في وقت أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمراجعة طريقة تسيير ملف القروض في البنوك، واعترف خلال مجلس الوزراء المنعقد، الأحد، بأنها كانت تمنح بطرق بعيدة عن الشفافية، يجزم عارفو الاقتصاد على أن القروض في الجزائر كانت تمنح في وقت مضى على أساس الولاءات والمحسوبية والانتماء السياسي، وليس بناء على جدية المشاريع وحجم الضمانات المقدمة. ويقول الخبير المالي وعضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني الدكتور شريفي أحمد في تصريح ل"الشروق" أن دور البنوك يتمثل في جمع الودائع ومنحها لمن يستحقها من المستثمرين، وهو ما كان غائبا خلال الفترة الماضية، حيث أن القروض كانت تمنح على أساس المحاباة ويتم تفضيل أسماء على أخرى، وفق معايير شخصية قائمة على الولاء والانتماء السياسي، بمعدلات فائدة منخفضة وضمانات منعدمة ومن دون دراسة جدوى، وهو ما أفرغ الخزينة من السيولة المالية خلال الفترة الماضية وسبّب أزمة حقيقية. ويعتبر شريفي أحمد أن الحل للمرحلة المقبلة يكمن في إقرار إصلاحات عميقة داخل المؤسسات البنكية والدفع بعملية التنمية واعتماد مبدأ الشمول المالي داخل البنوك، وهي الإجراءات التي ظلت مجمدة طيلة عقود مضت، حيث كانت طريقة التسيير في السابق تفتقر إلى الإرادة السياسية التي من شأنها التعامل بشفافية في مجال منح القروض. ويرى الخبير نفسه أن النظام الحالي وقف على جميع هذه الاختلالات من اجل ضمان انفتاح البنوك على الجميع وتوفير مختلف صيغ التمويل دون حصر المزايا لفئة معينة دون غيرها، خاصة وأن السياسة المنتهجة في السنوات الماضية أفضت إلى أن الخزينة هي التي تتحمل نتيجة القروض الممنوحة دون ضمانات، مشددا على أن رسملة البنوك تحولت إلى عالة وعبء على الخزينة التي تكتفي بالأموال القادمة من طرف المكلفين بالضريبة، وهو ما أفضى إلى وجود 90 مليار دولار، خارج البنوك والبريد والقنوات الرسمية، منها 50 مليار دولار في السوق السوداء، وفقا لتقديرات الخبراء والأخصائيين، و40 مليار دولار بأيدي مواطنين يتجنبون البنوك بسبب رداءة الخدمات. من جهته، يرى رئيس الإتحاد الوطني للمستثمرين الشباب رياض طنكة في تصريح ل"الشروق" أن القروض التي كانت تمنح في الماضي فقط لكبار رجال الأعمال وأولئك الذين يتوفرون على علاقات مع جهات نافذة، يفترض أن يتم وضع حد نهائي لها اليوم، وبداية عصر جديد وهو ما تضمنه تصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال مجلس الوزراء الأخير، قائلا أن الأولوية في منح القروض يجب أن تكون لأصحاب المشاريع الاستثمارية البناءة والخادمة للاقتصاد الوطني. ودعا طنكة إلى إنهاء عصر منح القروض بالمحسوبية وبداية مرحلة جديدة تقوم على مراقبة نسبة الاسترجاع لهذه القروض وحجم الضمانات المقدمة ومدى جدية المشاريع التي يتم طلب القروض لأجلها.