ما نقدمه في هذا العدد، ليس نقدا مهنيا ولا احترافيا، كما أنه ليس حكما مطلقا، بل مجرد انطباعات ذاتية، عن "أعمال" شاهدناها في رمضان 2013، بعضها كوميدي والآخر درامي..وثالث "لا نجد له تصنيفا ولا تعريفا".. علما أن هدفنا ليس وضع تصنيف أعمى وغايتنا ليست الإساءة للمجهود الذي قدّمه البعض مشكورا.. بل ندرك تماما أن الكثير ممن ظهروا على الشاشة بشكل أقل من المطلوب، ربما تسببت عوامل أخرى لا يعلمها الجمهور في صناعة هذا الواقع، وقد يكون هنالك من الناجحين والمخفقين من لم نذكرهم هنا لضيق المساحة أو عمدا لغاية في أنفسنا.. بيد أن المتفق عليه.. أن الصورة لا ترحم، والقنوات الجديدة فسحت المجال واسعا للمشاهدين من أجل الاختيار الحر.. وما كان يسمح به في الأمس القريب بات اليوم من الممنوعات والمحرمات! بيونة..عودة تشتاق للغياب! تقف بيونة في منطقة رمادية بين الفشل والنجاح في رمضان 2013، حيث عادت بعد 7 سنوات من الغياب إلى الشاشة لتحقق حضورا خاصا من خلال فضائية الشروق عبر سلسلة "بيونة شو" متطرقة إلى العديد من المواضيع والمجالات المختلفة والقضايا الاجتماعية والسياسية التي تشكّل همّا بالنسبة للجزائريين... كما سجلت حضورها عبر التلفزيون العمومي الذي كانت ممنوعة من الظهور فيه لعدة أسباب، لتكون العودة بسيتكوم "دار البهجة" لكن هذا الأخير لم يكن في مستوى الممثلة ولا حتى المخرج الذي عوّد متابعيه على إتقان العمل أكثر مما شاهدنا، بيد أن النقطة المشتركة بين بيونة شو ودار البهجة أن كلا العملين جاءا مرتجلين وفي اللحظات الأخيرة، ولم تنقذهما ربما إلا بيونة التي ورغم كل شي كانت الرابحة الأكبر من وراء عودتها هذه السنة..
مول الشاش..بشعار: لازلت حيّا! وغير بعيد عن بيونة، نجد أن الممثل أحمد بن حصير الذي شاركها بطولة بيونة شو على الشروق، كان رابحا في رمضان، من خلال عودته بعمل كوميدي يجمعه مع فنانة معروفة، وذلك بعد فترة قضاها بعيدا عن الشاشات، علما أن الجمهور يعرف بن حصير من خلال عدة أدوار، بعضها درامي مثل مسلسل "المشوار"، وآخر كوميدي، وقد سبق لبن حصير أن تحدث مرارا وتكرارا عن عمله الأخير والمتوقف منذ فترة طويلة "سنوات الإشهار" مع عثمان عريوات، إلا أن بيونة شو، فسح المجال لمول الشاش كما يلقّب لأن يعود ويكون أحد الرابحين من الظهور في هذا الموسم التلفزيوني شديد المنافسة.
الحاج لخضر...الأطول عمرا! حافظ على جماهريته رغم كل شيء، وبرغم كل الانتقادات التي وُجّهت للعمارة في جزئها الجديد، ليكون لخضر بوخرص أطول الفنانين عمرا من خلال شخصية واحدة في الأعمال الكوميدية التي تم تقديمها على الشاشات في رمضان.."الحاج لخضر مول العمارة" في جزئها الأخير، حاولت تلمّس هموم الجزائريين السياسية، فشاهدنا حلقات عن الانتخابات وأخرى عن الفساد وثالثة عن الديمقراطية الانتقائية، علما أن الممثل الذي يقول بأنه لا يستهدف منطقة معينة ولا يتوجه إلى جمهور بحد ذاته، لكنه يقدم كوميديا وطنية شاملة، ما يزال حتى الآن متمسكا برأيه الذي يقول أن الجمهور يبحث عن الأصالة وليس عن "الشطيح والرديح" واستيراد الأفكار من الخارج.
