هكذا يُغتال الجمال على شواطئنا "الشروق" شاهد عيان على جرم المصطافين بحق البيئة والطبيعة تساوى أمس جميع المتطوّعين لتنظيف شواطىء العاصمة وتخليصها من النفايات التي غرقت فيها على مدار سنة كاملة، وتخلى مدراء المؤسسات عن "بريستيجهم" وربطات عنقهم ليشمّروا عن سواعدهم جنبا إلى جنب مع بقية الأعوان الذين يعملون في مؤسستهم. * المهمة لم تكن سهلة أبدا فالتلوث الذي لحق بالشواطئ والموانئ كان أكبر من الإمكانيات والتجهيزات المسخّرة للعملية، حيث لم يتمكّن الغوّاصون من استخراج السفينة التي غرقت بميناء تمنتفوست واكتفوا بالتنقيب في أعماق البحر عن أطنان العجلات المطاطية والنفايات من كل الأنواع. * وقع اختيارنا أمس الأول على ميناء تمنتفوست وشاطئ "لابيروز" بعين طاية باعتبارها بوّابة شرق العاصمة لتغطية فعاليات الطبعة السادسة على التوالي لحملة "منظّفو الشواطئ" التي احتضنها أيضا ميناء الجميلة بعين البنيان وشاطئ الرميلة بباب الوادي و14 ولاية ساحلية أخرى، تحت شعار"بحرنا ليس مزبلة"، شمّر الرئيس المدير العام لمجمّع سونلغاز السيّد نور الدين بوطرفة رفقة الرئيس المدير العام لشركة توزيع الكهرباء والغاز للجزائر عبد القادر بوصوردي، ومدير الإذاعة الوطنية توفيق خلاّدي ومدير مؤسسة النقل الحضري لولاية الجزائر ومسؤولين وإطارات سامية إلى جانب جمعيات"ريسيف"،"أنيس" ومخبر الأدوية "أسترازينكا" وممثلين عن وزارة البيئة والسياحة والمحافظة الوطنية للساحل، وعشرات من المواطنين والأطفال المساندين للبيئة، شمرّوا عن سواعدهم على مدار ساعات من الزمن، بإمكانيات متواضعة جدا لتنظيف شاطئ تمنتفوست بينما انهمك الغوّاصون في أعماق البحار لاستخراج أطنان النفايات القابعة في أعماق الميناء. * * عجلات مطاطية ودوريات المياه وأبواب حديدية، تنافس كنوز البحر وأسماكه * * بين زرقة مياه البحر وأمواجه التي تعكسها أشعة الشمس وبين ما تخبّئه أعماقه التي دمّرتها أيدي البشر من خلال النفايات الملقاة بها، يرثي كل من شارك أمس في حملة التنظيف بتمنفوست واقع شواطئنا والمصير الذي آلت إليه وهو ما أجمع عليه زملائنا بميناء الجميلة بعين البنيان والرميلة بباب الوادي، حيث فاقت كمية النفايات التي تم استخراجها طيلة يوم كامل 75 طنا وما يزال قابعا في أعماق البحار المئات من الأطنان، التي حتى وإن استمرت حملة التنظيف شهرا كاملا لما تمكّنت من التخلّص منها. * الأوضاع بتمنتفوست كانت "كارثية" بأتم معنى الكلمة، ساعاتان كانتا كافيتان لنفاذ العشرات من الأكياس البلاستيكية التي سخّرتها سونلغاز والجمعيات الناشطة في مجال البيئة لذات الغرض، ولم تعد كافية لحمل القارورات الزجاجية والبلاستيكية والقاذورات من مختلف الأنواع، رائحة القرف كانت تشتّم على بعد أمتار من الشاطئ حيث علّق بعض الشباب المتطوّعين في الحملة على أنه يعرف ب"شاطئ الزيڤو"، ومع ذلك كان مسموحا للسباحة منذ أعوام مضت. أزيد من 300 كيس امتلأت عن الآخر، كما أن الطّحالب والمياه القذرة التي كانت مدفونة تحت الرمال الذهبية لا تحفّز أي مصطاف للاقتراب من عين طاية والاستمتاع بنسيم شواطئها لأنه وبكلّ بساطة "مياه قنوات الصرف الصحي تصب في ذلك الشاطئ". * على بعد سنتيمترات فقط من الشاطئ أين يتواجد ميناء تمنتفوست، حيث تفاجأ ما يربو عن 25 غواصا بالواقع المزري في أعماق الميناء، وقد عثروا على سفينة غرقت منذ أزيد من أربع سنوات، ولم يتمكّن هؤلاء بفعل الإمكانيات المتواضعة من استخراجها، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على السفن التي ترسو مستقبلا بالميناء، كما جمع هؤلاء أزيد من 30 عجلة مطاطية وأعمدة وأبواب حديدية حتى دوريات المياه المصنوعة من الرّخام عثر عليها الغواصون الذين عجزوا عن وصف الواقع المرير في عمق "الميناء"واكتفوا بالقول "إنه عالم آخر" * فتصوّروا معنا مستقبل الثروة البحرية في الجزائر أمام هذا الواقع "المخزي"، وتصوّروا حال المواطنين الذين يسبحون في هاته المياه التي تجمع كل ميكروبات الكون؟. * واقع دفع بمدير الغرفة الوطنية للصيد البحري الذي كان حاضرا بميناء الجميلة إلى توجيه نداء عبر وسائل الإعلام للمؤسسات وأرباب المصانع الكبرى، الذين يعمدون إلى تفريغ زيوتهم ونفاياتهم الكيميائية عبر الشواطئ والموانئ، وإلى السلطات المحلية التي تتمادى في انتشار المفرغات الفوضوية التي أضحت تنمو كالطفيليات على مستوى الشواطئ، نداء تقاسمه كل المسؤولين الذين حضروا العملية أمس على مستوى الشواطئ على غرار المدير العام لشركة الكهرباء والغاز للجزائر عبد القادر بوصوردي الذي صرّح ل"الشروق اليومي" أن العملية الهدف منها إرساء الحّس المدني ليس في الشواطئ فحسب، وإنما في كل الأماكن والذي يتوافق وشعار الشركة "المواطنة" وهو ما يدل سبب تجنيد عدد هائل من عمال الشركة خاصة بشاطئ شنوة بتيبازة والرميلة وتمنتفوست وبومرداس".