أ.د/ أوصديق فوزي [email protected] لليمن في قلوب المسلمين مكانة نظراً لما يحملة من أرث الضارب في جذور التاريخ.. من مملكة سبأ وقصة الهدهد..فلذكريات التاريخ هي أول ما تسترجعها وأنت على أهب الإستعداد للوصول إلى اليمن..فتحاول أن تحفظ في مخيلتك جميع هذه الصور التي تلتقطها من الطائرة؛ ولعل أولها "الأبراج" الشامخة الأول في التاريخ على قمم الجبال ذات البنية القرمدية اللون الممزوجة مع لون التربة والطبيعة المحلية؛ وأثناء ذهابك لصنعاء القديمة ما بين جدريها تحتضن الكعبة التي بناها ابرهه الحبشي في فناء مفتوحة للزوار والسياح شاهدة على معناة الإسلام في فتح الأمصار والدول. وأول مرة أزور صنعاء ذاهبا إلى مورني استقبلني مضيفي من المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية مقترحا على الذهاب إلى "المقيث"..عفواً أنا فهمت "المفيل" من شدة التعب والإرهاق؛ فعلى طول وبدون تردد وافقت على الفكرة؛ وبالأخص لدى المستشار القانوني السابق لرئيس الجمهورية الأستاذ الشافعي.. وإذ بمجرد دخولي للبيت لحظت أنني داخل "للمقيث" وليس "للمقيل" وإذ بمجموعة من النخبة اليمنية خاشعة ومنهمكة في تخزين القات وفي هذه الجلسات عادة ما يمتزج فيها التاريخ بالثقافة وتدارس هموم الناس. أما التجربة الثانية وهي أثناء القيام بمحاظرة حول حقوق الإنسان والثقافة الديمقراطية في المعهد الديني للتنمية الديمقراطية. وإذ أنا جالس مابين المستمعين، فإن أغلب الحاضرين معك؛ ولكن فهه يتحرك في تخزين القات فأغلب المحاضرات قد تكون على هذه الشاكلة؛ ولذلك فإن "القات" في اليمن مشكل وظني؛ ففي أيام قبل الوحدة فإن اليمن الجنوبي حرم تناوله في أيام العمل وسمح به أيام الإجازة الأسبوعية. فتوجد حالياً لجان وطنية لمحاربة القات كما أنه أثناء جلستنا مع وزير الخارجية الأستاذ أبو بكر القربي أثناء انعقاد الإجتماع الدستوري للجنة الإسلامية للهلال الدولي قال لنا بشكل نكتي أن جميع الجينات والكروموسومات اليمنية صالحة خارجت من اليمن أما ما تشهدونة اليوم فإنها الجينات والكروموسومات الغير صالحة وذلك كرد على سؤال حول الأصول اليمنية لمعظم الشعوب العربية. كما أنك تلاحظ من العادة الغريبة انتشار السلاح والكلاسينكوف بين اليمنين بل أثناء الصلاة قد يضعه امامك دون حرج .. حتى أنك قد تقول في نفسك أنه في اليمن قد لا تكتمل رجولة الفرد بدون امتلاكه قطعة من السلاح.. رغم ذلك فإن نسبة الجرائم أو القتال فهي طائلة مقارنة بباقي الدول لذلك فإن وضع الخنجر من الأعراف والتقاليد الذي يتمسك بها اليمنيون وبالأخص بعض الرسميين وشيوخ القبائل والأعيان. كما أنني قد أكتشفت من مرافقتي المكدونلد اليمني والمعروف بإسم "الشيباني"؛ تقدم المؤكلات اليمنية التقليدية؛ فأصبحت كل مرة انزل إلى اليمن ؛اشترط عليهم على ضرورة زيارة هذا المطعم العريق والذي بدأ في التوسع بفتح العديد من الفروع له في أرجاء اليمن. فاليمن اليوم سعيد.. سعيد بتاريخة وأمجاده الذين صنعوا التاريخ ففي كل منطقة إلا ولها تاريخ؛ فأحياناً وأثناء تجولك في أرجاء صنعاء قد تلاحظ مدى تأثر اليمنين على دول الجوار (جيبوتي- الصومال- ارتيريا ) من حيث العادات والتقاليد؛ حتى أحيانا في طريقة اللبس فأغلب التجارة في هذه الدول هي تحت احتكار اليمنيين. كما أنه من حسن الصدف أثناء تواجدي في اليمن أثناء عملي الإنساني؛ تصدفت زيارتي مع الإلتقاء بسفير الإمارات العربية المتحدة المزرعوني؛ والذي اشرفت عليه في الجزائر؛ والذي مازال يعتبر تواجده أثناء عمله في الجزائر على رأس سفارة الإمارات من المراحل التي لا ينساها في حياته وذلك باللهجة الجزائرية؛ وبدأ يسألونني عن الجزائر؛ والتطورات التي شهدتها بجررة وشوق.. طالما نجدة للاسف الشديد عن بعض الجزائريين.. وقد تذكرت هنا بعض أطروحات المفكر الجزائري مالك بن نبي على أساس أن الأرض احيانا تؤثر على الفرد وتكوينه ونمط تفكيره.