جرنان القوسطو..الأكثر جرأة يمكن القول أنهم الأكثر جرأة هذه السنة، وهذا ليس فقط رأي من تابعوا برنامجهم اليومي بكثير من المديح، لكن حتى من انتقدوه وهدّدوا بمقاضاته كانوا يشاهدونه يوميا، فتحقق لهذا البرنامج صفة "الجامع بين المؤيدين والمعارضين"! جرنان القوسطو في موسمه الثاني أفضل بكثير من الموسم الأول، ببصمة فنية مدهشة من عبد القادر جريو، واختيار جيد للنصوص والشخصيات، وأداء تمثيلي مبهر رغم تفاوته بين فنان وآخر، نجح الفريق الكوميدي الذي راهنت عليه قناة "الجزائرية" في شدّ الانتباه خصوصا باستضافته عددا من الوزراء ورؤساء الأحزاب، وانتقادهم بصورة مباشرة، ناهيك عن رفع الكثير من الخطوط الحمراء حتى لا نقول جميع الخطوط الحمراء.
"حكاياتكم".. تقنية حديثة وإخراج متمكن نجح نسيم بومعيزة، المخرج الشاب في تثبيت اسمه ضمن أحسن المخرجين لرمضان 2013،.. التقنية الحديثة التي استعملها في تقديم حلقات سيتكوم "حكاياتكم" تنبئ بمخرج يتحدى الجميع، ويحاول تقديم صورة جميلة للمشاهدين، تكشف عن احترامه لهؤلاء مهما كان عددهم، وقد تبين أنهم كُثر من شاهدوا هذا السيتكوم على شاشة الشروق قبل رمضان وأثناءه أيضا.
"رانا حكمناك".. جملة "أنت فاشل" التي صنعت النجاح! لعلها قد تكون الكاميرا الخفية الأكثر جماهيرية في رمضان 2013، على المستوى المحلي، "رانا حكمناك" على قناة النهار، نجحت في استغلال الجملة الشهيرة التي قالها رضا سيتي 16، حين تباهى بأنه صافح مايكل جاكسون من أجل الترويج لبقية الشخصيات، وقد جاءت هذه الكاميرا الخفية بسيطة في فكرتها وأيضا في شكلها ولكن ذلك لم يمنع المشاهدين من متابعتها بشكل مستمر، رغم تفاوت الحلقات بين فنان وآخر وذلك أمر يبدو طبيعيا جدا.
رانيا سيروتي.. أسرار الماضي.. وسر النجاح! يعدّ المسلسل الدرامي الأكثر استقطابا للمشاهدين في هذا الشهر.. المخرج بشير سلامي يواصل تعاونه مع الفريق ذاته، في مقدمتهم الكاتبة فاطمة الزهراء لعجامي، والممثلة رانيا سيروتي.. هذه الأخيرة نجحت في أن تكون نجمة رمضان الأولى من خلال الدور الذي قامت بتقديمه بشكل ممتاز، ونافستها ريم تاكوشت رغم عدم رضاها عن الشخصية، وأيضا الممثلة آمال حيمر.
رضا لغواطي ينافس بجنونه مروان "الضرير"! تمكن الممثل رضا لغواطي من خلال دوره في مسلسل "أسرار الماضي" أن يثبت للجميع أنه الأفضل في رمضان هذه السنة، فالدور الذي تقمّصه جاء صعبا ومليئا بالانفعالات ومضطربا في ملامحه ومع ذلك استفاد رضا من خبرته المسرحية في إنجاح هذه الشخصية..يمكن القول أن رضا لم يجد منافسا قويا ما عدا الممثل الشاب مروان منيع الذي قدّم عبر مسلسل "نور الفجر" لعمر تريبش، دورا جديدا تماما عليه، وهو الشاب الضرير الذي يقاوم كل المصاعب ومتاعب الحياة، وقد تمكن مروان من نقل جميع أحاسيس هذه الشخصية للمشاهد باقتدار.
