طرحت الأزمة التي تعصف بحزب جبهة التحرير الوطني، وبدرجة أقل، التجمع الوطني الديمقراطي، إشكالية مدى انسجام نواب الحزبين مع مشاريع القوانين التي قررت الحكومة إحالتها على البرلمان في الدورة الربيعية التي تفتتح اليوم. ومعلوم أن النواب الحاليين تم الدفع بهم في جو طبعته مشاحنات بين الفرقاء السياسيين على مستوى قيادة الحزبين، بل إن الكشف عن أسماء المترشحين للتشريعيات الأخيرة في جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، كان كافيا لتوسّع دائرة الناقمين على القيادة السابقة للحزبين، لينتهي الأمر بتنحية أمينيهما العامين. فعبد العزيز بلخادم، أبعد الوجوه التي عرفت بترددها الطويل بين ردهات البرلمان، وأخرج للواجهة نوابا لم تكن أسماؤهم معروفة، يجمعهم قاسم مشترك واحد هو الولاء والطاعة لمن رشحهم، وكذلك الشأن بالنسبة لأحمد أويحيى، الذي حافظ بالتنسيق مع المنسقين الولائيين، على ترشيح الأسماء التي عرف عنها الولاء التام لقيادة الحزب، على شاكلة ما يحدث في الثكنات العسكرية، على حد ما تردد على لسان خصوم أويحيى في حركة إنقاذ الأرندي. وينطلق المتابعون للشؤون البرلمانية من هذه المعطيات، ليتساءلوا عن مدى انسجام النواب المشكلين للأغلبية البرلمانية التي تدعّم الحكومة ومن ورائها برنامج رئيس الجمهورية، سيما ما تعلق منها بمشاريع القوانين التي يعتقد أن يكون مشروع تعديل الدستور من بينها، علما أن الحزب العتيد يحصي أكثر من 200 نائب في الغرفة السفلى. وتعليقا على هذا الإشكال، يؤكد رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، الطاهر خاوة، أن نواب الحزب "متمسكون بدعم برنامج رئيس الجمهورية، الذي يعتبر أيضا الرئيس الشرفي للأفلان". وقال خاوة: "كتلتنا واحدة موحدة، بالرغم مما يعيشه الحزب من مشاكل. لا تأثير سلبي على تعاطي الكتلة مع مشاريع الحكومة، لأن برنامج الحزب هو برنامج رئيس الجمهورية"، وأضاف: "نحن لا نخلط بين العمل السياسي وبين نشاطنا التشريعي". وكان الأمين العام للحزب العتيد، قد اعتاد الاجتماع بنواب الحزب، قبل الشروع في مناقشة أي من مشاريع القوانين على مستوى البرلمان، لتوجيههم في كيفية التعاطي أثناء النقاش والمصادقة، غير أن هذه المرة وعلى غير العادة، تقترب استحقاقات هامة، والحزب من دون قيادة، تتجاذبه أجنحة وتيارات، فكيف السبيل إلى تجاوز هذه السابقة؟ يؤكد رئيس المجموعة البرلمانية للأفلان في تصريح ل"الشروق"، أن تقاليد الحزب واضحة بهذا الخصوص، وهي أن اجتماع أمين عام الأفلان بنواب الحزب عادة يكون ملزما في حالتين اثنتين، وهما مناقشة مخطط عمل الحكومة ومشروع قانون المالية، وهاتان الحالتان غير متوفرتين حاليا، أما ما عدا ذلك فلا يتطلب اللقاء بالرجل الأول للحزب، بل توكل المهمة لرئيس الكتلة الذي يبلغ النواب التوجيهات المطلوبة. أما إذا مر مشروع قانوني ما -برأي المتحدث- على لجنة من اللجان الدائمة للمجلس، يرأسها نائب من جبهة التحرير، فإن أعضاء المجموعة البرلمانية، ملزمون بتبنّي المشروع بالتعديلات التي أدخلت عليه على مستوى اللجنة المذكورة، وقد حاولت "الشروق" الاتصال بمسؤول المجموعة البرلمانية في التجمع الوطني الديمقراطي، غير أن التواصل تعذّر.