يتفق شهود عيان الذين التقتهم الشروق اليومي، وشهدوا مأساة شاطئ عين إبراهيم بمستغانم أن البحر الوديع تحول في لحظة إلى وحش مروع، حيث ظهرت أمواج بشكل مفاجئ من أعماقه، لتختلط المياه بالرمال، في وقت كان الكل يتمتع فيه بالسباحة في هذا الشاطئ المحروس، في حادثة ما تزال تثير دهشة واستغراب الذين تحدثنا إليهم. "لمجد سبع" .. لقد شعرت أن الرمال تزحف من تحت قدمي قال "لمجد" الذي يبلغ 16 سنة من العمر والذي نجا من الموت أنه حين كان يسبح في يوم 03 أوت الفارط أحس في لحظة أن الرمال تزحف من تحت قدميه، لذا قرر أن يغادر الشاطئ، وبعدها بلحظات هاج البحر اضاف لمجد رغم أنه لم يكن يفصله عن الذين كانوا في البحر إلا 100 متر، حيث ما يزال يتذكر تلك اللحظات الحزينة، وهو يرى بأم عينيه أربعة من أصدقائه وكلهم من دار الشيوخ يصرخون، بعد أن هاجت الأمواج المحيطة بهم لتحاصرهم، ولم يستطع أحد إنقاذهم. وفي وصفه لتلك اللحظة التي أحس فيها بأن شيئا ما غير طبيعي كان يحدث، قال أنه شعر أن المياه التي كانت تصل فقط لنصف جسده تغمره فجأة، الأمر الذي جعله يهرع باتجاه الشاطيء. وقد علم فيما بعد نتيجة حالة الفوضى التي عمت الشاطئ أن أربعة من الشبان الذين غرقوا في تلك المأساة هم أصدقاؤه ومن البلدية التي يسكن فيها. "سالم بن قحطاني"... الفوضى كانت أهم ما أتذكر بحالة من التحسر يصف "سالم القحطاني" الذي حضر الواقعة حالة الفوضى التي عرفها الشاطئ، عقب تحول البحر من هادئ إلى هائج، فتغيرت الراية من الخضراء إلى الحمراء، وسط ذهول الجميع الذين لم يفهموا سبب هذا التغير المفاجيء، خصوصا وأن البحر كان في غاية الهدوء صباحا. ويؤكد "سالم" أن الأمواج قد كثرت بعد حوالي الساعة العاشرة وعشرين دقيقة، وسط حالة من الفوضى، وقد عجز أعوان الحماية المدنية عن فعل شيء، فالشاطيء الذي كان محروسا، ونتيجة هذه الضربة المفاجئة، التي تشبه الهزة الأرضية لم يعد بالإمكان الدخول في أعماقه لإنقاذ الغرقى، غير أنه يشيد بموقف أحد أعوان الحماية المدنية واسمه "جيلالي" الذي ذكر أنه أنقذ عددا من الغرقى، بفعل شجاعته، فيما تساءل عن سر عدم توفير محرك للقارب الصغير الذي تمتلكه الحماية المدنية، التي وقفت عاجزة أمام هول الصدمة، وتركت المواطنين يساعدون بعضهم البعض.. "محمد زناتي".. مياه البحر اختلطت بالرمل بشكل مفاجئ أكد "محمد" الذي حضر الواقعة إلى جانب شهود آخرين، أنه في اللحظة التي كانت صرخات الغرقى تتعالى، امتزجت مياه البحر مع الرمل، ويضيف أنه كان "يرى فقط الرؤوس، بفعل الأمواج المتلاطمة، التي لم تهدأ ولم تترك مجالا لعمل المنقذين، خصوصا من المواطنين، الذين ذهلوا من هول الفاجعة التي ألمت بهم بشكل مفاجئ وغريب. أما "المبخوت هواري" وهو أحد الناجين الذين كان رفقة الضحايا الأربعة لحظات قبل غرقهم، فقد روى أنهم كانوا يضعون أيديهم بأيدي بعض، وهم يسبحون غير بعيدين عن الشاطيء، إلى أن أحس أن الأرض انزاحت من تحت رجليه، وهو ما أثار اندهاشه، ليختلط بعدها الماء بالرمل، ويتحول لون البحر، غير أنه لحسن حظه دفعت به الأمواج التي تشكلت فجأة رفقة اثنين آخرين إلى الشاطيء، في حين رمت بالآخرين بعيدا في عرض البحر.. وهو المشهد الذي ما يزال "المبخوت" يتذكره، ليؤكد أنه قرر ألا يعود إلى البحر بعد هذه الحادثة المأساوية. "محمد تومي" .. شاهدت موجة تكونت فجأة بعلو 7 أمتار يتحدث "محمد تومي" وهو قائد من فوج التبصرة بالأغواط، والذي التقته الشروق اليومي بالجلفة عن تلك اللحظات المحزنة، وبكل أسى، قال أنه في حدود الساعة العاشرة وبضع دقائق كان يتجول على الشاطيء وكانت الراية خضراء، غير أنه شاهد في لحظة موجة داخلية تتكون من داخل البحر، لم تأت من بعيد مثل العادة، ارتفاعها حوالي 7 أمتار، عكرت صفو البحر، حيث اختلطت مياهه بالرمل، لتصبح بذلك الرؤية جد مستحيلة. ويذكر "محمد" أن الكل كان يصرخ لطلب النجدة، غير أن حجم الصدمة كان أكبر، والبحر لم يترك فرصة للتدخل، مضيفا أنه شاهد بأم عينيه المرحوم "عثمان هواري" بعد انتشاله من البحر من طرف بعض المواطنين. أما " خذير خالدي" فيؤكد أنه رغم تواجد بعض أعوان الحماية المدنية في هذا الشاطيء المحروس إلا أن أغلبهم لم يغامر بالنزول للبحر وإنقاذ الغرقى، كما أنه اعترف أنه رفقة من كان معهم بالشاطيء شعروا بالخوف الشديد، الأمر الذي حال دون مساعدة الغرقى، الذين كانوا يلوحون بأيدهم في عرض البحر ويصرخون طلبا للمساعدة، وأكثر من ذلك يشير "خذير" إلى أن أحد أعوان الحماية المدنية كان خائفا من الإقتراب من الغرقى الذين نجوا بأعجوبة. كانت هذه شهادات بعض الناجين من ولايتي الجلفة والأغواط الذين يتفقون أن ما حدث يوم 03 أوت بعين إبراهيم بولاية مستغانم كان بشكل مفاجيء، وأن الأمر لا يتعلق بتيارات بحرية عادية، بل بشيء غامض حدث تحت أقدام الذين كانوا يسبحون، لتتشكل بعدها موجة مفاجئة، أخلطت الرمل مع مياه البحر، وهي الحادثة التي يجمع الذين تحدثت إليهم "الشروق اليومي" أنهم لم يتعودوا عليها من قبل. كريم يحيى