استضافت الجزائر أول أمس الأسبوع الثقافي العراقي، أسبوع ظل المتابعون لفصول عاصمة الثقافة العربية ينتظرونه بفارغ الصبر لإشباع الفضول حول واقع المشهد الثقافي في بلاد الرافدين التي لطالما احتلت الريادة الحضارية و كانت منارة فكرية و قطبا إبداعيا قبل أن تساور أمريكا فكرة "الإصلاح" الذي تحول بقدرة قادر إلى تراجيديا و مأساة إنسانية شتتت العراقيين و صادرت مستقبلهم باسم "الديمقراطية الأمريكية". الأسبوع الثقافي العراقي لم يستطع تطليق السياسة حتى في مضمون الكلمة الرسمية التي افتتح بها جابر محمد عباس الجابري الوكيل العام لوزارة الثقافة العراقية الذي اعتبر الجهاد و النضال القاسم المشترك بين الشعبين موازنا بين سلوى البحراني و جميلة بوحيرد،بين بدر شاكر السياب و الطاهر وطار،وبين نازك الملائكة و أحلام مستغانمي .هذا و تضمن خطاب الجابري ملامة و عتابا ذكيين وجههما من الجزائر إلى الدول الشقيقة قائلا"بغداد لا تنام ليلها ،لم يسمع أشقائها صراخها و هي تئن ...خافها القريب و البعيد و أجمعت القبائل على دفنها " و بلغة تحد راقية قال "لن ينطفئ القمر البغدادي و سيرسل عشقه الليلي إلى عاصمة الحب..". ودون أن يذكر العدو بعينه و دون أن تحدد وجهة الاحتلال أو الصراع تحولت المناسبة الثقافية إلى منبر سياسي غامض اخذ الذكاء فيه الكلمة ليعبر على طريقة المثقفين العراقيين الواعين عن واقع اليم يعيشه العراقيون يوميا خاصة و أن دماءهم استبيحت و نار الفتنة يقوى لهيبها يوما بعد يوم. فقد وجد العراق الجديد –حسب الجابري"ضالته و أبناء بغداد على العهد باقون لصنع غد أفضل ملون بالأمل و الحياة. "في ظل الماسي و التراجيديا يصر العراق إصراره الأبهى على أن يتحدى و يبدع من رحم الموت ميلادا جديدا ،و فرحا آخر،من اجل كل اللذين ضحوا ،و كانوا القرابين للحلم الذي تتلالا طلائعه" كانت هذه إحدى العبارات التي وردت في كلمة وزيرة الثقافة خليدة تومي التي أشرفت على الافتتاح وكيفت خطابها مع الظرف فاجمع الطرفان على أن "العراق الجديد"حتى و هو آت من الشتات الكبير و حتى و هو يولد من رحم الأحزان إلا انه الخيار الذي تراهن عليه بلاد الرافدين؟؟؟. و تبقى الأرواح التي تزهق يوميا في العراق الجريح عربون وفاء للأرض الطيبة و مقاومة حتى الاستماتة من اجل أن تعود مياه الرافدين إلى مجراها الطبيعي. هذا و كان للمقام العراقي كلمة أخرى أكثر دلالة على البقاء حيث أبدعت الفرقة في إمتاع الحضور لتغادر به من الفوضى السياسية إلى هدوء الليالي العباسية. آسيا شلابي