أجمع مسؤولون في قطاع الفلاحة ومستثمرون زراعيون وخبراء مهندسون على وجود أطراف تحاول كسر إنتاج الزيت والسكر محليا، من خلال منع زراعة المادة الأولية في المساحات الفلاحية الجزائرية وكبح الملفات على مستوى الإدارات لصالح المستوردين، وهو ما يكلف الخزينة العمومية اليوم واردات للمواد الأولية لإنتاج هذين المادتين الأساسيتين تعادل ملياري دولار سنويا. اتهم مستشار الغرفة الوطنية للفلاحة، المكلف بالإعلام، أحمد مالحة، بعض الأطراف بمحاولة كسر إنتاج الزيت محليا في الجزائر للإبقاء على الاستيراد، وقال إن كافة الملفات المودعة لدى المصالح المعنية للشروع في زراعة الصوجا والذرة في الجنوب تواجه بالتجميد وفرملة توزيع العقار الفلاحي لصالح لوبيات تكرس الاستيراد من الخارج. وقال المتحدث الأحد، في تصريح ل"الشروق"، على هامش مؤتمر الصيرفة الإسلامية المنظم من طرف النادي الاقتصادي الجزائري بوادي سوف، إن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أعطى تعليمات بتشجيع زراعة الصوجا والبنجر السكري بالجنوب، ولكن هذه القرارات تواجه بالرفض من طرف الإداريين الذين يعرقلون عملية توزيع العقار ويرفضون إصدار المراسيم التنفيذية والملفات التكميلية المرافقة للعملية لصالح لوبيات الاستيراد التي لا يخدمها إنتاج الزيت والسكر محليا، وتحاول دائما تكريس استيراد المادة الأولية من الخارج، مع العلم أن زراعة الصوجا والذرة توجه لإنتاج الزيت وأغذية الأنعام. وأوضح مسؤول غرفة الفلاحة الوطنية أن إنتاج الصوجا اليوم محليا منخفض جدا ويقل عن كافة التوقعات رغم إيداع عدة ملفات على طاولة السلطات المعنية، إضافة إلى البيروقراطية، وتأخر توقيع القرارات وهو ما ينفر المستثمرين في هذا المجال ويخالف تعليمة رئيس الجمهورية، مضيفا "نأمل أن تلقى تعليمات الرئيس تبون الأخيرة تجاوبا من قبل الإدارة وأن لا تبقى مجرد حبر على ورق". وبخصوص أزمة الزيت، أوضح المتحدث أن الزيت متوفر ولكن المشكل الحقيقي الذي يواجه السوق هو الفوترة وهامش الربح، في حين وصف الأطراف التي تعرقل إنتاج الصوجا محليا ب"السوسة" التي تستهدف كسر المنتج المحلي، مشددا على أن الإمكانيات التي تتمتع بها الجزائر تجعل من إنتاج الزيت محليا ممكن جدا، وليس مستحيلا مثلما يسعى للترويج له البعض، خاصة في الظرف الراهن حيث تشهد أسعار المواد الأولية وهي الذرة والصوجا ارتفاعا بنسبة 80 بالمائة في السوق العالمية. من جهته، كشف رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين، منيب أوبيري، في تصريح ل"الشروق" عن اشتداد أزمة الزيت في الجزائر بسبب غياب منتج محلي، مسجلا نقصا كبيرا في مادة الصوجا نتيجة عجز في البذور، وهو ما يعرقل زراعتها محليا رغم وجود بعض التجارب لتعميم زراعة الصوجا والبنجر السكري. وقال أوبيري إن زراعة الصوجا لا تتجاوز ال100 هكتار في الجزائر بسبب تكريس سياسة الاستيراد ومساعي بعض المستوردين لكسر الإنتاج المحلي، مضيفا "في حال شرعنا في إنتاج الصوجا محليا سنقلص واردات هذه المادة الأولية بنسبة 40 بالمائة على الأقل"، كما أكد أن التجارب المسجلة لحد الساعة لا تعدو أن تكون مجرد تجارب فردية منعزلة، مطالبا المعاهد التقنية للزراعات الصحراوية بتطوير إنتاج البذور الخاصة بالصوجا والبنجر السكري، وتوفير الوسائل اللازمة والمتابعة لتطوير هذه الفروع الفلاحية. من جانبه، قال المستثمر الفلاحي بن غربي عطية، في تصريح ل"الشروق" إن أزمة الزيت المتفاقمة اليوم في الجزائر مردها إلى هامش الربح الذي يجري الخلاف حوله اليوم بين المنتجين والموزعين، في حين تظل إمكانية زراعة الصوجا قائمة جدا بولاية أدرار وكذا الذرة ولكن المشروع تواجهه بيروقراطية حادة من طرف الإدارة ومحاولة كسر يتزعمها بعض المستوردين، رغم تعليمة الرئيس عبد المجيد تبون التي تأمر بتشجيع الإنتاج المحلي لهذه المواد الفلاحية الموجهة للصناعة الغذائية. وفي السياق، عدّد رئيس الدراسات بقسم الصناعات التحويلية بوزارة الصناعة، لخضر عرابة، نقاط ضعف قطاع الصناعة الغذائية في الجزائر، أهمها التبعية للأسواق الخارجية واستيراد المواد الأولية، حيث تستورد الجزائر مائة بالمائة من مواد إنتاج السكر و95 بالمائة للزيت، فيما أشار إلى أن المحاولات المحلية لإنتاج الصوجا محليا لا تتعدى ال5 بالمائة، وهي نسبة صغيرة جدا. وكشف أن قيمة استيراد المواد الأولية بلغت 2،7 مليار دولار، في حين أن المادة الأولية للسكر بلغت مليار دولار والزيت الغذائي 900 مليون دولار، أي قرابة ملياري دولار للمادتين.