معاطف جلدية و عسكرية و قمصان شتوية و يضعون قبعات صوفية على رؤوسهم ما يكشف أن شريط الفيديو خليط من مشاهد متفرقة بعضها في في فصل الشتاء والآخر للاعتداء الإرهابي الذي استهدف دورية للدرك الوطني ، العملية لم تنفذ في شهر جويلية و لم يكن أحد منهم يرتدي لباسا خفيفا يتماشى مع حرارة الجو في هذه الفترة خاصة. " القاعدة " لا تؤرخ لعملياتها لهذه الأسباب: و لم يخرج التصوير عن الأشرطة السابقة و تم نقل مشاهد عن إطلاق النار على سيارة الدرك من الأحراش و استخراج جثة أحد الضحايا حيث تم تكرار هذه الصورة 3 مرات و هي صورة بشعة جدا قبل أن يعود هؤلاء أدراجهم وسط الأحراش و هم يحملون " الغنائم" مهللين و سبق أن نقل الشريط تصريح أحد منفذي الكمين و هو يتحدث بلغة عربية غير سليمة و تمت ترجمة أقواله كتابيا حتى يتسنى فهمها و لم يتم الكشف عن صورة و هوية " القائد" الذي كان يقدم توجيهات بكلمات مبهمة و حاول معدو الشريط التركيز على هؤلاء الإرهابيين و هم يبتسمون و يدردشون مع بعضهم في محيط غابي لا يختلف عن الصور الواردة في أشرطة التنظيم الإرهابي و رافقته طيلة مدة البث أناشيد تحريضية . وقد رافق بث هذا الشريط عن عملية إرهابية قديمة تساؤلات حول خلفية لجوء تنظيم " الجماعة السلفية " خاصة في ظل اعتماده منذ أحداث 11 أفريل على الوسائل المرئية عبر الانترنيت لبث ما تدرجه ضمن أهم عملياتها لكن برأي مراقبين لا يخرج ذلك عن محاولات للتغطية عن العجز و الوضع الداخلي و تداعيات التفجيرات الانتحارية ونتائج العمليات العسكرية ضد معاقلها. و يقول متتبعون للشأن الأمني أن إعداد و تركيب شريط مصور ليس ابتكارا أو عملا كبيرا يتطلب جهدا و خبرة و لا يعكس تطور إمكانيات التنظيم الإرهابي كما تحاول قيادة درودكال إقناع الرأي العام بذلك بل يؤكد مختصون أنه بإمكان أي شخص عادي لديه خبرة بسيطة في إستعمال الانترنيت و برامج تركيب و استغلال الفيديو أن يقوم بإنجاز شريط مصور و نشره على موقع أنترنيت كما لا يستبعد أن تكون اللجنة الإعلامية قد لجأت إلى تجديد موقعها في محاولة لإعطاء الإنطباع أنها لا تزال تمتلك نفس الإمكانيات و لم تؤثر عليها ضربات الجيش المتتالية في المدة الأخيرة و أسفرت عن تدمير العديد من ملاجئها و القضاء و توقيف نشطائها . أشرطة الفيديو بديل للإتصالات المنقطعة مع السكان ؟ و برأي مراقبين فإن قيادة درودكال كانت تهدف من وراء هذه الأشرطة التي تحصلت الشروق على نسخة منها والتي بثت بعضها القناة القطرية " الجزيرة" التي تعرف نسبة متابعة كبيرة من طرف الجزائريين للتأكيد على وجودها و إستمرار نشاطها من جهة و إستقطاب مجندين جدد من جهة أخرى من خلال توظيف إسم " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " لدغدغة مشاعر الشبان و إستغلال الأحداث الدولية خاصة في العراق وفلسطين لكن على العكس عكست الأشرطة بشاعة العمليات التي تم تنفيذها ضد أفراد أمن في كمائن و مدنيين في حواجز مزيفة و أكدت مجددا خروج قيادة درودكال عن فكر و منهج " القاعدة " الأم التي حددت أهدافها في المصالح الغربية و سبق أن إنتقد سليم الأفغاني المعروف ب" أبو جعفر السلفي " أمير تنظيم جماعة حماة الدعوة السلفية منهج تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و تبرأ من التفجيرات الانتحارية وذهب الشيخ أبو مسلم في نفس الاتجاه عندما قال في مراسلة سبق ل" الشروق " أن نشرتها أنه لا جدوى من الجهاد ضد الحكام "لأن هدفنا الإستراتيجي هو مقاومة الحملات الصهيونية الغازية بقيادة أمريكا " وطرح الخطوط العريضة التي حددها أسامة بن لادن لمواجهة الحملة الصليبية و انحرف عنها درودكال كما أن الأستاذ منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية المسلحة أشار في تصريح سابق ل"الشروق " أن أيمن الظواهري لم يتطرق في مختلف الأشرطة الأخيرة إلى العمليات في الجزائر " ما يكشف عدم رضا الشيخ بن لادن عنها" . وحملت الأشرطة بصمات " الجيا " في اعتداءات كان يتنظر أن تكون ضد أهداف غربية خاصة و أن قيادة درودكال حرصت على "إخفاء " صور المدنيين الذين سقطوا في تفجيرات 11أفريل الماضي . و كانت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " قد قامت بتجنيد مراهقين في صفوفها مستغلة حماسهم و اندفاعهم و سهولة التأثير عليهم كما تم "تحويل " بعضهم لمعاقلها بعد تجنيدهم للمقاومة في العراق كما سبق نشره في " الشروق" و بثت مباشرة شريطا بعد تفجيرات 11 أفريل ركزت فيه على الانتحاري الشاب مروان المدعو معاذ بن جبل ثم شريطا ثانيا حول التحاق عبد القهار بن حاج بعد أشهر من ذلك في محاولة "لإغراء " الشباب للالتحاق بصفوفها و لم تستقطب "القاعدة" مجندين جدد على العكس سلم قياديون أنفسهم لأجهزة الأمن آخرهم مصعب أبو داود أمير المنطقة التاسعة في التنظيم و سبقه "أبو الحارث " و قياديين طلقوا التنظيم و أعلن آخرون خروجهم عنه أبرزهم مختار بلمختار ( الأعور) أمير المنطقة التاسعة في الجماعة السلفية للدعوة و القتال سابقا و فقد التنظيم عدة قياديين آخرين في عمليات عسكرية و هو ما يسعى لتداركه . ويرى متابعون للشأن الأمني في قراءة للأشرطة التي يبثها موقع " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "أنها تعكس على صعيد آخر غياب الاتصال مع السكان و المواطنين لإقناعهم بالإلتحاق بصفوفها و التعاون معها بتمويلها بالمعلومات و المؤونة حيث قامت أجهزة الأمن بتفكيك شبكات دعم و إسناد كانت على صلة بتفجيرات 11أفريل و لم يتم توقيف أفراد جدد. نائلة.ب:[email protected]