أ.د/ فوزي أوصديق [email protected] الزيارة إلى غينيا كوناكري كانت بناء دعوة تلقيتها من حرم زوجة رئيس الجهورية والتي تترأس جمعية خيرية إنسانية وهي " مؤسسة فنديس " وهي الزوجة الثانية للرئيس تتميز بعفافها وإلتزامها الديني وهي مشهورة لدى الغينين بهذه النعوت، حاولت مساعدة هذه الدولة التي كانت في مرحلة من المراحل في تاريخ التحرر الأفريقي دولة رائدة بفضل زعيمها الراحل الحاج ( سيكوتوري)؛ فأثناء زيارتي لقبره، فقد اشتد انتباهي وفاء زوجته التي تلتزم اسبوعياً من كل يوم جمعة الذهاب إلى قبره والدعاء له وقراءة القرآن وكذلك سرد بعض الأذكار، كما أنك قد تلاحظ أثناء تجولك في مدينة كوناكري بعض مؤشرات الفقر وضعف البنية التحتية، فغينيا تعيش أزمة اقتصادية حادة قد أثرت سلباً على الحياة السياسية وسير مؤسسات الدولة. كما أنك وأنت تجوب شوارع كوناكري وإذ بذكرتك تعود إلى " فريق حيفا كوناكري " لذى صنع أمجاد الكره " مع مولودية " الجزائر، لما كانت كرة القدم لها " شنبات "... لكن اليوم لم يبقى من هذا الفريق سوى ذكريات، ولعل لما تقول لهم أنك جزائري؛ قد يتحدث لك عن المقابلة وكأنها جرت البارحة.. وأثناء تواجدي حظيت باستقبال من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ وهو متخرج من الجامعات المغربية، عربيته ممتازة، فأثناء الحفل الذي أقامته حرم الرئيس، فإنه يوجد تقليد في البلد وهو ضرورة تقديم مبلغ للفرقة التقليدية الموسيقية التي كانت تغني، لذلك فإن الوزير قد " كان زعلان " على وكيله لعدم تقديم مبلغ مالي؛ وبالأخص الأغنية التي أهديت له، ذلك " الزعل " كان عبرة لباقي الموظفين الوزارة التابعين له " بالتبرع ".. فالمظاهر أحيانا والشكليات تلعب دور محواري في المجتمعات الأفريقية. كما أنه أثناء تواجدك تلاحظ الدور الفعال للجمعيات العربية في تنمية المجتمع وبناء قدراته والتي تقوم به بامتياز وبريادة منظمة الدعوة العالمية التابعة للجماهيرية الليبية فهي متوغلة في مختلف مناحي الحياة، وذلك بدعمها للعديد من البرامج سواء الخاصة بترسيخ اللغة العربية، نشر الدعوة الإسلامية، وبناء البنية التحتية، ذلك ما لمسته ليس فقط في غينيا ولكن أثناء زيارتي وترحلي للعديد من الدول الأفريقية والآسيوية. فالبلد رغم هطول الأمطار فيه مستمرة ودائمة طوال السنة، فإن زراعته في اختناق مما قد يؤدي أحياناً إلى بعض الأزمات الغذائية، بل قد تلاحظ أحياناً الإنقطاع الدائم للكهرباء وذلك مما قد يسبب إزعاج للسير العادي للمؤسسات، رغم أن الدولة ممكن أن تقضي على هذه الإشكالية إلا أنه أحياناً سوء التسيير، والبيروقراطية؛ كانوا من الأسباب لتمادي وتفاقم مشكل الكهرباء. فغينيا اليوم.. قد تبتعد عن " الإرث سيكوتوري " ولكن ظله وأعماله ما زالت تلقي بطلها، فالغينيون لما يتكلمون عن هذه المرحلة، يتحدثون عليها بحسرة وأسى فيعتبرونها مرحلة ذهبية من التاريخ المعاصر لغينيا. وفي هذا المقام فإن غينيا قد تتقاسم هذه التسمية مع دولتين كوناكري وغينيابيساو التي كانت مستعمرة برتغالية، من الأشياء الغير متوقعة وأنا ألحظها على مشارف الفندق الذي أسكن فيه، فكان يقابلني مطعم متواضع فصاحبه " كان الكل في الكل " فأحياناً قد يسوي حمام بمعنى الكلمة خارج ساحة المطعم، وبمجرد مجيء زبون يدخل مهرولاً لأخذ طالبته ثم يرجع لإستكمال حمامه؛ فالبساطة في الحياة، وعدم تعقيدها هي من سمات الحياة في غينيا كوناكري وأفريقيا. بل في أحد الحفلات الرسمية المدعو لها، بحضور وزراء ورسميين فإنه أحد أفراد الجيش؛ دخل متسكعاَ في المنصة؛ ولفظ بكلمات.. قد تجرح ولكن لم يسوى له ولا شيء بحكم أنه قد ينتمي لقبيلة الرئيس الجمهورية. فالمجتمعات في أفريقيا وغينيا تتحكم فيه عقلية القبلية والعشيرة ممزوجة ببعض المعتقدات والتقاليد مما يجعل " شيخ القبيلة " الشخصية المقدسة، المحترمة، اين كلمته " تعلو " على باقي الكلمات الأخرى. إذاً هذا مفتاح من المفاتيح التي يمكن النفاذ فيه في أفريقيا فالحصول على التبركات في أي عمل " ثنوي " القيام به في أفريقيا ضروري وأساسي.