سليم آلك "يمنشر" في الساكتور! منافسة كبيرة شهدتها البرامج الكوميدية في رمضان، حيث برز سليم آلك في سلسلة "المنشار" باعتباره أحد الوجوه التلفزيونية التي تعوّد عليها الناس، ليس في رمضان وحسب وإنما أيضا في باقي أيام السنة.. سليم انتقل من رواية النكت التي اعتقد البعض أنها ملعبه الوحيد للتقديم التلفزيوني المختلط بالسكاتش وأيضا التقليد رفقة فريق عمل شاب نجح في ضمان تكوينه على الطريق الصحيح.. ويضاف إلى سليم على الشاشة، ابن مدينته "عبد القادر الساكتور" الذي ظهر في سلسلة سكاتشات سجلها بمسقط رأسه في الغزوات، ونجح إلى حد ما في تقديم البرنامج رغم أن الجزء الأول منه والمتعلق بتمثيل وتجسيد الشخصيات في النكت التي يرويها لم يكن بالمستوى المتوقع.
مينة لشطر..الزهر مكانش مع كاميليا! نضعها في خانة الناجحين في رمضان بتحفظ شديد..فمشكلة مينة لشطر أنها ممثلة تحمل جميع تفاصيل وملامح شخصيتها إلى كل عمل تقوم به، دون تفريق أو بذل أي جهد في الفصل ما بين كل شخصية وأخرى..ربما ظهورها في أكثر من عمل هذه السنة، كان نقطة ليست في صالحها حتى نقول ضدها.. لكن مينة لشطر في سيتكوم "الزهر مكانش" أنقذها من فشل ذريع في سلسلة "كاميليا"، مع نجاح متوسط لسلسلة "جارتي" التي شاركت فيها عددا من الممثلات.
كمال بوعكاز..دون عقدة أمام الشاشة نجح في الظهور عبر أكثر من عمل، دون أن يعطينا إحساسا واحدا أنه يكرر نفسه..كمال بوعكاز تمكن من تقديم نفسه كأحد أفضل الممثلين في الكوميديا حاليا عبر "عمارة الحاج لخضر" و"حكاياتكم" وبدرجة أقل "ديدين ملك الهامبورغر"..كمال فنان يمتلك جميع أدواته، ومتحرر من أي عقدة أمام الشاشة، وشخصياته مستمدة من الواقع الذي يراه ويعيشه، بل ان كثيرا منها مثل شخصية سعيد القبايلي في العمارة، هي شخصية حقيقية، يرفعها كمال من ذاكرته ساعة يحتاجها من أجل تقديمها على الشاشة مرفقة بتوابل خاصة، لا يملكها إلا كمال بوعكاز.
الجديد حبوّ..في رمضان! يمكن القول أن رمضان 2013، حمل معه الكثير من الوجوه الجديدة للشاشة، والتي حققت نسبة مشاهدة معقولة كما أظهرت أنها تحمل في جعبتها الكثير من الآمال للفن الجزائري..بين هؤلاء سهيلة معلم، ونوال زميت، وأمين دلال، وجميعهم ظهروا في دار البهجة وحققوا نجاحا ملحوظا، زيادة على الوجوه الجديدة في مسلسل "أسرار الماضي" أبرزهم كاميليا دريسي، سارة علامة، زهير خميري، شفيق كلواز، محمد حلموش، ويزيد مسيكني.. وقد تحدثنا عن أدوارهم بالتفصيل في مقال سابق وقلنا بأنهم يحملون طاقة جديدة للدراما الجزائرية.. حتى يثبت العكس!
