انتهت مغامرة أواسط الخضر في نهايات كأس أمم إفريقيا مبكرا، وبشكل سريع للغاية عندما سقط زملاء بورديم، بثنائية نظيفة على يد المنتخب الغاني، الذي ضمن التأشيرة الثانية لمونديال تركيا وتأهل للمربع الذهبي رفقة المنتخب المصري الفائز بدوره على البينين بهدف دون رد، ليخرج المنتخب الوطني بخفي حنين، ويؤكد للجميع بأن كرة القدم الجزائرية مصابة بمرض يكاد يكون مزمنا مع مرور السنوات وتوالي الخيبات والاخفاقات. خروج الخضر من الدور الأول، وإن كان متوقعا لدى المتتبعين والأنصار بالنظر إلى المستوى الهزيل لأشبال المدرب الفرنسي جون مارك نوبيلو، منذ بداية الدورة، إلا أنه كان بطعم العلقم بالنسبة للجماهير التي اكتظت بها مدرجات مركب عمر أوسياف بمدينة عين تموشنت، خاصة و أن أواسط الخضر لم يقدموا أداء مرضيا يمكن لنا أن نتشدق به، والأدهى والأمر من كل ذلك هي الإحصائيات والأرقام التي تتحدث بنفسها عن منتخب هش للغاية، استهلك الملايير من الأموال وعجز عن بلوغ مرمى المنافسين الثلاثة ولو في مناسبة واحدة، وكانت الحصيلة نقطة يتيمة من تعادل سلبي على حساب أضعف منتخب مشارك في النهائيات اسمه البينين، في حين تلقت شباك الحارس طورش 3 أهداف كاملة في 270 دقيقة. وتضاربت الآراء حول المسؤول الأول عن هذه المهزلة الجديدة، التي جاءت بعد 3 أشهر فقط من صدمة خروج منتخب الأكابر من الدور الأول ل"كان" جنوب إفريقيا وبنقطة وحيدة أيضا، فالبعض ممن التقت بهم "الشروق" حمّل المدرب الفرنسي نوبيلو، المسؤولية كاملة على ما حصل، بما أنه عمل على مدار 15 شهرا لاختيار أفضل اللاعبين القادرين على تحقيق حلم بلوغ المونديال، وجاب مختلف مدن وولايات الوطن جرب خلالها 1500 لاعب، إلا أن التقني الفرنسي لم يمنحنا 11 عنصرا يمكنه لعب كرة قدم جميلة وسلسة على غرار ما شاهدناه لدى النيجيريين، الغانيين والمصريين، بل وزاد الطين بلة إفلاسه التكتيكي وضعفه الخططي، وسوء تحضيره لرفقاء فرحات من الناحية النفسية، إذ بدا أواسط المنتخب الوطني تائهين فوق أرضية الميدان في صورة أساءت كثيرا لسمعة ومكانة الكرة الجزائرية في القارة السمراء، و على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي وفرت لهذا المنتخب، بالإضافة لعاملي الأرض والجمهور بيد أن كل هذا سقط في الماء بسبب مدرب فاشل اسمه نوبيلو، بحسب تعبير الجماهير الغاضبة. وعمل نوبيلو لمدة 15 شهرا مقابل أجرة شهرية تقدر بحوالي 200 مليون سنتيم، واستهلك ما قيمته أكثر من 3 ملايير سنتيم لينتج فشلا ذريعا. . النوادي الجزائرية مسؤولة عن الفشل أيضا البعض الآخر يرى في تحميل نوبيلو، كل المسؤولية أمرا غير منطقي، لأن التعداد الحالي للمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة هو نتاج لما تقدمه مختلف الأندية الجزائرية، وما ضعف مستوى البطولة الوطنية من وجهة نظرهم سوى دليل على مستوى هؤلاء اللاعبين المحدودين من جميع النواحي الفنية، التكتيكية أو حتى البدنية، وهذا راجع في الأساس لتخلي المدارس الكروية المعروفة عن دورها، وتداخل العديد من العوامل في عقمها عن إنجاب أسماء كبيرة يمكنها السير بالمنتخبات الوطنية نحو الأمام. أما الطرف الثالث فاعتبر الجميع مسؤولا عما وصلت إليه المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها العمرية، موعزا ذلك إلى غياب سياسة واضحة من طرف (الفاف) للنهوض بكرة القدم في بلادنا، بالإضافة إلى لهث رؤساء النوادي فقط وراء تحقيق البطولات دون الالتفات إلى مدارسها التي تبقى تعاني في صمت، وتعمل في ظروف لا تسمح أبدا بممارسة هذه اللعبة، وبين القيل والقال فإن الخاسر الأكبر في هذه المعادلة المعقدة هي الجماهير الجزائرية، التي كلما حاولت أن تفتخر بمنتخب بلادها، إلا وتلقت ضربة موجعة توقظها لرؤية كابوس جديد اسمه "الاخفاق". . جحمون: لاعبو أكاديمية (الفاف) من الدرجة الثالثة وما حدث بتموشنت عار أرجع اللاعب الدولي السابق كمال جحمون، سبب اقصاء أواسط المنتخب الوطني من كأس افريقيا، لاعتماد المدرب جون مارك نوبيلو، على لاعبي أكاديمية (الفاف)، الذين اعتبرهم من الدرجة الثالثة وليسوا أهلا لارتداء قميص المنتخب، وتمثيل الجزائر في منافسة كبيرة مثل كأس افريقيا، مشيرا في الوقت ذاته أن ما حدث للخضر في هذه الدورة عار وفضيحة بعد أن عجزوا عن تسجيل أي هدف. قال جحمون في تصريح للشروق: "كنت أعلم من البداية أن هذا المنتخب لن يذهب بعيدا، لقد تم ارتكاب خطأ كبير في الاعتماد على لاعبي أكاديمية (الفاف)، إنهم ينشطون في بطولة الدرجة الثالثة فكيف لنا أن نعتمد عليهم؟ في حين نواصل تهميش لاعبين ينشطون في مختلف أندية الرابطتين الأولى والثانية ويلعبون بانتظام مع فرقهم، بكل صراحة مشروع أكاديمية (الفاف) فاشل وانتقلت عدواه إلى المنتخب"، مضيفا: "ما حدث لمنتخب الأواسط في كأس افريقيا عار وفضيحة، كيف لنا أن ننظم دورة في بلدنا ويعجز منتخبنا عن تسجيل أي هدف، على المسؤولين إعادة النظر في الاستراتيجية المنتهجة وحفظ الدروس من هذه الاخفاقات". وختم يقول أن النتائج المحققة مع المدرب السابق أبرير، أحسن بكثير من تلك التي سجلها حاليا الفرنسي نوبيلو، موضحا بأنه ليس ضد التقنيين الأجانب غير أنه لا بد من وضع الثقة في المدربين واللاعبين المحليين أيضا. . بلعطوي: الاقصاء المبكر أحسن من فضيحة في المونديال أكد اللاعب الدولي السابق عمر بلعطوي، المدرب الحالي لاتحاد مغنية في تصريح "للشروق" بأن خروج أواسط الخضر من الدور الأول لنهائيات كأس أمم إفريقيا المقامة حاليا بالجزائر، لم يكن متوقعا ولكنه في نفس الوقت منطقي للغاية بالنظر إلى المستوى الضعيف الذي ظهر به المنتخب الوطني في المواجهات الثلاث أمام كل من البينين، مصر وغانا، وأضاف بلعطوي بأن المنتخب الوطني يحتاج لعمل كبير جدا من كل النواحي، والمجموعة المتواجدة حاليا محدودة و يجب العمل على تطوير مستواها على حد تعبيره. وبخصوص هوية المسؤول عن هذا الإخفاق الذريع، شدد بلعطوي على أن الجميع يتحمل المسؤولية، من (الفاف) إلى الأندية المحلية وصولا للمدرب الفرنسي نوبيلو، وهذا لأنهم لم يقوموا بواجباتهم على أكمل وجه ممكن -حسب رأيه-، ضاربا مثالا بالبطولة الوطنية العاجزة عن تقديم أسماء في المستوى يمكنها تشريف الألوان الوطنية. وأوضح محدثنا بأن إقصاء المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة الآن، أحسن من الذهاب للمونديال القادم بتركيا وبهذا المستوى المتواضع، وحينها ستكون الفضيحة أكبر والنتائج أثقل أمام منتخبات لها باع طويل في هذه المنافسة العالمية، ودعا مدافع الخضر السابق إلى العودة للقاعدة والتكوين من جديد "إذا ما أردنا تلافي مثل هذه الاخفاقات مستقبلا". . ياحي: كأس افريقيا فضحت المستور وأثبتت أننا لا نملك لا منتخبا ولا استراتيجية عمل أكد اللاعب الدولي السابق حسين ياحي، أن كأس إفريقيا لفئة أقل من 20 سنة فضحت المسؤولين وأثبتت أن الجزائر لا تملك منتخبا للأواسط، بسبب غياب استراتيجية عمل واضحة على مستوى الفئات الشبانية، مشيرا أن المنتخب مكون من لاعبين ينشطون في بطولة الهواة وهم ضعفاء ولا ينافسون إلا الضعفاء. قال ياحي الذي سبق له المشاركة مع الخضر وتسجيل هدف في مونديال الأواسط عام 1979 باليابان، في تصريح للشروق: "لقد تابعت كل لقاءات المنتخب في كأس افريقيا، ووقفت على الأداء الهزيل للاعبين، حقيقة لم أشعر أنني أتابع في منتخب وطني، لا يوجد أي مواصفات تدل على أننا نملك منتخبا، لا طريقة لعب واضحة ولا خطة ولا مستوى فني راق، اللاعبون تائهون فوق الميدان، على عكس المنتخب المصري الذي ظهر متماسكا ولاعبوه يتمتعون بالرزانة"، مضيفا: "هذا كله يوضح بأنه لا توجد استراتيجية عمل، في 1979 تمكنا من التأهل إلى كأس العالم أين بلغنا الدور الربع نهائي، وقبلها توجنا باللقب الإفريقي، هذه النتائج لم تأت هكذا صدفة فقد كانت هناك استراتيجية عمل واضحة، فطيلة عامين ونحن نحضر بجدية في إطار منظم أمام منتخبات كبيرة وكان هناك جيل من اللاعبين العالميين، ليس كاللاعبين الحاليين الذين يحضرون أمام فرق من الهواة، يجب أن لا نهرب من الحقيقة مستوى كرتنا في تدن مستمر، فنحن حاليا ضعفاء ولا نحضّر إلا مع الضعفاء"، وأشار ياحي إلى أن المدرب نوبيلو، يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية المهزلة التي حدثت في كأس افريقيا، لاسيما وأن كامل الامكانات وفرت له ولأشباله".