استنفر حزب جبهة التحرير الوطني، محافظيه تحسبا للانتخابات التشريعية المسبقة المرتقبة في الثاني عشر من جوان المقبل، والتي دعا إليها الرئيس عبد المجيد تبون، في أجواء خيمت عليها صدمة القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات. وجمع الأمين العام للحزب، أبو الفضل بعجي، المحافظين في قصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال، غرب العاصمة، على مدار يومين، في لقاء تنظيمي تمحور حول الانتخابات المقبلة، لتدارس المستجدات السياسية والتنظيمية التي فرضتها مرحلة ما بعد "الحراك الشعبي"، وبحث السبل التي من شأنها إنقاذ الحزب في المعترك الانتخابي المقبل، والذي يهدده بفقدان الأغلبية النيابية التي استحوذ عليها على مدار نحو عقدين كاملين. وقدم كل محافظ وضعية محافظته في ظل التغييرات التي أجراها الأمين العام الجديد، والذي استبعد محافظين قضى البعض منهم أكثر من عقدين في منصبه، دون أن يقدم ما كان منتظرا منه وفق منظور القيادة الجديدة، الأمر الذي خلق حالة من الاستقطاب بين المناضلين المؤيدين والمعارضين للمحافظ الجديد، ما أثر بشكل أو بآخر على انسجام قاعدة الحزب عشية استحقاقات مصيرية. ومن بين ما تضمنه القانون الجديد، المادة رقم 200، التي وصفت من قبل الأحزاب التقليدية ب"المقصلة"، لتضمنها بندا يقضي بمنع الأشخاص الذين قضوا عهدتين متتاليتين أو منفصلتين من الترشح بأثر رجعي، وهو البند الذي قضى على أحلام العشرات من النواب الذين ترددوا كثيرا على ردهات البرلمان، إلى درجة أن البعض منهم قضى عقودا. ويبلغ عدد الأشخاص المعنيين بالمادة 200 في القانون الجديد، على مستوى "الحزب العتيد" وحده، نحو 100 نائب سابق، فازوا بعهدتين برلمانيتين على الأقل، وفق ما أسرت به مصادر من "جبهة التحرير" ل"الشروق"، وهي من الأسماء الثقيلة والنافذة على مستوى الحزب، وقد أصيبت بإحباط كبير، كونها باتت في لحظة، خارج السباق بقوة القانون الجديد. صدمة النواب السابقين لم تتوقف عند أولئك الذين قضوا عهدتين منفصلتين أو متتاليتين، وإنما انسحبت حتى على أولئك النواب الذين قضوا عهدة واحدة فقط، ويحلمون بالترشح مجددا، إذ تحدثت المصادر من داخل قصر المؤتمرات، إلى الشروع في تبني معايير صارمة تحدد مواصفات الترشح للاستحقاقات التشريعية المقبلة، لم تكن موجودة في انتخابات 2017 وكذا التي قبلها. ومن بين التدابير الجديدة التي تم وضعها والتي تقطع الطريق أيضا على العشرات من النواب السابقين أصحاب العهدة الواحدة، وفق المصادر ذاتها، تقييم الأداء النيابي لعهدة الراغب في الترشح (المساهمات في الجلسات والنشاطات على مستوى الدائرة الانتخابية)، ونظافة اليد وعدم التورط في الفساد وعدم الخلط بين المال والسياسة، وقبل كل ذلك، أن يكون للنائب المترشح سمعة طيبة لدى ناخبي الدائرة الانتخابية التي سيخوض فيها السباق، وذلك حفاظا على حظوظ الحزب، وهو التوجه الذي يساهم في فسح المجال أمام الفئات الشابة والوجوه الجديدة، بما يتناغم والتوجهات الجديدة لرئيس الجمهورية.