جعفر قاسم..غلطة الشاطر! من الصعب القول إنه كان الخاسر الأكبر..لأن المقياس الذي يستعمل في تقديم أعمال جعفر قاسم هو مقياس خاص، فالمسلسلات الناجحة التي صنعها لسنوات ووضعته في مرتبة متقدمة جدا بالمقارنة مع الآخرين، هي نفسها من تجعل النقد الموجه له يكون شديدا وقاسيا..ينطبق على جعفر المثل العربي الذي يقول"غلطة الشاطر بألف" وسيتكوم "دار البهجة" هذه السنة، لم يحقق جعفر قاسم وصديقه المنتج سيد أحمد ڤناوي من ورائه أي شيء يضاف لمسيرتهما..إلا إذا كانت هنالك حسابات أخرى للربح والخسارة، لا يعرفها الجمهور وتغيب عنا في هذا التوقيت بالتحديد!
فريدة صابونجي..الحايك العاصمي لا يكفي! وضمن "دار البهجة" دوما..كانت عودة الفنانة الكبيرة فريدة صابونجي أقل بكثير من قيمتها الفنية، لا بل إنها لم تقدم شيئا في العمل سوى بعض الجمل العابرة..وكأن فكرة دعوتها لم تخرج عن سياق "ضيف شرف" دون تأثير في الأحداث..لكن من يشاهد العمل برمته سيدرك أنه حتى بيونة لم تكن مؤثرة بشكل كبير، رغم أنها بطلة العمل، وبالتالي فلا لوم كبير على فريدة صابونجي ما عدا وخز التاريخ الفني العريق الذي تجره من خلفها ولا يمكن التساهل مع من يتحرش به.
صالح أوڤروت..مليار"آسف"! عندما تحدث عن رفضه الارتجالية في تقديم جزء رابع من "الجمعي فاميلي"، صدّقنا الرجل وصفقنا له طويلا، ولم نقف كثيرا عند محاولة البعض ربط الأمر بمطالبة صويلح مليار سنتيم من أجل الموافقة على العمل، لكن ظهوره في رمضان جاء عابرا وليس في مستوى ما ننتظره من ممثل قدم نفسه على رأس الكوميديا بشهادة الجمهور خلال سنوات سابقة..تجربة التنشيط في كوميديا فن، لم تضف شيئا لصالح أوڤروت وظهر البرنامج ضعيفا، ليس بسبب التقديم وحسب وإنما حتى على مستوى لجنة التحكيم..كما أن الدور الذي عاد به صالح في سلسلة "مكانش مشكل" لم يحمل جديدا ولم يكن مؤثرا أو ذو صدى جماهيري في مستوى ما تعوّد عليه هذا الممثل..ربما بسبب نقص الدعاية وحداثة نشأة القناة التي ظهر فيها، ولكن ذلك ليس شافعا بالقدر الذي يقنع الجمهور.
مصطفى..طبيب "غير هاك"! حين قرر التنازل عن شخصية "مصطفى غير هاك" وتطليق ملامحها في سيتكوم "قهوة ميمون" قلنا إن المغامرة خطيرة والواقع أنها مرت بأدنى الخسائر الممكنة، ولكنه قرر بعدها ارتداء ثوب لا يلائمه، متقمصا شخصية تتناقض تماما مع ما يتوقعه جمهوره منه..فجاء صالح البسي، أو الطبيب النفساني بمثابة أسوأ دور يقدمه مصطفى هيمون على الشاشة.
دار البوب..التمثيل ليس مسرحا للغناء! فكرة الانتقال من الغناء إلى التمثيل ليست جديدة، ولكنها في الوقت ذاته خطيرة جدا، ويجب أن تكون محسوبة العواقب والمآلات..وهي الفكرة التي لم يخطط لها جيدا "جميل غالي" نجم فريق جمعاوي أفريكا حين قرر الظهور على شاشة رمضان في سيتكوم "دار البوب"..حيث جاء دوره مشتتا رغم اجتهاده في تقديم كوميديا تعتمد على الموقف أكثر من سرد النكت أو الإضحاك بالقوة، لكن التجربة بدت ناقصة جدا، زادها أن جميل اعتمد على ممثلة لا تتوفر أيضا على عناصر الكوميديا المطلوبة، وجعلها بطلة معه، ونقصد هنا إيمان نوال التي بينت أنها مبدعة في الدراما، ولكنها غير موفقة مع الكوميديا...حتى إشعار آخر.