يسعى اليمين المتطرف الفرنسي جاهدا إلى الحد من اندفاع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نحو تقديم المزيد من "التنازلات" لصالح الجزائر، على صعيد ملف الذاكرة، الذي تسبب ولا يزال في فتور العلاقات الجزائرية الفرنسية. عضو الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان) النائب إيمانويل مينار، وهي زوجة الصحفي الشهير المعروف بعدائه للجزائر، روبير مينار (ابن إحدى عائلات الأقدام السوداء من وهران)، وجهت سؤالا كتابيا إلى رئيس الوزراء الفرنسي، جون كاستاكس، على خلفية اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمسؤولية الدولة الفرنسية في اغتيال المناضل ومحامي جبهة التحرير، علي بومنجل، في الثاني من الشهر الجاري. وجاء في السؤال الكتابي:"تسأل السيدة النائب، رئيس الوزراء بخصوص اعتراف رئيس الجمهورية (الفرنسي) بمسؤولية الدولة الفرنسية في اغتيال علي بومنجل". وتضيف النائب عن الجبهة الوطنية الفرنسية في سؤالها: "في 2 مارس 2021. اعترف رئيس الجمهورية، نيابة عن الدولة الفرنسية، بأن المحامي والقيادي في جبهة التحرير الوطني، علي بومنجل، "تعرض للتعذيب والقتل" على يد الجيش الفرنسي في 23 مارس 1957. وخلال الشهر الجاري، أقدم ماكرون على خطوتين تتعلقان بالذاكرة، الأولى تمثلت في الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في اغتيال المناضل علي بومنجل، وبعد أسبوع قرر رفع السرية عن الأرشيف الذي زاد عمره عن خمسين سنة، وهما الخطوتان اللتان لم تلقيا التجاوب المأمول من الطرف الجزائري. وتساءلت النائب إيمانويل مينار عن الوثائق التي استند عليها الرئيس الفرنسي في اتخاذه قرار الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في تصفية الزعيم الوطني، وكتبت: "ما هي الوثائق التي سمحت باتخاذ مثل هذا القرار؟ إذا كان القرار مبنيا على الشهادة (الاعتراف) الوحيدة للجنرال أوساريس، فمن الواضح أن هذا لا يكفي. هذه الشهادة، بعد أربعين عامًا من الحدث، يجب أن تتقاطع مع الوثائق والشهادات والمحفوظات الأرشيفية الأخرى". زوجة روبير مينار، لم تجد من وسيلة للتشكيك في اعتراف الجنرال بول أوساريس بتصفية بومنجل ومن ثم ضرب مصداقية قرار الرئيس الفرنسي، سوى الاستئناس بما كتبه المؤرخ، بيير فيدال ناكي، في العام 2002، والذي قال إن "الحقائق الموصوفة في كتاب الجنرال أوساريس، يجب أن تقرأ بعناية خاصة وبتأن كبير". كما نقلت النائب عن المؤرخ ذاته قوله، إن "علي بومنجل كان قد اعتقل أثناء معركة الجزائر، لأنه قام بتسليح قاتل (مجاهد) تابع لجبهة التحرير الوطني، وأمر باغتيال زوجين أوروبيين وطفلهما البالغ من العمر ثلاث سنوات. تم العثور على هؤلاء الضحايا جثثا جنوبالجزائر العاصمة"، على حد ما جاء في السؤال الشفوي. وأضافت صاحبة السؤال الشفوي داعمة فرضية التشكيك: "ربما يكون علي بومنجل قد تعرض للتعذيب والقتل على يد الجيش الفرنسي، لكن حتى الآن لا يوجد دليل. ومع ذلك، إذا كان لابد من التوفيق بين الذاكرات، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا على أساس أدلة ملموسة"، وقدرت النائب بأنه في حالة علي بومنجل "لا يوجد دليل ملموس"، على حد زعمها. ومضت النائب معلقة على قرارات ماكرون: "في 9 مارس 2021، أعلن رئيس الجمهورية أنه سيتم تسهيل الوصول إلى الأرشيف السري، الذي يزيد عمره عن 50 عامًا. إنه شيء جيد". كما تساءلت عما إذا كان الأرشيف المتعلق بتصفية الشهيد، علي بومنجل، سينشر على الملأ في أسرع وقت ممكن.