عبد الناصر إلى زمن غير بعيد كان حلم الجزائريين أن يرتفع سعر البترول إلى حدود الأربعين دولارا وكان اقتناعهم برقم الثمانية عشرة دولار واضحا من المخططات المالية والاقتصادية لأجل أن تتحسن أوضاعهم الاجتماعي التي ولّدت بانهيار أسعار النفط أزمات، مازلنا نعيش تبعاتها لحد الآن... فقد كان ومازال الخطاب الرسمي يؤكد أن الجزائر تعيش من ثدي حاسي مسعود، وكلما نزل سعر لبن "الحاسي" نزل مستوى المعيشة إلى درجة الخطر، لكن الذي حدث أن سعر البترول التهب وصار يحطم أرقاما قياسية إلى أن تجاوز مع بداية الشهر المعظم رقما كان أشبه بالحلم وهو ثمانين دولارا ستضخ بالملايير في خزائن الدول المصدرة للنفط ومنها الجزائر بالتأكيد... وبالمقابل يعجز الناس عن تفسير بعض الظواهر الغريبة من ارتفاع لسعر البطاطا إلى زيادات مرتقبة في سعر المازوت إضافة إلى اشتعال أسعار الكهرباء والغاز والكراء والماء في كل منعرج.. وغالبا من دون منعرجات. الرقم القديم الذي حفظناه عن ظهر قلب عن تصدير الجزائر 97% من منتجاتها من المحروقات لا يبدو أنه سيتغير والارتفاع القياسي لفواتير الاستيراد بشكل متتالية هندسية لا أمل في توقيفه، فالمعادلة أصبحت تقول بأنه كلما ارتفع سعر النفط، ارتفعت أرقام الإستيراد وقل تصدير المواد غير النفطية، وكلما ارتفع سعر النفط بلغ التضخم أعلى مستوياته وجر الناس إلى فقر لم يبلغوه عندما انهار سعر البترول إلى أقل من عشرة دولارات منذ عشرين عاما. مواسم الغيث النفطي التي طال زمنها وقد تدوم بالنظر إلى الثورات الصناعية المندلعة في كل دول العالم لم يجن منها الجزائري لحد الآن إلا الخيبات، وكأن جيوب البدلة الاقتصادية الجزائرية ممزقة ودودة شريطية تسكن بدننا تبتلع هاته المليارات القادمة من الدول لصناعية التي تستهلك نفطنا. الرقم القياسي الجديد الذي سجله سوق البترول بتجاوزه حدود الثمانين دولارا مرّ كأي خبر عادي بالنسبة للجزائريين الذين ما عادت تفرحهم مثل هاته الأخبار مادامت ذات الدودة الشريطية ساكنة في بدن الاقتصاد الجزائري تلتهم كل ما يأتيها وتلتهم معه آمال الشباب الذي مازالت أحلامه كلاسيكية وبدائية وهي العمل والسكن والزواج.. بعيدا عن الفواتير المرتفعة التي طالت البطاطا والزيت والماء والكهرباء.. وحتى المحروقات التي تنتجها وتصدرها الجزائر. المقال في صفحة الجريدة pdf